طفلكِ لا يتصرّف بعشوائية أو عناد متعمّد، بل إن دماغه ما زال في طور النمو والتعلّم. أحيانًا، قد تجدينه يعاني في ضبط مشاعره أو الاستجابة بشكل منطقي لمواقف معينة، وهذا أمر طبيعي تمامًا. كل تجربة يخوضها وكل تفاعل يمرّ به، يترك أثرًا في تكوين شبكاته العصبية، ممّا يساعده على التطور العاطفي والسلوكي.
عندما تفهمين كيف يعمل دماغ طفلكِ، ستتمكنين من دعمه بطريقة صحيحة من دون الشعور بالتوتر والقلق أو الإحباط. إليكِ خمسة عناصر أساسية تؤدّي دورًا كبيرًا في نمو عقله وتطوره العاطفي والسلوكي.
1. المشاعر تأتي أولًا
طفلكِ يشعر قبل أن يفهم، وهذا يعود إلى نشاط الدماغ العاطفي القوي لديه، مقابل عدم نضوج الجزء المسؤول عن ضبط المشاعر (القشرة الجبهية الأمامية). عندما يبكي أو يثور، فهو لا يحاول التلاعب بكِ، بل يعيش مشاعر كبيرة لا يعرف كيف يتحكم بها. هنا، يأتي دوركِ في تهدئته وتوجيهه لفهم مشاعره بدلًا من عقابه أو مطالبته بالكبت.
2. نضج الدماغ يستغرق وقتًا
إنّ القسم المسؤول عن التحكم بالعواطف والسلوكيات يحتاج لسنوات حتى يتطور بالكامل، أحيانًا حتى عمر السابعة أو أكثر! لهذا، لا تتوقعي منه أن يتحلى بالصبر أو يتحكم بغضبه كما يفعل الكبار. ساعديه من خلال خلق بيئة صبورة وآمنة تتيح له التعلم تدريجيًا من دون الشعور بالضغط أو الإحباط.
3. ضبط النفس مهارة مكتسبة
لا يُولد الأطفال وهم يعرفون كيف يهدّئون أنفسهم أو يديرون نوبات غضبهم. إنهم يحتاجون إلى نماذج يتعلمون منها. عندما يراكِ تتعاملين مع التوتر بهدوء أو تعبّرين عن مشاعركِ بأسلوب إيجابي، فإنهم يتعلمون ذلك منكِ. لذا، استخدمي كلمات بسيطة لوصف مشاعرهم وساعديهم على إيجاد طرق للتعبير عنها مثل التنفس العميق أو الرسم أو الحركة.
4. التكرار هو المفتاح
طفلكِ لا ينسى عمدًا القواعد أو يتجاهل التوجيهات، بل يحتاج إلى تكرار التجربة مرات عديدة حتى يتمكن من استيعابها وتطبيقها تلقائيًا. لذلك، كوني صبورة وكرري التعليمات بهدوء ولطف. تجنبي التوبيخ القاسي، بل ركّزي على التذكير الإيجابي لأن الاستمرارية والتكرار هما أساس التعلّم.
5. النوم والبيئة يؤثران على نمو الدماغ
لا تقلّلي من أهمية النوم الجيد والبيئة الهادئة في دعم نمو طفلكِ العقلي. النوم المنتظم والعميق يساعد دماغه على معالجة التجارب والمعلومات، بينما يؤثر التوتر والبيئة غير المستقرة سلبًا على تطوره. لذا السبب، احرصي على توفير روتين يومي مريح، وعلاقات مليئة بالحب والطمأنينة، لأن هذه العوامل تساهم في تقوية شبكاته العصبية وتعزز شعوره بالأمان.
أخيرًا، نمو دماغ طفلكِ ليس مجرد عملية تلقائية، بل يحتاج إلى دعمكِ المستمر وتفهمكِ لصعوباته العاطفية والسلوكية. عندما تستوعبين أن بعض التصرفات ليست تمردًا بل جزءًا طبيعيًا من التطور، ستتعاملين معه بطريقة أكثر وعيًا ولطفًا. كوني صبورة، وقدّمي له بيئة داعمة تجعله يشعر بالأمان ليكتسب المهارات التي يحتاجها في حياته. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ أنّ ٩ دقائق ذهبية تجعلكِ أمًّا مثالية في نظر طفلك!