كان الشباب الذين أبلغوا عن ارتفاع مستوى التوتر خلال سنوات المراهقة وحتى مرحلة البلوغ أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم والسمنة وعوامل الخطر الأخرى المرتبطة بأنواع وعوارض أمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بأقرانهم الذين أبلغوا عن تعرضهم لضغط أقل، وفقًا لبحث جديد نُشر اليوم في مجلة جمعية القلب الأمريكية، هي مجلة مفتوحة الوصول ومراجعة للنظراء من جمعية القلب الأمريكية.
غالبًا ما تحدث عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية معًا وتشكل سببًا مهمًا لأمراض القلب والأوعية الدموية، فقد أشار الباحثون إلى أن هذه تشمل السمنة والسكري من النوع الثاني أو مقدمات السكري وارتفاع نسبة الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم.
في تفاصيل هذه الدراسة
“إن فهم آثار الإجهاد المتصور الذي يبدأ في مرحلة الطفولة أمر مهم لمنع أو تقليل أو إدارة عوامل الخطر المرتفعة للقلب والأوعية الدموية لدى الشباب.” فانغكي جو، دكتوراه، مؤلف الدراسة، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في كلية كيك للطب، جامعة جنوب كاليفورنيا، لوس أنجلوس.
وقال جو: “تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن أنماط التوتر الملحوظة مع مرور الوقت لها تأثير بعيد المدى على مختلف مقاييس التمثيل الغذائي للقلب بما في ذلك توزيع الدهون وصحة الأوعية الدموية والسمنة، وهذا يمكن أن يسلط الضوء على أهمية إدارة الإجهاد في وقت مبكر من مرحلة المراهقة كسلوك وقائي للصحة.”
في عام 2020، كانت أمراض القلب والتمثيل الغذائي، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، لا سيّما السكري من النوع الثاني بأسبابه وعوارضه، من أكثر الحالات الصحية المزمنة وأكثرها انتشارًا، وقد شكّلت مجتمعةً ما يقرب من ربع جميع الوفيات في الولايات المتحدة، وفقًا لإحصائيات جمعية القلب الأمريكية. أمّا في عام 2023، لاحظت جمعية القلب الأمريكية الروابط القوية بين أمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الكلى والسكري من النوع الثاني والسمنة، واقترحت إعادة تعريف هذه الأمراض والوقاية منها وإدارتها.
تؤثر محن الطفولة على صحة القلب والأوعية الدموية على مدار الحياة، وقد تكون التدخلات التي تعمل على تحسين التعرض المبكر أكثر ملاءمة من التدخلات الخاصة بتأثيرات عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في وقت لاحق من الحياة، وفقًا للبيان العلمي الصادر عن جمعية القلب الأمريكية لعام 2017: محنة الطفولة والمراهقة ونتائج أمراض القلب والأوعية الدموية، أمّا في العقود الأخيرة، فقد وجد الباحثون أن ّالإجهاد المتصور هو عامل خطر للظروف الصحية القلبية الاستقلابية.
في هذه الدراسة، قام الباحثون بتحليل المعلومات الصحية من دراسة صحة الأطفال في جنوب كاليفورنيا، وكان المشاركون قد التحقوا بالدراسة عندما كانوا أطفالًا مع أولياء أمورهم، ثم شاركوا في تقييمات المتابعة عندما كانوا مراهقين -؛ متوسط العمر 13 -; وكشباب -؛ متوسط العمر 24.
في كل مرحلة، تم قياس التوتر باستخدام مقياس الإجهاد المدرك المكون من 4 عناصر، وهو استبيان حول المشاعر والأفكار خلال الشهر الماضي،وتم تصنيف المشاركين في الدراسة إلى أربع مجموعات على أساس المخاطر: التوتر المرتفع باستمرار مع مرور الوقت، وانخفاض التوتر بمرور الوقت، وزيادة التوتر بمرور الوقت، والضغط المنخفض باستمرار بمرور الوقت.
