في عالم الرياضة، غالبًا ما يُنظَر إلى الأمومة على أنّها مسؤوليّة كبيرة قد تُعطّل مسيرة المرأة الرياضيّة، حيث تتطلّب رعاية الأطفال وقتًا وجهدًا كبيرين.
ومع ذلك، شهد العالم في أولمبياد باريس 2024 قصصًا ملهمة لنساء أثبتنَ أنّ الأمومة ليست عقبة في طريق النجاح، بل يمكن أن تكون دافعًا قويًا للوصول إلى القمة، وهذه القصص تشكّل مصدر إلهام للعديد من النساء حول العالم، وتظهر أنّ التحدّيات التي تواجهها الأمّهات يمكن أن تتحوّل إلى فرص لتحقيق إنجازات استثنائيّة، وهذا ما يبرز دور المرأة في المجتمع.
ندى حافظ: رمز التحدي والقوة
في أجواء أولمبياد باريس 2024، كانت الأنظار متجهة نحو المبارزة المصريّة ندى حافظ، التي شاركت في المسابقات وهي حامل في شهرها السابع.
تحدت ندى توقّعات الجميع وأثبتت أنّ الحمل ليس عائقًا أمام المرأة الطموحة، بل يمكن أن يكون حافزًا إضافيًا يدفعها لتحقيق المزيد من الإنجازات، فمن خلال إرادتها القوية وتصميمها، تصدّرت عناوين الصحف العالمية، حيث أصبحت رمزًا للقوّة والإصرار، وتجسيدًا حيًا لقدرة المرأة على تحقيق التوازن بين حياتها الشخصيّة ومسيرتها المهنيّة.
ندى حافظ، التي بدأت مسيرتها الرياضية في رياضة الجمباز قبل أن تنتقل إلى المبارزة في سن الثانية عشرة، لم تكن غريبة عن النجاح، فقد شاركت في العديد من البطولات المحليّة والدوليّة، وحقّقت إنجازات مبهرة في رياضة السيف، ما جعلها واحدة من أبرز الرياضيات في مصر، ورغم مشاركاتها السابقة في أولمبياد ريو 2016 وطوكيو 2020، إلّا أنّ مشاركتها في أولمبياد باريس 2024 كانت مميزة بشكل خاص، حيث أظهرت للعالم أن الأمومة يمكن أن تكون دافعًا إضافيًا لتحقيق الإنجازات.
لم تكن ردود الفعل الدولية على مشاركة ندى حافظ في الأولمبياد أقل من رائعة، فقد أشادت وسائل الإعلام العالمية بأدائها المذهل، حيث سلطت صحيفة “ديلي ميل” البريطانيّة الضوء على فوزها في مباراتها الأولى في مسابقة السيف الفردي للسيدات، كما ركّزت قناة “فوكس نيوز” على التحديّات الجسديّة التي واجهتها ندى خلال المنافسات، مشيدةً بقدرتها على المنافسة رغم ظروفها الخاصة، وفي الهند، أثنت صحيفة “تايمز أوف إنديا” على مشاركتها، مشيرة إلى أنها “سرقت قلوب الجميع في باريس”.
لم تواجه ندى حافظ فقط التحديات الجسدية المرتبطة بالحمل، بل كانت تتعامل أيضًا مع تحدّيات عاطفيّة ونفسيّة، ففي منشور على إنستغرام، تحدث عن الدعم الكبير الذي حظيت به من زوجها إبراهيم وعائلتها، مؤكّدةً أن هذا كان له دور كبير في نجاحها، وبرغم كل الصعوبات، أكّدت ندى أن حملها كان دافعًا إضافيًا لتقديم أفضل ما لديها، وأن وجود طفلها الصغير في حياتها كان حافزًا قويًا لها لتحقيق النجاح، متخطّية أبرز المشاكل التي تواجه الحامل.
إيل بوريير سانت بيير: السعي نحو الكمال بين الأمومة والجري
في الولايات المتحدّة، تمثل قصة إيل بوريير سانت بيير مثالًا آخر على كيف يمكن للأمومة أن تكون حافزًا للتفوق، فبعد ولادة ابنها إيفان في مارس 2023، كانت بوريير سانت بيير تواجه تحديات كبيرة في العودة إلى مضمار السباق.
في بداية الأمر، شعرت كما لو أنّ جسدها لم يعد كما كان من قبل، وشكّكت في قدرتها على العودة إلى مستوى الأداء الذي كانت عليه سابقًا، ولكن بعد ستّة أشهر من الولادة، بدأت تستعيد قوتها تدريجيًا، وشاركت في أول سباق لها في نيويورك، محقّقة زمنًا أبطأ ممّا توقعت، لكنها لم تستسلم.
بوريير سانت بيير التي تبلغ من العمر 29 عامًا، لم تكن تجربتها هذه مجرد مسألة جسديّة، بل كانت أيضًا رحلة نفسية، حيث تساءلت عما إذا كانت ستتمكن من العودة إلى سابق عهدها، ومع ذلك، بدعم من عائلتها وشركة “نيو بالانس” التي عرضت عليها الدعم الكامل خلال فترة حملها، تمكّنت من العودة بقوة إلى السباقات.
في أوّل موسم كامل لها كأمّ، حطّمت بوريير سانت بيير الرقم القياسي الأمريكي داخل الصالات، وفازت بالميدالية الذهبية في سباق 3000 متر ببطولة العالم في غلاسيكو، مما أثبت للجميع أنها لم تتراجع، بل تطورت بشكل كبير.
وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها العديد من الرياضيات فيما يتعلق بالدعم المالي خلال فترة الحمل، كانت بوريير سانت بيير محظوظة بالحصول على دعم العديد من الجهات، ممّا منحها الثقة للعودة بقوة إلى مضمار السباق، وبهذه الطريقة، تمكنت من تحقيق توازن مثالي بين حياتها المهنية كرياضية وبين حياتها الشخصية كأم، مواجهةً أبرز تحديات الأم العاملة.
لا تزال بوريير سانت بيير تواصل رحلتها نحو الكمال، حيث عادت بعد موسمها في الصالات المغلقة إلى المنافسة في أولمبياد باريس 2024، وبعد فوزها في سباق 5000 متر في ولاية أوريغون الأمريكية، قرّرت المشاركة في سباق 1500 متر في أولمبياد باريس، وبالنسبة لها، إنّ هذه المشاركة ليست مجرّد سباق آخر، بل هي فرصة لتقديم مثال حيّ لابنها إيفان على ما يمكن تحقيقه عندما يكون لديك الحافز والإرادة.
إنّ قصّة ندى حافظ وإيل بوريير سانت بيير ليست مجرد قصص عن النجاح الرياضي، بل هي مثال عن الشجاعة والإصرار، وعن كيف يمكن للأمومة أن تكون دافعًا لتحقيق المستحيل.
أثبتَت هاتان الشابتان أنّ الأمومة ليست عائقًا أمام الطموح، بل يمكن أن تكون حافزًا قويًا يدفع المرأة لتحقيق إنجازات لم تكن تتخيلها من قبل، فبفضل إرادتهما القويّة ودعم عائلاتهما، استطعتا تحويل التحديات إلى فرص، وأصبحتا نماذج يحتذى بها لكل امرأة تسعى لتحقيق أحلامها مهما كانت الظروف.
أخيرًا، يمكنكِ متابعة المزيد من أحدث أخبار المشاهير على موقعنا، ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على قصّة الجدّة هدى زيادة التي أصبحت عارضة أزياء لبنانيّة في الثمانين من عمرها.