كثيرًا ما تفقدين أعصابكِ عندما تكرّرين نفس الجملة لطفلكِ مرّات ومرّات من دون أن يستجيب. تشعرين أنّه يتجاهلكِ أو يتعمّد عصيانكِ. لكن الحقيقة العلمية قد تُفاجئكِ: دماغ طفلكِ ابن الخمس سنوات لم يكتمل نموّه بعد، وما تعتبرينه “عصيانًا” هو في الواقع أمر طبيعي تمامًا.
في هذا المقال، سنشرح لكِ بالتفصيل لماذا تجدين صعوبة أحيانًا في جعل طفلكِ ينفّذ أوامركِ، وكيف يمكنكِ التعامل بذكاء وصبر لبناء شخصيّته بدلًا من تحطيمها بالصراخ واللوم.
دماغ صغير.. فلا تتوقّعي استيعابًا كبيرًا!
أظهرت الدراسات أنّ دماغ الطفل في سن الخامسة يكون قد اكتمل بنسبة 25% فقط من نموّه الكلّي. تخيّلي! هذا يعني أنّ قدرته على الاستيعاب، التركيز، والانضباط محدودة جدًّا مقارنةً بتوقّعاتكِ كامرأة ناضجة.

لهذا السبب، عندما تكرّرين طلبكِ أربع مرّات ولا يستجيب إلا مرّة واحدة أو حتى أقل، لا يعني ذلك أنّه عنيد أو متعمّد العصيان. بل يعني أنّه لا يزال يتدرّب على مهارات الاستماع والتنفيذ.
الصراخ لا يُعلّم، بل يُخيف!
كلّما رفعتِ صوتكِ في وجه طفلكِ، تعتقدين أنّكِ ترغمينه على الفهم والطاعة. لكن الحقيقة أنّ الصراخ لا يصنع طفلًا أكثر طاعة أو ذكاءً. بل يصنع طفلًا يخاف ارتكاب الأخطاء، ويقلق من ردّة فعلكِ أكثر من تفكيره بتصرّفاته.
حين يخاف الطفل من غضبكِ، سيتوقّف عن المحاولة والتعلّم، وسيفضّل الانسحاب بدلًا من التفاعل.
كيف تتعاملين بحكمة مع تكرار تجاهل طفلكِ لكِ؟
1. افهمي قدراته بدلًا من محاكمته
ابدئي أوّلًا بتعديل توقّعاتكِ، وفكّري دائمًا بمدى تطوّر دماغه. ذكّري نفسكِ أنّكِ تتعاملين مع عقل صغير لا يزال في طور البناء.
2. استخدمي عبارات قصيرة وواضحة
كلّما كانت كلماتكِ بسيطة ومحدّدة، استطاع طفلكِ فهمها وتنفيذها بسرعة أكبر. قلّلي من التفاصيل المربكة وركّزي على التعليمات الأساسية.
3. أعيدي التوجيه بدلًا من الصراخ
عندما تلاحظين أنّه يتجاهلكِ، اقتربي منه، انظري في عينيه، وكرّري طلبكِ بهدوء ووضوح. لمسة بسيطة على الكتف أو الإمساك بيده ستساعده على التركيز عليكِ.
4. امنحيه وقتًا للاستيعاب
توقّفي عن توقّع الاستجابة الفورية. أعطيه بضع ثوانٍ ليحلّل ما قلتهِ ويبدأ بالتنفيذ. فالتسرّع يولّد عنده التوتّر والرغبة في العناد.
في النهاية، تذكّري دائمًا يا عزيزتي أنّ مهمّتكِ الأولى كأم ليست خلق طفل ينفّذ أوامركِ خوفًا، بل بناء شخصيّة واثقة تفهم الصح من الخطأ وتتصرف من قناعة وليس خوفًا من العقاب.
دماغ طفلكِ يحتاج صبركِ أكثر من صراخكِ، ويحتاج تكراركِ الحنون لا تهديدكِ القاسي. كلّ دقيقة تمضينها في شرح الفكرة بهدوء تساوي خطوات واسعة نحو بناء شخصيّة متّزنة وناجحة في المستقبل. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أضرار التربية المتساهلة.