يُعَدّ الحصول على نصائح بعد الولادة القيصرية من أهمّ المواضيع التي تبحث عنها كلّ أمّ بعد خضوعها لهذا النوع من الولادة. فالولادة القيصرية ليست مجرّد عملية جراحية عابرة، بل مرحلة حسّاسة تتطلّب الكثير من الرعاية والانتباه. الشعور بالألم، والإرهاق، والتغيّرات الجسدية والنفسية. جميعها تحدّيات تُواجه الأم في الأيام والأسابيع الأولى بعد العملية.
لذلك، في هذا المقال، سنقدّم لكِ خطة متكاملة من النصائح الفعّالة والمثبتة علميًا، تشمل العناية بالجرح، التغذية المناسبة، والحركة، والدعم النفسي، ونمط النوم. ستساعدكِ هذه التوجيهات على تسريع الشفاء واستعادة نشاطكِ بثقة وأمان.
العناية بالجرح
يُعَدّ الاهتمام بالجرح بعد الولادة القيصرية أمر أساسي لتفادي العدوى والمضاعفات. تُوصي الجمعية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد (ACOG) بضرورة إبقاء الجرح نظيفًا وجافًا. اغسلي المنطقة يوميًا بماء فاتر وصابون لطيف، ثمّ جفّفي بلطف من دون فرك. امتنعي عن وضع أي كريم أو بودرة إلا إذا وصفها الطبيب.

كذلك، من المهمّ مراقبة أي علامات تحذيرية مثل الاحمرار، والتورّم، أو خروج صديد. في حال ظهور أيّ منها، استشيري طبيبك فورًا. تذكّري أنّ الجرح يحتاج وقتًا ليُشفى، لذا ارتدي ملابس قطنية فضفاضة وابتعدي عن الضغط على البطن.
التغذية المتوازنة
يؤدّي اختيار الطعام الصحيح بعد الولادة دورًا حاسمًا في التئام الأنسجة وتعزيز المناعة. وفقًا لدراسة نُشرت في The Journal of Maternal-Fetal & Neonatal Medicine، فإنّ تناول البروتينات، والحديد، والأوميغا 3، والفيتامينات يُسرّع شفاء الجسم بعد الجراحة.
احرصي على تناول اللحوم البيضاء، والبقوليات، والبيض، والخضراوات الورقية، والمكسّرات. كذلك، أكثري من شرب الماء لتجنّب المعاناة من الإمساك، وهو من أكثر ما يُسبّب إزعاجًا بعد القيصرية. يُنصح أيضًا بتقليل الحصول على الكافيين وتجنّب تناول الأطعمة المعالجة أو الغنيّة بالسكر.
الحركة التدريجية
رغم الشعور بالألم، تُعَدّ ممارسة الحركة الخفيفة بعد الولادة ضرورية جدًّا. يُشجّع الأطباء على المشي القصير يوميًا داخل المنزل بدءًا من اليوم الأول بعد الجراحة، إذ يُساعد على تحسين الدورة الدموية ومنع تكوّن الجلطات.
لكن، يجب أن تكون الحركة تدريجية، من دون حمل أوزان أو صعود سلالم في الأيام الأولى. يُفضّل أيضًا تجنّب ممارسة الأعمال المنزلية المجهدة، والعودة إلى النشاط الكامل تدريجيًا بعد أسبوعين إلى ستة أسابيع حسب حال الجرح واستشارة الطبيب.
الدعم النفسي
لا ينتبه الكثير من الأمهات إلى الجانب النفسي بعد الولادة. ومع تغيّر الهرمونات، والسهر، والتعب، قد تشعرين بالحزن أو الانهيار العاطفي. لا تتجاهلي هذه المشاعر. شاركيها مع من حولكِ، سواء الزوج، والعائلة أو صديقة مقرّبة.

