ما هو الاحتراق النفسي ؟ إنها حال من الإنهاك العاطفي والجسدي والعقلي تحدث نتيجة التعرض المستمرّ لضغوط العمل أو الحياة من دون وجود فترات راحة كافية. تؤثّر هذه الظاهرة بشكلٍ كبيرٍ على الأداء الوظيفي والصحة النفسية، وقد تؤدي إلى فقدان الشغف والشعور بعدم القدرة على الاستمرار.
في هذا المقال، سنناقش بالتفصيل مفهوم ما هو الاحتراق النفسي ونوضح الفرق بينه وبين الضغط النفسي العادي. بعد ذلك، سنستعرض طرق التخلص منه وأهم الاستراتيجيات العلمية التي تساعدكِ على استعادة توازنكِ النفسي والعاطفي.
ماذا يعني الاحتراق النفسي؟
تعاني المرأة العاملة والأم في كثير من الأحيان من استنزاف نفسي شديد نتيجة الضغوط المتراكمة. لكن ما هو الاحتراق النفسي ؟ ببساطة، هي حال من الإجهاد المزمن التي تؤدي إلى الشعور بالتعب والإرهاق الذهني والعاطفي. ممّا يجعل الشخص غير قادر على التعامل مع متطلبات الحياة اليومية.

أبرز عوارض الاحتراق النفسي
- الإرهاق الجسدي والعاطفي: الشعور بالتعب الدائم حتى بعد الراحة.
- فقدان الدافع والحماس: الشعور بعدم الجدوى أو فقدان الاهتمام بالعمل أو الحياة الاجتماعية.
- التشاؤم المستمر: الإحساس بالإحباط وعدم القدرة على التفكير بإيجابية.
- العزلة الاجتماعية: الابتعاد عن الأصدقاء والعائلة بسبب الإرهاق الذهني.
- اضطرابات النوم: صعوبة في النوم أو الاستيقاظ المستمرّ أثناء الليل.
تشير الدراسات الحديثة إلى أن الاحتراق النفسي يؤثر على الصحة الجسدية والعقلية، إذ يرتبط بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب الحاد وأمراض القلب واضطرابات الجهاز الهضمي. لذلك، من الضروري الانتباه إلى العوارض ومعالجتها قبل أن تتفاقم.
ما هو الفرق بين الضغط النفسي والاحتراق النفسي؟
ما هو الاحتراق النفسي وما الفرق بينه وبين الضغط النفسي؟ كثيرًا ما يتم الخلط بين الضغط النفسي والاحتراق النفسي. لكنّ الفرق بينهما جوهري من حيث التأثير وطريقة التعامل معهما.

1. الضغط النفسي (Stress)
يحدث الضغط النفسي عندما يتعرض الشخص لمواقف تسبب توترًا مؤقتًا، لكنه يظل قادرًا على التعامل معها. عند انتهاء السبب، يختفي الضغط عادةً، ويستعيد الشخص طاقته العاطفية والجسدية.
2. الاحتراق النفسي (Burnout)
على عكس الضغط النفسي، فإن الاحتراق النفسي هي حال مزمنة من الإرهاق تستمر لفترات طويلة من دون الشعور بأيّ تحسن. حتى بعد انتهاء السبب، تظل المشاعر السلبية موجودة، ممّا يؤدي إلى فقدان الشغف والقدرة على الإنتاجية.
كيف يمكن التمييز بينهما؟
العامل | الضغط النفسي | الاحتراق النفسي |
---|---|---|
التأثير العاطفي | توتر مؤقت | إرهاق دائم وفقدان الحافز |
التأثير الجسدي | زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع التوتر | تعب مستمر ومشاكل في الجهاز المناعي |
الإنتاجية | يمكن أن تزداد لفترة قصيرة | تنخفض تدريجيًا حتى تصل إلى مرحلة الانهيار |
التعامل معه | يمكن التخلص منه بالحصول على الراحة والاسترخاء | يحتاج إلى استراتيجيات طويلة المدى لاستعادة التوازن |
بالتالي، بينما يمكن السيطرة على الضغط النفسي عن طريق إدارة التوتر، فإن الاحتراق النفسي يتطلب تدخلات أعمق لإعادة التوازن النفسي والعاطفي.
كيف تتخلصين من الاحتراق النفسي؟
بعد أن فهمنا ما هو الاحتراق النفسي وتأثيره، من الضروري البحث عن طرق فعالة للتعامل معه قبل أن يتفاقم. لحسن الحظ، هناك العديد من الأساليب العلمية التي تساعد على تخفيف الاحتراق النفسي وإعادة الشعور بالحيوية.

