إذا كنت أم عاملة تحاول كل ما في استطاعتها لتحقيق التوازن بين حياتها المهنية والعائلية، فلا بدّ أنّه قيل لك "ألا يجب أن تتركي العمل وتركزي اهتمامك على طفلك؟"
هو سؤالٌ سمعته كثيراً مثله مثل الأسئلة التي طالت نواحٍ أخرى من قرارتي بما فيها ولادتي القيصرية، وفطام طفلي مبكراً، وغيرها من الأمور. في السابق، كان شعور الذنب يتآكلني، ولكنّي مع الوقت، تعلّمت ألّا أتأثر برأي أحد!
نعم، أنا أم يبدأ يومها عند الساعة الخامسة صباحاً وأحياناً عند الرابعة صباحاً، ولكن، هل هناك من يعرف ذلك؟! بالطّبع لا! أستيقظ قبل الجميع لأنهي قدر المستطاع من مهامي المنزلية قبل الإنطلاق إلى عملي؛ فأحضّر الطعام، ووجبة الفطور، أرتّب المنزل، وأعدّ أطفالي للذهاب إلى المدرسة، ليبقى لي 5 دقائق قبل التوجّه إلى مكان عملي.
وعندما أعود إلى المنزل، أعمال أخرى تنتظرني؛ فعليّ تسخين الطعام لأطفالي، تدريسهم، اللعب معهم، ومن ثمّ تحضيرهم للحمّام، ومن بعدها الخلود إلى النوم. ولكن، هل أنا من سأنام أيضاً؟! بالطّبع لا! فهناك كومة من الغسيل في انتظاري وكومة أخرى معلّقة على حبل الغسيل قد جفّت وعليّ توضيبها. هذا ما عدا الملابس التي تحتاج إلى الكي والصحون والأواني المتسخة التي لا يُمكن تركها في حوض الجلي من دون غسلها.
وأخيراً، أصبح بإمكاني الإهتمام قليلاً بنفسي قبل أن أمضي بعض الوقت مع زوجي ونتناقش في المواضيع المهمّة والأحداث التي مرّت على كلٍّ منّا خلال اليوم.
البعض يعتقد أنّ كل أم عاملة هي أم تهتم بنفسها أكثر من أولادها أو أنّ طموحها المهني هو ما يأتي في قائمة أولوياتها على حساب عائلتها، فيصفونها بـ"الأنانية". وما ينسونه هو أنّ الهدف من كلّ ما تقوم به هو تحقيق مستقبل أفضل لأطفالها، فهل العمل هو حكرٌ فقط على الرجال؟!
هناك ظروف حياتية قد تتطلّب من الزوج والزوجة العمل سوياً من أجل تأمين مستوى حياةٍ أفضل لأطفالهم، وهل من العدل أن يُقال لها: " ألا يجب أن تتركي العمل وتركزي اهتمامك على طفلك"، وهي من تتمنى ولو بإمكانها مشاهدة أطفالها يكبرون أمامها في كلّ دقيقة أو حتى ثانية تتنفّس فيها؟