ولتقييم مخاطر استقلاب القلب في مرحلة الشباب، استخدم جو وزملاؤه مقاييس لسمك الطبقة الداخلية للشريان السباتي (يقيس سمك شريان الرقبة)؛ ضغط الدم الانقباضي (الرقم العلوي) والانبساطي (الرقم السفلي)؛ الوزن ونسبة الدهون في الجسم وتوزيع الدهون، والهيموجلوبين A1c.
يقيس الهيموجلوبين A1c نسبة السكر في الدم مع مرور الوقت، وتشير زيادة سماكة الطبقات الداخلية لشريان الرقبة إلى أن الدم قد لا يتدفق بسلاسة، كما ويرتبط تكوّن المزيد من الدهون حول البطن بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية و/أو مرض السكري من النوع الثاني.
النتائج التي توصّل إليها هذا البحث
- ارتبط ارتفاع الضغط النفسي بشكل مستمر من مرحلة المراهقة حتى مرحلة البلوغ بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية في مرحلة الشباب، فإذا عانى الأفراد من مستويات أعلى من التوتر منذ سنوات المراهقة وحتى مرحلة البلوغ، كانوا أكثر عرضة لتدهور صحة الأوعية الدموية، وارتفاع إجمالي الدهون في الجسم، وزيادة الدهون حول البطن وزيادة خطر الإصابة بالسمنة مقارنة بأولئك الذين شعروا بضغط أقل مع مرور الوقت.
- بشكل عام، ارتبطت مستويات التوتر المرتفعة أيضًا بزيادة خطر الإصابة بالحالات الصحية المتعلقة بالقلب والأوعية الدموية، على سبيل المثال، يميل البالغون الذين يعانون من مستويات أعلى من التوتر إلى تدهور صحة الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم الانقباضي والانبساطي.
وقال جو: “على الرغم من أننا افترضنا أن أنماط التوتر الملموسة يجب أن يكون لها بعض الارتباط مع تدابير استقلاب القلب، إلا أننا لم نتوقع مثل هذه الأنماط المتسقة عبر عوامل الخطر المختلفة”،وأضاف:” يجب على المتخصصين في الرعاية الصحية التفكير في استخدام مقياس الإجهاد المدرك لتقييم مستويات التوتر لدى الأفراد أثناء زيارات العيادة. وبهذه الطريقة، يمكن تحديد الأشخاص الذين يعانون من مستويات أعلى من التوتر وتلقي العلاج في وقت مبكر.”
خلفيّة وتصميم هذا البحث
- راجع الباحثون بيانات 276 شخصًا من مجتمعات جنوب كاليفورنيا المشاركين في دراسة صحة الأطفال في جنوب كاليفورنيا، وقد تم تسجيل المشاركين كأطفال من عام 2003 إلى عام 2014 وشاركوا في تقييمات المتابعة الصحية كبالغين من عام 2018 إلى عام 2021.
- حوالي 56% من المشاركين كانوا من الفتيات/النساء: 62% تم تحديدهم على أنهم من البيض؛ 5% آسيويين؛ 1% إما من السود أو الأمريكيين الأصليين؛ و13% تم تصنيفهم على أنهم “أخرى”،وقد تمّ تحديد حوالي 47٪ على أنهم من أصل إسباني.
- تحقّق الباحثون من التوتر الملحوظ الذي أبلغ عنه آباء المشاركين خلال مرحلة الطفولة (متوسط العمر حوالي 6 سنوات)؛ ثم من قبل المشاركين أنفسهم في مرحلة المراهقة (متوسط العمر حوالي 13 عامًا)؛ ثم مرة أخرى في مرحلة الشباب (متوسط العمر حوالي 24 عامًا).
وكان القيد هو حجم الدراسة الصغير نسبيا، فالدراسات مع عدد أكبر من المشاركين من شأنها أن تساعد في توضيح النتائج، ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على دراسة بيانات جديدة تكشف العوامل الاجتماعيّة التي تؤثّر على صحة الأطفال.