ما حكم الإسلام لضرب الزوجة؟ وكيف ينظر الشرع إلى هذا الأمر؟ الشيخ وسيم المزوق يشرح عن هذا الموضوع بالتفاصيل في ما يلي:
للمزيد: الشيخ وسيم يشرح عن حكم ضرب الطفل في الإسلام!
فقد أمر الله تعالى الزوج بمعاشرة زوجته بالمعروف نصّاً، فقال عز وجل: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/ من الآية 19. فضرب الرجل لامرأته ضربا مبرحا (ولو اجتنب الوجه) ظلم بيِّن، والظلم ظلمات على صاحبه يوم القيامة. عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال : (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا فَلَا تَظَالَمُوا ).رواه مسلم.
قال ابن جرير الطبري – رحمه الله – : والصواب من القول في ذلك عندنا أنه غير جائز لأحدٍ ضرب أحد من الناس ، ولا أذاه ، إلا بالحق؛ لقول الله تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) الأحزاب/ 58 ، سواء كان المضروب امرأة وضاربها زوجها …
مخالفة الأمر بعدم الضرب المبرح . عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع : (اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ). رواه مسلم .
وفي " الموسوعة الفقهية ": ويجب أن يكون الضّرب غير مبرّح ، وغير مدمٍ ، وأن يتوقّى فيه الوجه والأماكن المخوفة ، لأنّ المقصود منه التّأديب لا الإتلاف؛ لخبر : (إنّ لكم عليهنّ ألاّ يوطئن فُرُشَكم أحداً تكرهونه ، فإنْ فعلنَ فاضربوهنّ ضرباً غير مبرّح ). عَنْ مُعَاوِيَةَ بن حَيْدَة الْقُشَيْرِيِّ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا عَلَيْهِ ؟ قَالَ : (أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ أَوْ اكْتَسَبْتَ وَلَا تَضْرِبْ الْوَجْهَ وَلَا تُقَبِّحْ وَلَا تَهْجُرْ إِلَّا فِي الْبَيْتِ ). قَالَ أَبُو دَاوُد : وَلَا تُقَبِّحْ : أَنْ تَقُولَ قَبَّحَكِ اللَّهُ . وقد ذكر الله تعالى ما ينبغي للزوج فعله إن أراد تقويم امرأته ، فبدأ بالوعظ ، وثنى بالهجر في المضجع ، وثلَّث بالضرب، قال تعالى : (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء/ من الآية 34 .
وفي " الموسوعة الفقهية ": طرق تأديب الزّوجة :
أ. الوعظ .
ب. الهجر في المضجع .
ج. الضّرب غير المبرّح .
وهذا التّرتيب واجب عند جمهور الفقهاء ، فلا ينتقل إلى الهجر إلاّ إذا لم يجد الوعظ… قال الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه القيم "المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم في الشريعة الإسلامية": والراجح أن ضرب الزوج زوجته على وجه التأديب مباح إذا لم ينفع معها الوعظ والهجر، ولم يستطع الزوج الصبر على نشوزها ومعصيتها. ويكون ترك الضرب أفضل إذا أمكن إصلاح الزوجة بدون ضرب؛ وإن استلزم ذلك الصبر عليها والاستمرار على معالجة عصيانها بالوعظ والهجر، لدلالة بعض الأحاديث النبوية الشريفة على أن الأولى والأفضل هو ترك الضرب، وهذا ما أخذ به الإمام الشافعي فعنده ترك الضرب أولى وأفضل، ويؤيد هذه الأفضلية لترك الضرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضرب زوجة له قط، فقد أخرج ابن ماجه في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً له، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئاً.
تنبيه: صفة الضرب المذكور في الآية على نحو ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فاضربوهن ضرباً غير مبرح. وهو جزء من حديث طويل أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه، وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره الجامع لأحكام القرآن: والضرب في هذه الآية هو ضرب الأدب غير المبرح، وهو الذي لا يكسر عظماً ولا يشين جارحة كاللكزة ونحوها، فإن المقصود منه الصلاح لا غير. انتهى
فنرى مما سبق أنه لا يوجد تعنيف للمرأة في الإسلام كما يظن بعض الأزواج الجهلة بأمور دينهم أو كما تقوم بعض وسائل الإعلام بتصوير الإسلام بأنه دين عنف حيث يفسرون الآية أو الأحاديث بطريقة غير صحيحة, والحق ما ذكرناه أعلاه, والله أعلم.