يمكن للأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم أربعة أشهر أن يفهموا كيفية تفاعل أجسادهم مع الفضاء المحيط بهم، وفقا لبحث جديد أجرته جامعة برمنغهام لدراسة مراحل نمو الطفل بعد الولادة بستة أشهر، وتلقي النتائج، التي نُشرت اليوم (21 نوفمبر 2023) في مجلة Scientific Reports، ضوءًا جديدًا على كيفية تطور الوعي الذاتي.
سنطلعكِ على تفاصيل هذه الدراسة والنتائج التي تمّ الحصول عليها من خلالها في الأسطر القادمة من هذه المقالة الجديدة على موقع عائلتي.
في تفاصيل الدراسة
أظهر خبراء من Birmingham BabyLab للأطفال كرة على الشاشة تتحرك باتجاههم أو بعيدًا عنهم. عندما كانت الكرة أقرب إليهم على الشاشة، عُرض عليهم”لمسة” (اهتزاز صغير) على أيديهم، بينما تم قيّاس نشاط أدمغتهم في هذه الحال، وقد تمّ إجراء جمع البيانات للدراسة في Goldsmiths (جامعة لندن).
وجد الباحثون أنه منذ عمر أربعة أشهر فقط، يُظهر الأطفال نشاطًا دماغيًا حسيًا جسديًا معززًا (عن طريق اللمس) عندما يسبق اللمس جسم يتحرك نحوهم، فهذا هو العمر الذي يكتشف فيه الطفل.
وقالت الدكتورة جوليا أوريولي، زميلة البحث في علم النفس بجامعة برمنغهام، التي قادت الدراسة: “تشير النتائج التي توصّلنا إليها إلى أنه حتى في الأشهر القليلة الأولى من الحياة، وقبل أن يتعلم الأطفال كيفية الوصول إلى الأشياء، فإن الدماغ متعدّد الحواس موصول لإنشاء روابط بين ما يراه الأطفال وما يشعرون به، وهذا يعني أنهم يستطيعون الشعور بالمساحة المحيطة بهم وفهم كيفية تفاعل أجسادهم مع تلك المساحة، ويشار إلى هذا أحيانًا باسم المساحة المحيطة بالشخصية.”
وتابعَت “بالطبع، يفعل البشر ذلك طوال الوقت كبالغين، باستخدام حواسنا المشتركة لإدراك مكان وجودنا في الفضاء والتنبؤ بالوقت الذي سنلمس فيه شيئًا ما أم لا. ولكن الآن بعد أن علمنا ببدء النطوّر عند الأطفال في المراحل، فستُفتَح أسئلة حول مقدار هذه القدرات المتعلمة أو الفطرية.”
واستكشف الباحثون أيضًا كيف يمكن أن تؤثر “اللمسة” غير المتوقّعة على بعض الأطفال الأكبر سنًا، أي في عمر ثمانية أشهر حيث كانت لمسة أيديهم مسبوقة بتحرك الكرة على الشاشة بعيدًا عنهم، وقد أظهر نشاط دماغهم علامات تدل على دهشتهم.
متابعة البحوث في المستقبل
بعد ذلك، يأمل الباحثون في متابعة هذه الدراسة مع المشاركين الأصغر والأكبر سنا، لأنّها من الممكن أن تسلّط الضوء على أنواع نشاط الدماغ الذي يتطورون تجاهه، كما يأملون أن يتمكنوا من معرفة ما إذا كانت هناك علامات مبكرة على هذه القدرات “متعددة الحواس” لدى الأطفال حديثي الولادة.
واختتم الدكتور أوريولي قائلاً: “إن العمل مع الأطفال حديثي الولادة يمثل تحديًا، حيث أنهم يقضون جزءًا كبيرًا من وقتهم في النوم والأكل، لكننا بدأنا نحقّق بعض النجاح في العمل مع هذه الفئة العمريّة، وسيكون من الرائع أن نرى “إذا كان الأطفال الذين يبلغون من العمر بضعة أيام فقط لديهم أسس الإحساس بأجسادهم في الفضاء. إذا كان الأمر كذلك، فمن الممكن أننا ننظر إلى أصول الوعي البشري.” ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على تأثير التدخين على حليب الأمّ وقدرته على تسميمه.