لا شكّ أنّ فوائد التمر للحامل لا تُعدّ ولا تُحصى، ومع ذلك تُهملها الكثيرات أو يجهلن قيمته الغذائية الفريدة خلال الحمل. هذا الغذاء الطبيعي ليس فقط طعامًا لذيذًا، بل يُعتبر علاجًا متكاملًا يدعم صحة الحامل والجنين داخل الرحم في آنٍ واحد. غنيّ بالسكريات الطبيعية، والألياف، والمعادن الحيوية، يُوفّر التمر دفعة طاقة آمنة ومغذية، من دون الحاجة إلى تناول مُكمّلات مصنّعة.
في هذا المقال، سنُسلّط الضوء على فوائد التمر للحامل من منظار علمي وإنساني. كما سنشرح تأثيره على الجسم خلال مراحل الحمل المختلفة، وارتباطه بتيسير الولادة. بالإضافة إلى ذلك، سنتناول الكميات الموصى بها، والتحذيرات الضرورية لتفادي مواجهة أي مضاعفات محتملة.
يمدّكِ بالطاقة الطبيعية من دون ارتفاع حاد في السكر
يحتاج جسم الحامل إلى طاقة مستمرة لدعم نمو الجنين وتحمّل التغيّرات الجسدية اليومية. يُعَدّ التمر مصدرًا مثاليًا لذلك. حيث يحتوي سكريات طبيعية مثل الغلوكوز والفركتوز، وهي سكريات تُمتصّ بسهولة وتُوفّر طاقة فورية. على عكس الحلويات المصنّعة، لا يُسبّب تناول التمر ارتفاعًا مفاجئًا في السكر، بل يُحافظ على التوازن بفضل احتوائه الألياف.

تشير دراسة منشورة في British Journal of Nutrition عام 2011 إلى أنّ تناول التمر لا يؤثّر سلبًا على معدّل السكر في الدم لدى الحوامل. بل يُساعد في تلبية احتياجات الجسم من الطاقة بشكلٍ طبيعيّ وآمن.
يُقلّل من خطر المعاناة من الإمساك ويُعزّز صحة الجهاز الهضمي
تُعَدّ المعاناة من الإمساك من أكثر الشكاوى شيوعًا خلال الحمل. ويعود ذلك بشكلٍ أساسي إلى التغيرات الهرمونية التي تُبطئ حركة الأمعاء. وهنا، يظهر التمر كحليف فعّال، إذ يحتوي نسبة عالية من الألياف القابلة وغير القابلة للذوبان. وبالتالي، يُنشّط حركة الأمعاء، ويُخفّف من ثقل المعدة، كما يُسهّل عملية الإخراج بشكلٍ ملحوظ.
كما أن التمر يُغذّي البكتيريا النافعة في الأمعاء، ويُساعد في الوقاية من المعاناة من البواسير، التي قد تظهر في الثلث الأخير من الحمل نتيجة الضغط على الحوض. ببساطة، التمر ليس فقط علاجًا، بل وقاية يومية للهضم.
يُقلّل من خطر فقر الدم ويُحسّن الدورة الدموية
تعاني الحامل عادةً من انخفاض في معدّل الحديد، ما قد يُسبّب لها الشعور بالتعب الشديد أو الدوخة. يحتوي التمر الحديد الطبيعي، الذي يُساعد على دعم إنتاج خلايا الدم الحمراء. ما يُحسّن من نقل الأوكسجين إلى الجنين ويُقلّل من خطر الإصابة بالأنيميا.

بالإضافة إلى الحديد، يحتوي التمر كذلك على فيتامين C الذي يُعزّز امتصاص الحديد في الجسم، كما أنّه غنيّ بالبوتاسيوم الذي يُساعد في تنظيم ضغط الدم ومنع التشنّجات العضلية، وهي من العوارض الشائعة خلال الحمل.
يُساهم في تهيئة الجسم للولادة وتقليل الحاجة للتحفيز الصناعي
من أبرز فوائد التمر للحامل في الأسابيع الأخيرة من الحمل هو دوره في تيسير عملية الولادة. أثبتت دراسة سريرية أُجريت في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية عام 2011 أنّ النساء اللواتي تناولن التمر بانتظام خلال الشهر الأخير من الحمل كُنّ أقلّ عرضة للولادة المُحفّزة طبيًا. كما كانت ولادتهنّ الطبيعية أسرع وأسهل مقارنةً بغيرهنّ.
يرجع ذلك إلى احتواء التمر مركبات تُحفّز مستقبلات الأوكسيتوسين، الهرمون المسؤول عن تقلصات الرحم. كما يُعتقد أنه يُقوّي عضلات الرحم، ويُحسّن من الاستجابة الطبيعية عند الولادة. لذلك، يُنصح بتناول 6 تمرات يوميًا خلال الشهر التاسع، بعد استشارة الطبيب طبعًا.
يُغذّي الجنين ويُعزّز نموّه العصبي والدماغي
لا تقتصر فوائد التمر للحامل على صحتها فقط، بل تمتدّ لتشمل الجنين أيضًا. يحتوي التمر الفولات (حمض الفوليك)، الضروري لتكوين الأنبوب العصبي للجنين في الشهور الأولى، ما يُقلّل من خطر العيوب الخلقية. كما يحتوي الزنك والمغنيسيوم والفيتامين B6. وهي عناصر مهمة في تطوير الدماغ والجهاز العصبي.

كما تُشير الدراسات إلى أنّ تناول التمر يُوفّر الأحماض الأمينية الأساسية التي تُساهم في بناء الخلايا العصبية للجنين، ويُعزّز من نموّ الدماغ. ما يُمهّد لولادة طفل ذكيّ وسليم من الناحية العصبية.
الخلاصة
إذًا، فوائد التمر للحامل أكثر من أن تُحصى في سطور قليلة. هذا الغذاء المبارك ليس فقط سُنة نبوية، بل ذخيرة طبيعية تمدّ الجسم بما يحتاجه خلال واحدة من أهم مراحل حياة المرأة. من الطاقة اليومية، إلى الحماية من الإمساك، مرورًا بدعم الدم، وانتهاءً بتهيئة الرحم للولادة الطبيعية، يُشكّل التمر غذاءً شاملًا وصحيًا لكِ ولطفلكِ على حدّ سواء.
ولكن، من المهمّ دائمًا استشارة الطبيب قبل إدخاله بكميات كبيرة، خاصةً إذا كنتِ تُعانين من سكري الحمل أو أي اضطرابات غذائية. وتذكّري أنّ الاعتدال هو المفتاح دائمًا. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن مكمل غذائي للحامل يُحدث فرقًا في صحتك وصحة جنينك خلال أسبوع فقط!
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن التمر هو منجَم فوائد، ولهذا السبب يجب ألّا تُفرّطي فيه خلال الحمل. فهو ليس فقط طبيعيًا وآمنًا، بل إنه أيضًا يُغنيكِ عن تناول كثير من المكملات التي قد تحتاجين إليها. لذلك، أنصحكِ بإدخاله تدريجيًا إلى نظامكِ الغذائي، ثم مراقبة تفاعل جسمكِ معه خطوة بخطوة، والاستمتاع في الوقت نفسه بحلاوته وفوائده المتنوّعة. باختصار، يُمكن اعتباره رفيقكِ الصادق والمخلص في هذه الرحلة الطويلة والمليئة بالتغيّرات.