تبدأ حركة الجنين قوية ومؤلمة في الشهر التاسع بعد أن يكتمل تقريبًا نمو الطفل داخل الرحم. تلاحظ الحامل هذه الحركات بشكل متكرر، وتصبح أكثر شدّة وأحيانًا مزعجة أو مؤلمة. يثير ذلك تساؤلات كثيرة، أبرزها: هل هذه علامة على قرب الولادة؟ أم أنها أمر طبيعي؟
في هذا المقال، نشرح لكِ أسباب زيادة حركة الجنين، ونناقش دلالاتها من الناحية العلمية، ونعرض الفرق بين الحركة العادية والمؤلمة، ونوضح متى تستدعي القلق أو زيارة الطبيب. نقدّم لكِ دليلًا شاملًا للتعامل مع هذه المرحلة، معتمدًا على مصادر طبية موثوقة ودراسات حديثة.
لماذا تصبح حركة الجنين قوية ومؤلمة في الشهر التاسع؟
تشتدّ حركة الجنين قوية ومؤلمة في الشهر التاسع بسبب عدّة تغيّرات جسدية تحدث في هذه المرحلة. يضيق الحيّز داخل الرحم مع كبر حجم الجنين، ممّا يضغط على جدار الرحم والأعضاء المحيطة. عند تحرّك الجنين، تشعر الحامل بقوة الركلات، خصوصًا عندما يمدّ أطرافه أو يدفع برأسه نحو الأسفل.

يُشير المعهد الأمريكي لصحة الطفل والتنمية البشرية (NICHD) إلى أنّ زيادة حركة الجنين في أواخر الحمل تُعدّ علامة على نشاطه وصحّته، لكن لا ترتبط بالضرورة بموعد الولادة مباشرة. ومع ذلك، الشعور بالألم عند الحركة يعود غالبًا إلى ضغط الأقدام أو اليدين على الأضلاع أو المثانة، ما يسبب ألمًا عابرًا وليس خطيرًا.
هل تدلّ الحركة القوية على قرب الولادة؟
لا تشير دائمًا حركة الجنين قوية ومؤلمة في الشهر التاسع إلى الولادة، لكنّها قد ترافق بعض العلامات الأخرى التي تدل على قرب المخاض. تشمل هذه العلامات: نزول الجنين إلى الحوض، وتغيّر طبيعة الإفرازات المهبلية، والشعور بانقباضات متكررة ومنتظمة (انقباضات براكستون هيكس)، أو فقدان السدادة المخاطية.
أكّد تقرير نُشر في مجلة Obstetrics & Gynecology عام 2022 أن مراقبة نمط حركة الجنين تُعتبَر مؤشرًا مهمًا لصحّة الحمل، لكن التغيّر في عدد أو طبيعة الحركات يجب أن يُقارن بعوامل أخرى لتحديد مدى اقتراب الولادة. بمعنى آخر، الحركة القوية وحدها لا تكفي للتأكيد.
كيف تفرّقين بين الحركة المؤلمة والطبيعية؟
تميّزي بين حركة الجنين قوية ومؤلمة في الشهر التاسع وبين الحركات الطبيعية عبر مراقبة التوقيت، والشدّة، والتكرار. تكون الحركة الطبيعية منتظمة، ونشطة، لكنها لا تسبب ألمًا مستمرًا. أمّا إذا شعرتِ بطعنات حادّة، أو ضغط مزعج يدوم لعدة دقائق، أو ألم أسفل الظهر مع كل حركة، فقد تكون مؤلمة وتحتاج إلى تقييم.

يرتفع نشاط الجنين غالبًا بعد تناول الطعام، أو عند الاستلقاء، أو في المساء. إذا لاحظتِ حركة فجائية، قوية ومصحوبة بانخفاض لاحق في النشاط، يجب مراجعة الطبيب فورًا. يشير ذلك أحيانًا إلى تعب الجنين أو نقص الأوكسجين، بحسب دراسة في The Lancet عام 2021.
متى تقلقين من الحركة؟ ومتى تُطمئنين؟
اطمئني إذا استمرّ الجنين في التحرّك بانتظام، حتى لو كانت حركاته قويّة. استرخي وراقبي نمط الحركة. استلقي على جانبك الأيسر، واحسبي عدد الركلات خلال ساعة. يجب أن تشعري بعشر حركات على الأقل. إذا لم تلاحظي العدد المطلوب، أعيدي المحاولة بعد تناول وجبة خفيفة.
لكن، زوري الطبيب فورًا إذا شعرتِ بأي من التالي:
- توقّف الحركة فجأة.
- وجود ألم مستمر أسفل البطن أو الظهر.
- نزول ماء أو دم.
- ضغط مفرط في الحوض لا يخفّ.
لا تربطي دائمًا حركة الجنين قوية ومؤلمة في الشهر التاسع بالمخاض. فقط الطبيب يؤكّد بداية الولادة بعد فحص عنق الرحم والموجات الصوتية.
كيف تتعاملين مع الألم الناتج عن الحركة؟
خفّفي الشعور بالألم إذا كانت حركة الجنين قوية ومؤلمة في الشهر التاسع من خلال بعض الخطوات البسيطة. غيّري وضعيتك، خصوصًا إذا كنتِ جالسة لفترة طويلة. استلقي على الجانب الأيسر، وضعي وسادة بين ركبتيك. اشربي كميات كافية من الماء، وابتعدي عن الكافيين.

مارسي تمارين تنفّس خفيفة. فهي تساعدك على الاسترخاء وتقليل الانزعاج. استخدمي كمادات دافئة على أسفل البطن أو الظهر لتخفيف الضغط. ارتدي ملابس فضفاضة وابتعدي عن الملابس الضيّقة التي قد تزيد من شعورك بالضغط.
الخلاصة
تبقى حركة الجنين قوية ومؤلمة في الشهر التاسع ظاهرة شائعة لا تستدعي القلق في معظم الحالات. تشير هذه الحركة عادةً إلى نمو سليم ونشاط طبيعي للجنين. لكن، من الضروري التمييز بين الحركة العادية والحركة التي قد تكون علامة خطر. المتابعة الدقيقة، والاستماع إلى إشارات جسدك، واستشارة الطبيب عند أي شكوك، تبقى الأداة الأساسية لحماية حملكِ وضمان ولادة سليمة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن علامات الطلق في الشهر التاسع.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ فهم المرأة لهذه المرحلة المتقدّمة من الحمل يُخفّف عنها الشعور بالتوتر والارتباك. كثير من الحوامل يشعرن بالخوف من الألم أو من كثرة حركة الجنين. لكنّي أؤمن بأنّ التثقيف الصحي المبني على دراسات علمية يمنح الحامل الثقة بالنفس والطمأنينة. لا شيء يعلو فوق راحة بالكِ وسلامة جنينكِ، لذلك أنصحكِ دائمًا بالمتابعة المنتظمة والتفاؤل بقرب لقاء صغيركِ المنتظر.