في دراسة حديثة نشرت في مجلة التقارير العلميّة، حقّق الباحثون في مستويات العوامل والعناصر الدقيقة السامة بين عينات حليب الثدي من النساء غير المدخّنات واللواتي تعرّضنَ لدخان التبغ غير المباشر أو المباشر أثناء الحمل أو أثناء اعتماد طريقة الرضاعة الطبيعيّة.
يؤدي حليب الثدي دورًا حيويًا في تعزيز صحة الرضيع، ليس فقط في النمو والتطور خلال النصف الأول من العمر، بل في تعزيز مناعته ضد مسببات الأمراض والأوبئة المختلفة، مثل الحساسية، وضد أمراض الجهاز التنفسي وأمراض المناعة، كما أظهرت الدراسات الحديثة أيضًا أن جودة الحليب الطبيعي تعمل على تعزيز النمو الفكري ممّا يحافظ على علامات سلامة المخ عند الرضّع، بالإضافة إلى التخفيف من نقص الحديد، والسمنة لديهم.
في تفاصيل الدراسة
في هذه الدراسة، أجرى الباحثون تحليلًا مقطعيًا للنساء المرضعات اللواتي سُجّلنَ في مراكز صحية مختلفة في المناطق الحضرية في كرمانشاه، إيران، وشملت جميع النساء الحوامل الأصحاء اللواتي يتمتّعنَ بحملٍ غير معقد، وأنجبن، ويرضعن طفلهن الأول، وقد تمّ استبعاد النساء اللواتي أنجبنَ أكثر من مرّة وكذلك اللواتي يعانينَ من أمراض المناعة الذاتية أو أمراض القلب المزمنة أو المقيمات في مناطق ذات مستويات تلوث عالية.
أظهرت الدراسات أن الرضاعة هي إحدى الطرق الرئيسية التي يتم من خلالها إخراج الإفرازت من جسم الأم ويمكن أن يكون ذلك مؤشرًا بيولوجيًا، علاوة على ذلك، فإنّ التعرض لدخان التبغ من خلال التدخين المباشر أو غير المباشر يمكن أن يؤثّر على تكوين هذا العنصر المهمّ، ممّا يؤدّي إلى ارتفاع احتمالية إصابة الطفل بالمغص، واضطرابات النوم، والتهابات الجهاز التنفسي العلوي، والحساسية، واضطرابات ضربات القلب، وحتى متلازمة موت الرضع المفاجئ.
وتم تصنيف النساء المشاركات إلى غير مدخنات، ومدخنات نشطات، ومدخنات سلبيات. في حين أن المشاركين في المجموعات الثلاث اختلفن بشكل كبير في عوامل مثل المهنة والتعليم والعمر واستخدام مستحضرات التجميل واستهلاك الفاكهة، و جُمِعَت بعدها عينات حليب الثدي تمَ وتحليلها باستخدام قياس الطيف الكتلي للبلازما المقترنة حثيًا لقياس تركيزات المنغنيز والمغنيسيوم والكوبالت والحديد والزنك والنحاس والزرنيخ والكروم والكادميوم والنيكل والزئبق والرصاص.
النتائج التي تم الحصول عليها
أظهرت النتائج أن التعرض الإيجابي والسلبي لدخان التبغ يمكن أن يسبب تراكم العناصر السامة المحتملة في حليب الثدي، ممّا يعرّض صحّة وحياة الرضيع للخطر الشديد، حيث كانت تركيزات بعض العناصر مثل الزئبق والكادميوم والرصاص والزرنيخ أعلى بكثير من تلك الموجودة في عينات حليب الثدي من النساء اللواتي تعرضن لدخان التبغ النشط أو السلبي مقارنة بالنساء غير المدخنات، وكانت تركيزات المنغنيز والمغنيسيوم أعلى في عينات حليب الثدي من المدخنات السلبيات من تلك الموجودة لدى المدخنات النشطات.
يُشكّل التعرض للكادميوم مصدر قلق بالغ لأنه يؤثر على استقلاب المغذّيات الدقيقة مثل المغنيسيوم والنحاس والزنك والحديد، والتي تعتبر ضروريّة لنمو الرضيع، ومع ذلك، تشير الدراسات الحديثة إلى أن ارتفاع هذه النسبة عادةً ما ينتج عن التدخين، حيث تظهر تركيزاته بشكلٍ كبير مع زيادة استهلاك السجائر، وقد ناقشت الدراسة أيضًا الطرق المختلفة التي زاد بها التعرض للعناصر السامة الأخرى، مثل الزئبق والرصاص، في الآونة الأخيرة وارتباطه بتدخين التبغ، كما أوضح الباحثون بعض الآليات المحتملة التي يمكن من خلالها أن تؤثر هذه العناصر سلباً على صحة الجنين ونموه.
الاستنتاج النهائي لهذه الدراسة
بشكل عام، أشارت النتائج إلى أن التعرض الإيجابي والسلبي للدخان لدى النساء الحوامل أو المرضعات يؤدي إلى تركيزات أعلى وربما سامة من الزئبق والكادميوم والرصاص والزرنيخ. ليس ذلك فقط، بل وُجِد أن التعرض السلبي للدخان يزيد من تركيزات المغنيسيوم والمنغنيز في حليب الثدي مقارنة بتدخين التبغ النشط.
وفي حين أنه من المعروف بالفعل أن تدخين التبغ ضار، فإن هذه النتائج تسلط الضوء أيضًا على العواقب بعيدة المدى للتعرض له خلال هذه الفترة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن تأثير توتّركِ على سلوك طفلكِ أثناء الحمل.
