هل مرض الملاريا معدي؟ سؤال غالبًا ما أسمعه من أقاربي منذ أن انتقلت للعيش في بلد افريقيّ. كما يتساءلون عن كيفيّة الوقاية منه.
تنتقل “الملاريا” إلى البشر عن طريق بعض أنواع البعوض، وتنتشر بشكلٍ خاص في بلدان المناطق المدارية. قد تكون أعراض هذا المرض خفيفة، كما قد تهدد حياة الشخص المصاب وتؤدّي الى الوفاة في بعض الحالات. ولكن، يمكن الوقاية منها بعدّة وسائل، كما يمكن الشفاء منها في حال تلقّى المصاب العلاج في الوقت المناسب.
ونظرًا الى أنّ هذا المرض غير مُنتشر بمنطقتنا والمعلومات عنه غير متوافرة بكثرة، سنقدّم لك في هذا المقال شرحًا تفصيليًّا عن ما هو مرض الملاريا، وسنجيب بذلك عن أسئلتك ومن بينها ما إذا كان مُعدي أم لا.
كيفيّة الإصابة بـ”الملاريا” ومخاطرها
يُصاب البشر بالملاريا عن طريق لدغات بعض أنواع أنثى بعوض الأنوفيلة الحاملة للعدوى.
يوجد 5 أنواع من الطفيليات من فصيلة المتصوّرات التي تسبّب الملاريا لدى الإنسان، ولكنّ اثنان منها يشكلان الخطر الأكبر. هذه الأنواع هي:
- المتصوّرة المنجلية: هي نوع الطفيليات الأشد فتكاً والأكثر انتشاراً في القارة الأفريقية.
- المتصوّرة النشيطة: منتشرة في معظم البلدان الواقعة خارج أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.
- المتصورة الوبالية.
- المتصورة البيضوية.
- المتصورة النولسية.
يُعتبر الأطفال الرضّع والأطفال ما دون سن الخامسة والحوامل والمسافرون والمصابون بالإيدز والعدوى بفيروس، أكثر عرضة لخطر الإصابة بالعدوى الأخطر. وإن لم تُعالج الملاريا التي تسببها المتصورة المنجلية، قد تتفاقم الحالة وتسبب الوفاة خلال 24 ساعة.
عوارض الإصابة بهذا المرض
قد تكون أولى أعراض المرض خفيفة ومماثلة لأعراض الأمراض والفيروسات التي تُسبّب الحمّى ما يصعّب نسبها للملاريا، كالحمى والرعشة والصداع، وصولًا إلى عوارض أكثر شدّة قد تُهدّد حياة المُصاب. يبدأ ظهورها عادة في غضون فترة متراوحة بين 10 إلى 15 يوماً عقب التعرّض للدغة بعوضة حاملة للعدوى. وتشمل الأعراض الأكثر شدّة ما يلي:
- الإرهاق والتعب الشديد
- اختلال الوعي
- صعوبة التنفس
- البول الداكن أو الدموي
- اليرقان (اصفرار العينين والجلد)
- نزيف غير طبيعي
- ويمكن أن تسبب الإصابة بالعدوى بالملاريا أثناء الحمل أيضاً ولادة مبكرة أو انخفاض في وزن المولود.
مصدر الصورة: Freepik
كيف يتمّ تشخيص الملاريا
يتمّ تشخيص الإصابة عن طريق اجراء الاختبارات التشخيصية المعتمدة على تحديد أنواع الطفيليات: إذ يتمّ نقر الأصبع وإخراج نقطة دم لفحصها امّا عن طريق الفحص المجهري (“the thick drop technique” والذي ترجمته الحرفيّة في اللغة العربيّة “القطرة السميكة”). أو الاختبار التشخيصي السريع المتوافر في الصيدليات في البلدان المعنيّة.
علاج مرض الملاريا
تشخيص الإصابة في وقت مبكر يساهم في علاج والتقليل من أعراض الملاريا كما يساعد على الوقاية من الوفيات الناجمة عنها والحد من انتقالها. ومن أكثر الأدوية شيوعاً لعلاج الملاريا:
- الأدوية بالعلاج المركب المكوّن من مادة أرتيميسينين: العلاج الأنجح ضد الملاريا الناجمة عن المتصوّرة المنجلية.
