لما ياسين لما ياسين 25-04-2025
"أشعر بالذنب كأم".. لماذا يحدث ذلك؟ وكيف تتجاوزينه؟

أشعر بالذنب كأم! هذا الإحساس يظهر بسرعة، حتى من دون مبرّر واضح. أحيانًا يكفي أن تتأخري دقائق عن العودة إلى المنزل، أو أن تفقدي أعصابك للحظة، حتى يبدأ صوت داخلي يقول لكِ: “قصّرتِ بحقّ أولادكِ”. نعم، هذه عبارة تكرّرها ملايين الأمهات كل يوم، رغم أن معظمهنّ يبذلن جهدًا هائلًا للحفاظ على توازن عائلي دافئ.

ias

في هذا المقال، سنكشف لماذا تشعرين بعقدة الذنب، وما الذي يزيده، ثم نعرض خطوات واضحة تساعدكِ على تجاوزه بثقة. سنبدأ من الناحية النفسية، ثم ننتقل إلى العوامل الاجتماعية، وبعدها نشرح كيف يؤثر الذنب المزمن على صحتكِ. أخيرًا، نقدم خطة بسيطة تخلصك من هذه الدوامة، وتمنحكِ راحة داخلية تستحقينها.

الشعور بالذنب كأم

بحسب علم النفس، الذنب هو شعور ينتج عن إحساس الشخص بأنه خالف قناعته الأخلاقية أو فشل في أداء دوره كما يجب. عند الأم، هذا الشعور يتضخّم لأنه مرتبط بأهم دور في حياتها: الأمومة. لذلك، حتى التصرفات الصغيرة يمكن أن تولّد مشاعر كبيرة.

امرأة حزينة مع طفلها
شعور الأم بالذنب

تشير دراسة من Journal of Child and Family Studies (2017) إلى أن 71% من الأمهات يشعرن بالذنب باستمرار خلال أول خمس سنوات من حياة الطفل. السبب؟ المعايير المرتفعة التي تضعها الأم لنفسها. فكل أم تريد أن تكون الأفضل، وتخاف أن تؤثر أي زلّة على نفسية طفلها.

هرمونات ما بعد الولادة تغيّر نظرتكِ

بعد الولادة، تتغيّر كيمياء الدماغ عند الأم. يبدأ دماغها بإفراز نسب أعلى من هرمون “الأوكسيتوسين”، المعروف بهرمون الارتباط. هذا الهرمون يزيد من حساسيتكِ تجاه طفلكِ، ويجعلكِ أكثر انتباهًا لكل تصرّف تقومين به معه.

أيضًا، يرتفع مستوى “الكورتيزول” خلال مراحل الأمومة الأولى، وهو هرمون التوتّر. هذا التفاعل الهرموني قد يفسّر لماذا تشعرين بتأنيب الضمير حتى في أبسط المواقف، مثل إعطاء طفلكِ هاتفًا لتهدئته أو الانشغال عنه لساعة واحدة. ما يولّد لديك المبالغة في تقديم الاعتذار.

الضغط المجتمعي يحمّلكِ أكثر من طاقتكِ

يكرّس المجتمع صورة مثالية للأم: لا تشتكي، ولا تتعب، ودائمًا صبورة، ودائمًا حاضرة. هذه الصورة غير واقعية. ولكن مع وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت هذه الصورة أقوى، وأصبحت المقارنات أكثر قسوة.

حين تشاهدين أمًّا تنشر صورًا لأطفالها المرتبين، أو تتحدث عن يومها المثالي، تشعرين أنكِ لستِ كافية. ولكن ما لا يظهر في تلك الصور هو التعب، أو الشعور بالتوتر، أو الدموع في نهاية يوم مرهق. هذه المقارنات تجعلكِ تشعرين بالذنب بلا داعٍ حقيقي.

الذنب المزمن يهدّد صحتكِ النفسية

إذا استمرّ هذا الإحساس لفترات طويلة، يتحوّل إلى خطر صامت. أظهرت دراسة نُشرت في Clinical Psychological Science (2020) أن الأمهات اللواتي يعانين من الشعور المزمن بالذنب هنَّ أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة تصل إلى 60%.

امرأة حزينة مع طفلتها
تأثير الشعور بالذنب على الصحة النفسية

أيضًا، تؤكّد دراسات أخرى أن الذنب المرتبط بالأمومة يمكن أن يؤدّي إلى اضطرابات النوم، ونوبات قلق، وإرهاق نفسي. هذا الإرهاق يؤثر على طريقة تفاعلكِ مع طفلك، ويؤثر على حياتكِ العائلية.

خطوات علمية للخروج من هذا الشعور

  1. اعترفي بمشاعركِ بصد: قولي لنفسكِ: “أشعر بالذنب كأم، لكني لستُ فاشلة”. الاعتراف بالمشاعر هو أول خطوة للشفاء.
  2. دوّني لحظاتك اليومي: اكتبي كل مساء تصرفًا جيدًا فعلته خلال اليوم. هذه العادة تقوّي الشعور الإيجابي وتعيد التوازن.
  3. قلّلي المقارنا: تذكّري أن كل عائلة مختلفة. لا تقارني نفسكِ بالأمهات اللواتي ترينهنّ على الإنترنت.
  4. تحدثي مع أمهات مثلك: شاركي مشاعركِ مع صديقة أو مجموعة دعم. التحدث عن الذنب يخفف من حدته.
  5. احصلي على استشارة نفسية إذا لزم الأم: يُعتبَر العلاج السلوكي المعرفي (CBT) فعال جدًا في معالجة الشعور المفرط بالذنب. يساعدكِ الخضوع للجلسات على إعادة صياغة أفكاركِ بشكل صحي.

