حدود الصبر على الزوج تختلف باختلاف المشكلة أو التصرّفات التي يقوم بها الزوج تجاه زوجته أو عائلته، وقدرة الزوجة على التعامل معها.
قد تصبر الزوجة على فقر، اهمال، وعصبيّة الزوج، بسبب الحبّ الذي تكنّه له، أو من أجل أطفالها. فتحاول أن تُبقي بيتها مُستقرًّا قدر الإمكان وأن تتجنّب حصول الخلافات وتطوّرها. ولكن في بعض الأحيان تصل الى مرحلة تتساءل فيها ما إذا كان الصبر على الزوج له ثواب وأجر، أو ما إذا كان عليها الاستمرار معه أم الانفصال عنه. فبعد أن كنّا قد تحدّثنا عن أهميّة صبر الزوج على الزوجة، سنخصّص السطور التالية للحديث عن كيفيّة صبر الزوجة على زوجها، والأحاديث الدينيّة بهذا الخصوص. كما سنقدّم بعض النصائح التي قد تسهّل التعامل مع الزوج.
أمور تتطلّب من الزوجة الصبر
هناك مشاكل عدّة تواجهها بعض الزوجات مع أزواجهنّ وتتطلّب صبر الزوجة على زوجها، وأبرزها:
- فقر الزوج: يُعتبر صبر الزوجة على سوء الحالة المادّيّة لزوجها وفقره، واجب عليها شرط أن يكون الرجل يسعى بجهد ويعمل للحصول على الرزق. وفي هذه الحالة يجب أن تراعي زوجها ولا تزيد بطلب ما لا قدرة لزوجها على تأمينه.
- اهمال الزوج: عندما تعاني المرأة من إهمال زوجها لها، تقلّ ثقتها بنفسها ولا تشعر بالدعم المستحّق. قد يكون سبب الاهمال هو انهماك الزوج في العمل والمسؤوليات التي على عاتقه. وهنا يجب على الزوجة أن تصبر وتحاول أن تتحدّث مع زوجها حول ما يشغله وتكون مراعية لوضعه.
- عصبية وسوء خلق الزوج: تعاني بعض الزوجات من عصبيّة وسوء خلق أزواجهنّ وعصبيّتهم الدائمة، وهذه إحدى الأمور التي تخلق لدى المرأة شعورًا بالألم النفسي وافتقارها لشعور الراحة والأمان.
أحاديث عن صبر الزوجة على زوجها
يعتبر رجال وعلماء الدين الإسلامي إنّ للزوجة أجر عظيم إذا صبرت على زوجها، حيث إنّ الزوجة الصابرة على زوجها لكي تحفظ أسرتها سيكافئها الله بما صبرت. كما يُعتبر صبر الزوجة هذا “فضلًا”. ودعت الأحاديث النبويّة الشريفة، في هذا السياق، إلى التزام الصبر الذي سيساعد الزوجين على اجتياز المراحل الصعبة.
وشدّدت الأحاديث على ضرورة التحلّي بالصبر وخاصة من الزوجة، باعتبارها العقل المدبر والمتصرف في كل الأمور التي تخص ليس فقط الحياة الزوجيّة، بل أيضًا استقرار الأسرة، مما يؤثر إيجابًا على الأطفال.
أبرز الأحاديث التي نُقلت عن النبي محمد صلّی الله عليه وسلّم قوله عن صبر الزوجة على زوجها: “مَن صَبَرَت عَلى سوءِ خُلُقِ زَوجِها، أعطاها مِثلَ ثَوابِ آسِيَةَ بِنتِ مُزاحِمٍ”.
