إنّ نوم الطفل على البطن هو موضوع يشغل بال الكثير من الأمهات، خصوصًا في الشهور الأولى من عمر الرضيع. في حين أنّهنَّ يسعينَ جاهداتٍ لضمان راحة أطفالهنَّ أثناء النوم، فإنّ هناك بعض الوضعيّات التي قد تكون مريحة لكنها تحمل في طياتها مخاطر صحيّة يجب الانتباه إليها. وبالنسبة للأطفال الرضَّع، تُعدّ هذه الوضعيّة واحدة من تلك الوضعيات التي أثارت جدلًا واسعًا بين الأطباء والخبراء. فهل هي أفضل وضعية لنوم الرضيع أم العكس؟
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل المخاطر الصحيّة المرتبطة بنوم الطفل على بطنه، وسنستعرض الظروف التي قد تجعل هذه الوضعية أكثر أمانًا. بالإضافة إلى ذلك، سنتحدث عن السمات الشخصيّة التي قد تتطوّر لدى الطفل الذي يفضل النوم على بطنه، وكيفية تعامل الأهل مع هذه العادة بشكل آمن.
مخاطر نوم الطفل على بطنه
يرتبط نوم الطفل على البطن بالعديد من المخاطر الصحيّة التي يجب أن تكون كلّ أمّ على درايةٍ بها لتجنّب أيّ عواقب وخيمة، لذا سنكشف لكِ عن أكثرها شيوعًا في ما يلي:
خطر متلازمة الموت المفاجئ للرضع (SIDS)
تُعَدّ متلازمة الموت المفاجئ للرضع واحدة من أخطر المشاكل المرتبطة بنوم الطفل على بطنه. وفقًا للعديد من الدراسات العلمية، تزداد فرص حدوث هذه المتلازمة عندما ينام الطفل في هذه الوضعية، وذلك بسبب الضغط على مجرى التنفس الذي قد يعيق مرور الهواء بسلاسة إلى الرئتين. فالأطفال في الشهور الأولى يكونون غير قادرين على تحريك رؤوسهم بشكلٍ كافٍ لتفادي هذا الضغط، ممّا يزيد من احتماليّة الاختناق أو تراكم ثاني أكسيد الكربون. وهذا ما أكّده موقع Kids Health في مقالة نُشِرَت عبره عام 2022 تحت عنوان “Sudden Infant Death Syndrome (SIDS)“.
صعوبة التنفس وزيادة خطر الاختناق
عندما ينام الطفل على بطنه، يمكن أن يؤدي ذلك إلى انسداد في مجرى التنفس، خاصة إذا كانت هناك وسادة أو بطانية قريبة من وجهه. كما أنّ هذه الوضعيّة قد تزيد من تراكم الإفرازات المخاطيّة في الأنف والفم، ما يزيد من صعوبة التنفس ويجعل الطفل عرضةً للاختناق. لهذا السبب، ينصح الأطباء دائمًا بضرورة تجنب ترك الأطفال ينامون في هذه الوضعية بدون إشرافٍ مستمرّ.
تشوهات الرأس
وفقًا لموقع HealthyChildren.org في مقالة “When a Baby’s Head is Misshapen: Positional Skull Deformities” التي نُشِرَت عبره عام 2022، إنّ النوم على البطن لفترات طويلة قد يؤدي إلى تغيرات في شكل رأس الطفل. فالضغط المستمرّ على منطقة محدّدة من الرأس يمكن أن يؤثّر على نمو عظام الجمجمة بشكلٍ طبيعي، مما يؤدي إلى تشوهات غير مرغوبة في شكلها. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
ارتفاع درجة حرارة الجسم
بسبب التلامس المباشر للبطن مع الفراش، قد يؤدّي نوم الطفل على بطنه إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم الطبيعيّة لديه بشكلٍ مُقلِق. وهذا ما قد يؤثّر سلبًا على الجهاز العصبي لديه، ويزيد من احتمالية حدوث مضاعفات صحيّة.
متى يكون نوم الطفل على بطنه آمنًا؟
على الرغم من المخاطر المتعدّدة المرتبطة بعادة نوم الطفل على البطن ، إلّا أنّه في بعض الحالات يمكن أن يكون آمنًا إذا تمّ اتباع إرشادات معيّنة، سنعرض لكِ أبرزها في ما يلي:
مراقبة دقيقة من الأهل
إذا قرّرت الأمّ السماح لطفلها بالنوم على بطنه، فيجب أن تكون هناك مراقبة دقيقة على مدار الساعة. يجب التأكّد من أنّه لا يواجه أيّ صعوبات في التنفّس، وأنّ بيئته المحيطة آمنة تمامًا. كما ينبغي إزالة أيّ عناصر مثل الوسائد أو البطانيّات التي قد تعيق تنفّسه أو تؤدّي إلى اختناقه.
