يُعَدّ اختلاف حجم هالة الثدي من التغيرات الجسدية التي تُلاحظها العديد من النساء، خصوصًا عند النظر في المرآة أو أثناء الرضاعة أو الحمل. في بعض الأحيان، يظهر اختلاف طفيف، وفي أحيان أخرى، يكون الفرق كبيرًا إلى درجة يثير التساؤلات والمخاوف. لا شك أن شكل الهالة ولونها وحجمها يعكس تغيرات في الجسم، بعضها طبيعي وبعضها قد يُشير إلى أمر صحي مهم.
في هذا المقال، سنتناول كل ما يتعلّق بموضوع اختلاف حجم هالة الثدي. سنشرح أولًا ما هي الهالة ووظيفتها. ثم ننتقل إلى الأسباب الشائعة لتغير حجمها، ونفصّل متى يكون التغيّر طبيعيًا، ومتى يستدعي زيارة الطبيب. كما سنتطرّق إلى العلاقة بين الهالة والهرمونات، إضافةً إلى العلامات التحذيرية التي يجب الانتباه لها. مع العلم أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أسباب نغزات الثدي لدى المرأة.
ما هي الهالة؟ وما وظيفتها؟
الهالة هي المنطقة الداكنة التي تحيط بحلمة الثدي. وتختلف ألوانها بين امرأة وأخرى، فقد تكون وردية، بنية، أو داكنة جدًا. عادةً، يكون للحلمة والهالة دور مشترك في الرضاعة، حيث تحتوي هذه المنطقة على غدد تُنتج زيوتًا تحافظ على ترطيب الجلد وتحميه من التشققات. كما أن لها دورًا في جذب الرضيع للحلمة من خلال رائحتها الخاصة وشكلها.

عند الحديث عن اختلاف حجم هالة الثدي، نقصد به الفرق بين حجم الهالة في الثدي الأيمن مقارنة بالأيسر، أو تغير حجم الهالة نفسها مع الوقت. لا يكون هذا التغير دائمًا عشوائيًا، بل قد يُشير إلى تغيّر هرموني أو حال فسيولوجية خاصة.
لماذا يختلف حجم هالة الثدي؟
يحدث هذا التغيّر لأسباب متعدّدة، بعضها طبيعي وبعضها يحتاج إلى متابعة. أولًا، تؤدّي الهرمونات دورًا كبيرًا. في فترة البلوغ، يرتفع مستوى الإستروجين، ما يؤدّي إلى توسّع الهالة وتغيير لونها. كذلك، في فترات الحمل والرضاعة، يكبر الثدي وتتمدد الهالة استعدادًا لمرحلة الرضاعة.
ثانيًا، قد يكون اختلاف حجم هالة الثدي ناتجًا عن عوامل وراثية. فكما يختلف شكل العيون أو الأنف من شخص إلى آخر، تختلف خصائص الثدي والهالة بين النساء.
ثالثًا، هناك تأثير للتغيّرات المرتبطة بالدورة الشهرية، حيث تتقلّب مستويات الهرمونات مما يغيّر مؤقتًا في حجم الهالة.
رابعًا، قد يتسبب التهاب في أنسجة الثدي أو وجود كتل غير سرطانية مثل الأورام الليفية في ضغط غير متوازن يؤدي إلى اختلاف في حجم الهالة.
وأخيرًا، في بعض الحالات النادرة، قد يكون السبب حال طبية مثل سرطان الثدي الالتهابي الذي يسبب تغيرات مفاجئة في شكل الجلد حول الحلمة.
متى يكون الاختلاف طبيعيًا؟ ومتى لا؟
في معظم الحالات، يكون اختلاف حجم هالة الثدي طبيعيًا ولا يستدعي القلق، خاصةً إذا:

- كان موجودًا منذ فترة طويلة ولم يتغير فجأة.
- لم يكن مصحوبًا بألم أو إفرازات غير طبيعية.
- لم يظهر على الجلد المحيط أي تغيّر واضح في اللون أو الملمس.
أما إذا لاحظتِ أن حجم الهالة قد ازداد فجأة أو تغير لونها إلى الأحمر أو ظهرت عليها تقشّرات، فهنا يجب التوجّه للطبيب فورًا. كذلك، إذا رافق هذا التغيّر وجود إفرازات دموية أو تغير في شكل الحلمة، فهذا قد يدل على مشكلة صحية تتطلب تشخيصًا سريعًا.
كيف تؤثر الهرمونات في حجم الهالة؟
تؤدّي الهرمونات الأنثوية مثل الإستروجين والبروجسترون دورًا أساسيًا في تحديد شكل وحجم الهالة. عند حدوث أي خلل في هذه الهرمونات، سواء بارتفاعها أو انخفاضها، قد تظهر تغيّرات مباشرة على الثديين والهالة تحديدًا. في فترة الحمل، مثلًا، يزداد هرمون الميلانين، ممّا يؤدي إلى تغميق لون الهالة وتوسّع مساحتها. هذا التغيّر طبيعي ويعود إلى طبيعته بعد الولادة أو بعد التوقف عن الرضاعة.
كذلك، في سن اليأس، ومع انخفاض مستوى الهرمونات، قد تُلاحظ المرأة صغر حجم الهالة أو تغير لونها إلى الأفتح.
من المهم الانتباه إلى أن تناول حبوب منع الحمل أو أدوية الهرمونات قد يؤدي أيضًا إلى تغيرات في حجم هالة الثدي. وهذه التغيرات عادة ما تكون مؤقتة وتختفي عند التوقف عن الدواء.
متى يجب زيارة الطبيب؟ وما هي الفحوصات المطلوبة؟
يجب مراجعة الطبيب عند ملاحظة:

- اختلاف مفاجئ في حجم هالة الثدي.
- تقشّر الجلد أو ظهور حكة مستمرة.
- تغيّر غير مبرر في لون الهالة أو ملمسها.
- إفرازات غير طبيعية من الحلمة.
في هذه الحالات، يطلب الطبيب عادة فحصًا سريريًا للثدي، يليه تصوير بالموجات فوق الصوتية (Echo-mammography) أو تصوير الثدي الشعاعي (Mammogram) إذا لزم الأمر. وقد يُجري فحص دم للتحقق من مستوى الهرمونات أو تحليل إفرازات الحلمة إن وجدت.
الهدف من هذه الفحوصات ليس فقط استبعاد الأورام. بل أيضًا الاطمئنان إلى سلامة الأنسجة وعدم وجود التهابات خفية.
الخلاصة
لا يُعَدّ اختلاف حجم هالة الثدي أمرًا عشوائيًا دائمًا، بل قد يكون انعكاسًا لتغيرات داخل الجسم، بعضها طبيعي وبعضها يتطلب انتباهًا. من الضروري أن تعرف كل امرأة جسدها جيدًا، وأن تراقب أي تغيّر يطرأ عليه. فالوقاية تبدأ من الملاحظة المبكرة، والمتابعة الطبية تضمن الاطمئنان. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أضرار النوم على البطن.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أجد أنّ الحديث عن موضوع اختلاف حجم هالة الثدي يجب أن يكون مفتوحًا وصحيًا في مجتمعنا. لا يجب أن تشعر المرأة بالحرج من هذه الملاحظة، بل عليها أن تعتبرها علامة من علامات التواصل مع جسدها. وكلما زاد وعي النساء بهذه التفاصيل الصغيرة، زادت فرص الكشف المبكر عن أي أمر غير طبيعي، ممّا يُعزّز صحتهن ويمنحهن راحة داخلية وثقة بالنفس.