1. تحديد الأسباب الحقيقية
من المهم أن تسألي نفسكِ: ما الذي يسبب هذا الاحتراق؟ هل هو ضغط العمل؟ أم المسؤوليات العائلية؟ أم قلة الوقت لنفسكِ؟ بمجرد تحديد السبب، يمكنكِ اتخاذ خطوات عملية لمعالجته.
2. إعادة ترتيب الأولويات
قد تكونين معتادة على وضع احتياجات الآخرين قبل احتياجاتكِ، لكن هذا قد يكون سببًا أساسيًا في شعوركِ بالإرهاق. حاولي تخصيص وقت لنفسكِ يوميًا حتى لو كان ذلك لمدة قصيرة.
3. ممارسة تقنيات الاسترخاء
تشير الدراسات إلى أنّ ممارسة تقنيات مثل التأمل، والتنفس العميق، وممارسة اليوغا تساهم في تقليل الشعور بالتوتّر وتحسين الصحة النفسية. حتى بضع دقائق يوميًا قد تحدث فرقًا كبيرًا.
4. تبني أسلوب حياة صحي
- احرصي على تناول غذاء متوازن يحتوي الفيتامينات والمعادن الأساسية.
- مارسي الرياضة بانتظام، فهي تحفز إفراز الهرمونات المسؤولة عن تحسين المزاج.
- حافظي على ساعات نوم كافية، لأن قلة النوم تزيد من الاحتراق النفسي.
5. تعزيز الدعم الاجتماعي
إنّ التحدث مع صديقة مقربة أو مستشارة نفسية قد يساعدكِ على التعبير عن مشاعركِ وفهمها بشكل أفضل. لا تخجلي من طلب الدعم عند الحاجة، فالحديث عن المشكلة قد يكون أول خطوة لحلّها.
6. تعلم قول “لا”
قد يكون أحد أكبر أسباب الاحتراق النفسي هو قبول الكثير من الالتزامات دفعة واحدة. تعلمي وضع حدود واضحة حتى لا تتحملي مسؤوليات تفوق قدرتكِ.
7. البحث عن مساعدة احترافية عند الحاجة
إذا استمر الشعور بالإرهاق رغم كل المحاولات، فقد يكون من المفيد استشارة طبيب نفسي متخصص. العلاج السلوكي المعرفي، على سبيل المثال، يمكن أن يساعدكِ في إعادة بناء نمط حياتكِ بطريقة صحية.
الاحتراق النفسي ليس مجرد إرهاق عابر، بل هي حال يجب التعامل معها بجدية حتى لا تؤثّر على جودة حياتكِ. عندما تدركين ما هو الاحتراق النفسي وأسبابه، يصبح من الأسهل عليكِ اتخاذ الخطوات الصحيحة للتعامل معه. إنّ تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية، والعناية بالصحة الجسدية والعاطفية، ووضع الحدود المناسبة، جميعها أمور ضرورية لمنع الاحتراق النفسي من السيطرة على حياتكِ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن اثر الكلام الجارح في النفس.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن الاحتراق النفسي أصبح مشكلة منتشرة في العصر الحديث، خاصّةً بين النساء اللواتي يتحمّلنَ ضغوطًا مضاعفة في العمل والحياة العائلية. من الضروري أن تمنحي نفسكِ الحق في الراحة من دون الشعور بالذنب، فالعناية بصحتكِ النفسية ليست رفاهية، بل ضرورة لضمان حياة متوازنة ومستقرة. عندما تتعلمين الاستماع إلى احتياجاتكِ الداخلية وتلبينها، ستشعرين بتحسن كبير في طاقتكِ وإنتاجيتكِ وسعادتكِ العامة.