بعد الشهر السادس
بحسب الأكاديميّة الأمريكيّة لطبّ الأطفال، يصبح نوم الطفل على بطنه أكثر أمانًا بعد بلوغه الشهر السادس من العمر، حينما يصبح قادرًا على تحريك جسمه وتقليبه بنفسه من وضعيّة النوم على الظهر إلى البطن والعكس. في هذه المرحلة، يمكن السماح له بالنوم على بطنه بدون خوف كبير من المخاطر الصحيّة.
الأطفال الذين يعانون من مشاكل هضميّة
في بعض الحالات الخاصّة، مثل وجود مشاكل هضميّة كالغازات أو الانتفاخ، قد يفضّل الطفل النوم على بطنه لأنّه يشعر بالراحة. فاتّخاذ هذه الوضعية يساعد في تخفيف الضغط على الجهاز الهضمي، لكن يجب أن يتمّ ذلك تحت إشرافٍ دقيقٍ من الأهل لتجنّب مواجهة أيّ مخاطر.
شخصية الطفل الذي ينام على بطنه
على ماذا يدلّ نوم الطفل على البطن من الناحية النفسيّة؟ لا يؤثّر النوم على البطن فقط على صحّة الطفل الجسديّة، بل قد يكون له تأثير على شخصيّته وسلوكياته وعدّة جوانب أخرى سنكشف لكِ عنها في ما يلي:
الاستقلاليّة والقوّة الشخصيّة
يُظهِر العديد من الأطفال الذين يفضّلون النوم على بطنهم علامات على الاستقلاليّة في وقتٍ مبكر. فهذه الوضعية قد تمنحهم شعورًا بالسيطرة على أجسادهم، ممّا يساهم في تطوير ثقتهم بأنفسهم واستقلاليّتهم. لذا، إنّ الأطفال الذين ينامون بهذه الطريقة قد يصبحون أكثر اعتمادًا على أنفسهم في مراحل مبكرة من النمو.
النشاط الجسدي الزائد
قد يُلاحظ أن الأطفال الذين ينامون على بطنهم يكونون أكثر نشاطًا خلال فترات اليقظة. وذلك لأنّ اتّخاذ هذه الوضعيّة يعزّز من تقوية العضلات، وخاصّةً في الجزء العلوي من الجسم مثل الرقبة والأكتاف. وهذا قد يسهم في تسريع تطوّر القدرات الحركيّة لديهم، مثل القدرة على الجلوس والزحف في وقتٍ مبكر.
الحسيّة المفرطة
قد يكون الأطفال الذين ينامون على بطنهم أكثر حساسية تجاه المؤثّرات الخارجيّة. وهذا الوعي المتزايد بمحيطهم قد يجعلهم أكثر يقظة، ولكن في الوقت ذاته قد يكونون أكثر عرضة للقلق عند سماع أصوات أو ملاحظة تغيّرات في بيئتهم.
بالتأكيد، لا توجد قاعدة واحدة تناسب جميع الأطفال عندما يتعلّق الأمر بوضعيّة النوم المُثلى. ومع ذلك، تبقى وضعية النوم على الظهر الخيار الأكثر أمانًا وفقًا للعديد من الدراسات، خاصّةً في الشهور الأولى من عمر الطفل. ولكن من الأفضل الحذر من مخاطر نوم الطفل على البطن واستشارة الطبيب المختصّ حول هذا الأمر لاختيار الوضعيّة الأنسب لطفلكِ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على جدول نوم الطفل الرضيع المفصّل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ الاهتمام ببيئة النوم المثاليّة للطفل هو من أهمّ الأمور التي يجب على الأهل التركيز عليها. على الأم دائمًا أن تكون حذرة وتراقب طفلها بعناية، خصوصًا في الشهور الأولى، وأن تتّبع الإرشادات الطبيّة لضمان نومه بأمانٍ وراحة. يجب أيضًا أن تدرك الأم أنّ نوم الطفل على بطنه قد يكون مريحًا في بعض الحالات، ولكن لا يجب الاعتماد على هذه الوضعيّة كخيار أساسي إلّا بعد التأكّد من سلامة الطفل وقدرته على تقليب جسمه.