وبحسب الجمعية النفسية الأمريكية (APA)، فإنّ الدعم العاطفي والحديث عن المشاعر يُقلّلان من خطر المعاناة من اكتئاب ما بعد الولادة. خصّصي وقتًا لنفسك، حتى لو دقائق فقط يوميًا، للاسترخاء أو الصلاة أو القراءة. لا تخجلي من طلب المساعدة النفسية إن شعرتِ بالحاجة.
النوم والراحة
الراحة لا تعني النوم فقط، بل تعني إعطاء الجسم فرصته لاستعادة نشاطه. خلال الأسابيع الأولى، يحتاج جسمكِ إلى النوم المتقطّع كلّما سنحت الفرصة. لذلك، نامي عندما ينام طفلك، وتجنّبي تصفّح الهاتف قبل النوم، لأنّ الضوء الأزرق يُقلّل جودة النوم.
كذلك، لا تتردّدي في طلب المساعدة من الزوج أو الوالدة أو الصديقات. فتحقيق التوازن بين مسؤوليات الأمومة وراحتكِ الجسدية ضروريّ لتجنّب الإنهاك المزمن.
تمارين التنفّس وتمارين البطن الآمنة
في الأسبوعين الأولين، اكتفي بممارسة تمارين التنفّس العميق. فهي تُساعد على إعادة تنشيط عضلات الحجاب الحاجز وتحسين نسبة الأوكسجين في الدم. بعد مرور 6 أسابيع، ومع موافقة الطبيب، يمكنكِ البدء بممارسة تمارين خفيفة للبطن، مثل تمارين كيجل أو رفع الحوض.
إنّ ممارسة هذه التمارين تُعيد للعضلات تماسكها وتُقلّل ترهّل البطن بعد الجراحة. تجنّبي تمامًا ممارسة التمارين العنيفة أو الضغط المباشر على منطقة الجرح حتى يُسمح بذلك طبيًا.
الرضاعة الطبيعية
الرضاعة الطبيعية ليست فقط مفيدة للطفل، بل تُساعدكِ أيضًا على تقليص الرحم وخسارة الوزن الزائد. كما أنّها تُحفّز إفراز هرمون “الأوكسيتوسين” الذي يُقلّل من النزيف ويُعزّز شعوركِ بالراحة.

حاولي الإرضاع في وضعية لا تُضغط فيها منطقة البطن، مثل وضعية الاستلقاء على الجانب. واستخدمي وسائد الدعم لمزيد من الراحة أثناء الرضاعة.
زيارات المتابعة
من الضروري جدًّا الالتزام بموعد مراجعة الطبيب بعد الولادة القيصرية. في الزيارة الأولى، يُفحص الجرح، ويتمّ التأكّد من الشفاء الداخلي، ويُناقش أي عرض غير طبيعي. لا تنتظري حتى يظهر الألم. الزيارة الطبية ضرورية حتى في حال شعرتِ بتحسّن.
تسريع الشفاء بعد الولادة القيصرية ليس أمرًا مستحيلًا. بل هو مزيج من الوعي، والرعاية الذاتية، والدعم المحيط. اتّبعي هذه النصائح بانتظام، وامنحي نفسكِ الوقت الكافي للتعافي. لا تتسرّعي في العودة إلى الحياة المجهِدة، بل خذي كلّ يوم خطوة بخطوة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ ماذا يحدث لعقلك وجسدك عندما تصبحين أمًا؟
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أؤمن أنّ كلّ أمّ تحتاج إلى مساحة نفسية وجسدية بعد الولادة، خاصة القيصرية. لا يجب أن تُعاملي نفسكِ كأنّكِ تعودين من “عملية بسيطة”، بل من تجربة شديدة التأثير على كلّ جوانبكِ. دلّلي نفسكِ، واطلبي المساعدة، ولا تستسلمي للشعور بالذنب عند الراحة. فسلامتكِ، وطاقتكِ، هما الأساس في بداية حياة جديدة لكِ ولطفلكِ.