- دواء كلوروكين: ولكن لا يوصى باستخدامه لعلاج العدوى بالمتصورة النشيطة إلا في حالات يُحدّدها الطبيب.
- دواء بريماكين: الذي يتم إضافته إلى العلاج الرئيسي للوقاية من معاودة الإصابة بالعدوى بالمتصورة النشيطة والمتصورة البيضوية.
تُعطى معظم هذه الأدوية على شكل حبوب. ولكن في بعض الحالات الأكثر خطورة، قد يضطرّ البعض الى الذهاب إلى مستشفى أو مركز صحّي لإعطائهم الأدوية عن طريق حقن المحلول.
نصائح للوقاية من الملاريا
يمكن الوقاية من الملاريا عادةً عبر تجنب لدغات البعوض وتناول الأدوية الوقائيّة.
الوقاية من خلال تجنب لدغات البعوض
بدايةً، يمكن الحد من خطر الإصابة بالملاريا من خلال تجنب لدغات البعوض، في بلدان توجد الملاريا، باتّباع الخطوات التالية:
- استخدام الناموسيات عند النوم، ويُستحسن أن تكون معالَجة بمبيدات الحشرات.
- الرش الموضعي للأماكن المغلقة للمواد الطاردة للبعوض، التي تحتوي على ثنائي إيثيل طولواميد أو المواد الطاردة للحشرات “IR3535” أو “Icaridin”.
- استخدام الوشائع والمبخرات
- ارتداء ملابس تُغطّي مُعظم الجسم
- استخدام ناموسيّات النوافذ
طرق الوقاية بالأدوية
ينبغي للمسافرين المتوجهين إلى المناطق التي تتوطنها الملاريا أن يستشيروا طبيب لتوجيههم قبل المغادرة بعدة أسابيع.
- في بعض الحالات، يوصي الطبيب بالبدء بتناول الأدوية للوقاية الكيميائية قبل المغادرة بأسبوعين أو ثلاثة أسابيع. والمواظبة على تناولها خلال فترة الإقامة والاستمرار لمدّة أربع أسابيع بعد التعرض الأخير المحتمل للعدوى لأن الطفيليات قد تستمر في الظهور من الكبد خلال هذه الفترة.
- وفي حالات أخرى، ينصح الطبيب بالمعالجة الكيميائية الوقائية، أي إعطاء علاج كامل بدواء مضاد للملاريا، بصرف النظر عمّا إذا كان الأشخاص الحاصلون على العلاج مصابين بعدوى الملاريا أم لا.
مصدر الصورة: Freepik
هل من لقاح للملاريا؟
حتّى يومنا هذا لم تنتشر بشكل كبير لقاحات الملاريا حيث بدأ العمل بها بشكل فعّال في اوكتوبر من العام 2023. ولكن توصي منظّمة الصحّة العالميّة بالاستخدام البرمجي للقاحات الملاريا RTS,S و R21 بهدف الوقاية من الملاريا الناتجة عن طفيلي المتصورات المنجلية لدى الأطفال الذين يعيشون في مناطق تنتشر بها الملاريا ابتداءًا من عمر 5 أشهر تقريباً.
هل الملاريا مرض مُعدي؟
كما سبق وذكرنا، تنقل أنواع من البعوض عدوى الملاريا الى الإنسان، ولكن هل تنتقل من شخص إلى آخر؟ الجواب: نعم!
ولكنّها تنتقل فقط عن طريق الدم، وذلك سواء بنقل الدمّ من شخص حامل للعدوى أو باستخدام ابر غير جديدة، أي سبق واستخدمت على شخص يحمل العدوى.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، وكشخص عايش الملاريا لسنوات وأصيب بها، لا داعي للقلق إذا كنت ستسافرين أو تعيشين في منطقة تُعرّضك للإصابة بهذه العدوى، ولكن عليك الإلتزام بالنصائح الوقائيّة. وأسرعي بإجراء الاختبار التشخيصي كلّما شعرت بأي من عوارض الملاريا التي ذكرناها، إذ إنّ العلاج في البداية أكثر فعاليّة.