وأيضًا عن صبر الزوج على زوجته: “مَن صَبَرَ عَلى سُوءِ خُلُقِ امرَأتِهِ واحتَسَبَهُ، أعطاهُ اللّه تعالى بكُلِّ مرة يَصبِرُ علَيها مِنَ الثَّوابِ، ما أعطى أيُّوبَ عليه السلام عَلى بَلائهِ… وكانَ علَيها مِنَ الوِزْرِ في كُلِّ يَومٍ ولَيلةٍ، مِثلُ رَمْلٍ عالِجٍ”.
حدود الصبر على الزوج من الناحية النفسيّة
يؤكّد مستشارو العلاقات الزوجيّة والخبراء في العلاقات العاطفيّة، أنّ أكثر ما يؤدّي الى تفاقم المشاكل والخلافات بين الزوجين هو عدم التحلّي بالصبر، وهذا الأمر يؤدّي بدوره الى إعطاء الأخطاء، التي يرتكبها أي من الزوجين بحقّ بعضهما البعض، مهما كانت صغيرة، أكثر من حجمها. من هنا يشدّد المتخصّصون في المجال على أهميّة الصبر الزوجة على الزوج، فالمرأة عليها ان تتحلّى بالصبر خلال تعاملها مع زوجها، ما سيساعدها في حلّ مشاكل وخلافات عديدة لضمان استقرار العلاقة والعائلة بشكل عام.
ولكن مهما بلغ صبرها، إلّا أنّ له حدود! وتعتمد حدود صبر الزوجة على زوجها على عوامل عدّة، بما في ذلك شخصية كلّ منهما، الظروف المحيطة بهما، ومدى قوّة العلاقة التي تجمعهما والالتزام بينهما.
ويشدّد الأخصّائيّون النفسيّون على ضرورة أن يكون هناك توازن بين الصبر والاحترام، بالإضافة الى الاحتياجات الشخصيّة لكلّ من الشريكين.
وينصحون في حال كان هناك مشاكل بين الزوجين كعدم احترام الزوج لزوجته، أو قيامه بسلوكيّات مسيئة، وهنا فإن الصبر لا ينبغي أن يكون على حساب صحّة الزوجة النفسيّة والعاطفيّة. ومن الأفضل هنا البحث عن دعم خارجي، مثل الاستشارة الزوجية أو التحدث إلى أصدقاء أو أفراد العائلة الموثوق بهم.
نصائح للزوجة للتحلّي بالصبر على الزوج
نظرًا لأهميّة الصبر على الزوج في مواقف عدّة، اليك بعض النصائح الفعّالة التي ستساعدك على التعامل بصبر مع زوجك:
- أصغي الى وجهة نظر زوجك جيّدًا وحاولي فهم مشاعره والتعاطف معه، وعبّري عن نفسك بوضوح، لتحسين التواصل مع زوجك بفعاليّة.
- فكّري بالصفات التي تحبّينها بزوجك ما سيمنحك الصبر، وحدّدي الامور التي تزعجك لإيجاد الحلول المناسبة.
- خذي وقتك لتهدئي قبل الرد على زوجك في حالات الخلاف، وتجنّبي مواجهته عندما تكونان غاضبين.
- مارسي تمارين الاسترخاء والتأمّل التي ستساعدك لأن تكوني هادئة بشكل عام.
برأيي الشخصي كمحرّرة، إنّ الصبر ضروريّ لبناء علاقة وثيقة بين إثنين، خاصّةً العلاقات الزوجيّة التي تتطلّب الكثير من الصبر والتنازل من الطرفين. وعلى الرغم من ضرورة صبر الزوجة على زوجها، إلّا أنّ للصبر حدود. وحتّى لا يُصبح مؤذيًا لها، على الزوجة أن تضع بنفسها هذه الحدود ولا تسمح بتخطّيها، فتصبر في حالات مُعيّنة على ألّا تسمح للموضوع بالتأثير على صحّتها النفسيّة وعلى أطفالها واستقرار أسرتها.
اقرئي أيضًا: الطلاق أم الصبر على الزوج: أيّهما يخدم صحّة الأولاد النّفسيّة؟