دور الأب في التخفيف من هذا الحمل

في كثير من الأحيان، تحمل الأم كل الأعباء بينما الأب يبقى على الهامش. هذا يزيد من الضغط النفسي ويزيد من الشعور بالتقصير. ولكن عند توزيع المهام، تشعرين بالدعم، ويقلّ التوتر.

أكّدي على أهمية التعاون الأسري. الطفل بحاجة إلى والدين متشاركين، لا إلى أمّ فقط تنهار بصمت.

طفلة حزينة ووالدتها تعانقها
دور الأب في تخفيف شعور الأم بالذنب

الأمومة ليست سباقًا نحو الكمال

الأمومة تجربة مليئة بالعواطف المتضاربة: حب، وتعب، وفرح، وتأنيب ضمير. لا أحد يستطيع أن يكون مثاليًا طوال الوقت. ولكن ما يهم هو الوعي، والرغبة في التحسّن، والتعلّم من الأخطاء.

طفلكِ لا يحتاج إلى أمّ خارقة، بل إلى أمّ حقيقية، تحب، وتخطئ، وتعتذر. الأم الصادقة أقرب إلى قلب طفلها من أي صورة مثالية.

أشعر بالذنب كأم.. هذه الجملة لا تعني أنكِ سيئة، بل أنكِ تحبّين بصدق. ولكن الحب لا يكون في جلد الذات، بل في قبول الذات، وفي السعي المستمر للتوازن. كل يوم هو فرصة جديدة لتكوني أقرب إلى طفلكِ، وأقرب إلى نفسكِ أيضًا. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أسرار التربية السيئة.

وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الذنب شعور طبيعي لكنه لا يجب أن يتحوّل إلى سجن داخلي. كل أم تمرّ بلحظات شكّ، ولكن المهم هو أن تعرف قيمتها الحقيقية، وأن تفهم أن حبها يكفي. لا تتركي شعور الذنب يسرق منكِ أجمل لحظات الأمومة. سامحي نفسكِ، امنحيها دفئًا، وابدئي من جديد كل يوم. لأنكِ تستحقين أن تعيشي أمومتكِ بسلام وفرح.

الأمومة والطفل الذنب الشعور بالذنب تربية الأطفال تربية الطفل نصائح الأم والطفل نصائح تربوية

مقالات ذات صلة

طفلة صغيرة تنظر ببراءة
مراحل نمو الطفل الجسدية العاده السريه عند الاطفال​: حالة تصيب الأمّهات بالهلع وحيرة في التصرّف!
مشكلة تشغل بال الأمهات
بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
الأم والطفل بالفيديو، أنا أم لصبيان فقط وتعبت جدًا من سماع هذه الأمور
هل تعانين من هذه المشاكل؟
امرأة تشرح للطبيبة ألم المعدة
اعراض الحمل هل الم المعدة من اعراض الحمل​: إليكِ الأعراض الأقلّ شيوعًا للحمل!
أعراض الحمل الأقلّ شيوعًا
طفلة مريضة في الفراش
صحة الطفل اعراض العفنه عند الطفل​: مرض خطير لا تعرف معظم الأمّهات عنه!
مشاكل خطيرة غير شائعة
امرأة حامل في حقل القمح
الجنين كثرة حركة الجنين في الشهر السادس​: كلّ ما ترغبين في معرفته عن هذا الشهر من الحمل!
كل ما تريدين أن تعرفيه
عصفر في وعاء
الحمل هل العصفر مضر للحامل​: بين الفوائد والأضرار من الغالب؟
كل ما تريدين أن تعرفيه
طبيب يحمل مجسم الجهاز التناسلي الأنثوي
صحة الحامل سدادة الرحم كيف شكلها: إليكِ علامات نزولها!
قلق شهور الحمل الأخيرة
طفلة تعاني من السعال
صحة الطفل علاج الخناق عند الأطفال بالاعشاب​: مرض خطير يهدّد حياة طفلكِ!
كل ما تريدين معرفته
طفلة تقيس طولها
صحة الطفل حساب كتلة الجسم للاطفال​: كيف تعرفين وزن طفلكِ الطّبيعي!
كل ما يهمك عن صحة طفلك
3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
الأمومة والطفل 3 مفاتيح ذهبية تجعل طفلك يعيش حياة سعيدة!
تضمن لكِ تربية طفل واثق وسعيدة!
تأخر التبويض
التبويض التبويض المتأخر متى يبان الحمل​
كل ما تريدين معرفته
امرأة حامل تنظر إلى بطنها
الأسبوع الخامس عشر هل يتحرك الجنين في الأسبوع 15​: معلومات تعرفينها لأوّل مرّة!
تطورات الحمل الأسبوعية

تابعينا على