تبدأ مشاعر الغيرة عند الأطفال غالبًا حين يدخل مولود جديد إلى العائلة. رغم فرحتكِ كأم بهذا الحدث السعيد، إلا أن طفلكِ الأكبر لا يراه بنفس العين. هو لا يفهم فكرة “أخ صغير”، بل يشعر فجأة أن عالمه تغيّر، وأنكِ لم تعودي له وحده كما كان يظن. لهذا السبب تظهر الغيرة، وتتجلى غالبًا في سلوكيات غير معتادة أو حتى تصرفات عدوانية. عندها يتحتّم عليكِ تعديل سلوكيّات طفلك!
عندما تُهملين هذه المشاعر، يتعزز شعوره بأنه فقد مكانه في قلبك. وهنا، لا يعود الأمر مجرد غيرة مؤقتة، بل يتحوّل إلى أزمة نفسية تؤثر في ثقته بك وبنفسه. من المهم أن تدركي حجم التغيير الذي يمر به طفلكِ، وتواجهيه بحب ووعي، لا بتوبيخ أو تجاهل.
لماذا يغار الطفل من أخيه الجديد؟
يغار طفلكِ لأن الروتين الذي اعتاده اختفى فجأة. كنتِ تلعبين معه، تضحكين له، تقرئين له قبل النوم، والآن أصبحتِ مشغولة بإرضاع المولود، أو تهدئته، أو تغيير حفاضه. يشعر أن الاهتمام الذي كان مخصصًا له فقط، لم يعد موجودًا. بل يشعر أحيانًا أن هذا “الدخيل الصغير” سرقكِ منه.

يتساءل داخليًا: “لماذا لا تحضنني أمي مثل قبل؟ لماذا لا تنظر إليّ عندما أبكي؟ لماذا تلعب فقط مع أخي؟”. هذه الأسئلة لا يقولها، لكنه يُعبّر عنها بالبكاء الزائد، أو العناد، أو محاولة لفت الانتباه بأي طريقة ممكنة.
كيف تلاحظين علامات الغيرة؟
تظهر الغيرة بأشكال مختلفة، حسب شخصية طفلكِ. أحيانًا يرفض التقرّب من المولود الجديد. وأحيانًا يطلب أن ينام في حضنك مثل أخيه. قد يرجع فجأة للتبول اللاإرادي، أو يبدأ بالبكاء بدون سبب واضح. بعض الأطفال يتصرفون بعدوانية، فيقرصون أخاهم أو يحاولون ضربه، فقط ليعبّروا عن مشاعرهم المكبوتة.
العلامة الأهم؟ يصبح طفلكِ حساسًا لأي تصرف بسيط منكِ. إذا ضحكتِ مع المولود، يغضب. إذا حملتِه، يركض ليجلس في حضنك فورًا. هو لا يكره أخاه، لكنه يشتاق لكِ ويريدكِ أن تنتبهي لوجوده.
ما هي الأخطاء التي تزيد من غيرة الطفل؟
حين تظنين أن طفلكِ “يكبر ويستوعب”، وتقارنينه بأخيه، تؤذينه من دون أن تقصدي. قولكِ مثلًا: “أخوكِ أجمل منكِ”، أو “أنظر أخوكِ كيف هو هادئ”، يحرجه ويدفعه للغيرة أكثر.
كذلك، إن تجاهلتِ مشاعره أو انشغلتِ تمامًا بالمولود دون أن تفسّري له ما يحصل، سيبني في داخله قناعة أنكِ تفضلين أخاه. الطفل لا يفهم المنطق، بل يفسّر كل شيء من خلال شعوره. لذا، احذري من التقليل من معاناته.
كيف تتعاملين مع الغيرة بحب ووعي؟
أول خطوة: احتضني طفلكِ. لا تكتفي بالاهتمام الجسدي، بل خصّصي له وقتًا يوميًا، ولو 20 دقيقة، بدون أن يقاطعكما أحد. لا تنظّفي، لا تطبخي، فقط اجلسي معه، انظري في عينيه، واسأليه: “ما هو إحساسك؟ هل اشتقت لي؟”.
ثانيًا، أشركيه في رعاية المولود. قولي له: “ماما ما رأيك أن تساعدني في جلب الحفاضات؟”، أو “هل تحبّ أن تمسك زجاجة الحليب قليلًا؟”. بهذه الطريقة، يشعر أنه مهم، وله دور.
ثالثًا، اشرحي له بلغة بسيطة أن المولود يحتاج لعناية لأنه صغير، لكن حبكِ له لم ولن يتغيّر. قولي له: “أنا أحبّك بنفس الطريقة التي أحببتك بها قبل أن يأتي أخوك”.
رابعًا، لا تنسي أن تمدحيه أمام الآخرين. قولي لأهلكِ أمامه: “هل رأيتم كيف يساعدني ابني؟ هو بطل!”. هذه الكلمات البسيطة تزرع بداخله ثقة كبيرة.
هل تنتهي الغيرة تمامًا؟
الغيرة لا تختفي تمامًا، بل تخفّ تدريجيًا عندما يشعر طفلكِ بالأمان. قد يعود للتصرفات الغريبة أحيانًا، لكن إن استمررتِ في دعمه، سيتخطى هذه المرحلة بسلام. الأهم أن تبقي قريبة منه، جسديًا وعاطفيًا. لا تتوقفي عن احتضانه، حتى لو كان كبيرًا. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أمور تتغيّر بعد ولادة طفلك الثاني.