متى يشعر الطفل بالجنس؟ أحد أهمّ الأسئلة التي تطرحها العديد من الأمّهات المتابعات بقلق لمراحل نموّ أطفالهم على جميع الأصعدة.
بقدر ما قد يبدو الأمر مقلقَا ربّما لقلّة الحديث عنه، إلّا أنّه من الطبيعي تمامًا أن يكتشف الأطفال أجسادهم. فبالنسبة لهم، إن اكتشاف الجنس بداية الأمر هو فهم الفرق والقدرة على التموضع بين الجنسين. يتطوّر هذا المفهوم على مراحل لاكتشاف الذات خطوة بخطوة.
ما هي هذه المراحل خلال الطفولة؟ وكيف يُمكنك التعامل معها؟ تابعينا حتّى النهاية!
تعريف “الجنس” لدى الأطفال
تعود البحوث حول الموضوع الى أكثر من قرن إذ إن النظريات حوله ليست بجديدة. عام 1905، وضع سيغموند فرويد، طبيب الأعصاب النمساوي ومُؤسّس مدرسة التحليل النفسي وعلم النفس الحديث، نظريّة لمفهوم “النشاط الجنسي الطفولي” في كتابه “ثلاث مقالات في النظرية الجنسية”. تسبّب هذا النصّ بفضيحة في ذلك الوقت والذي، حتى يومنا هذا، لا يزال غير معروف لكثيرين.
يعتبر فرويد أن مصّ الثدي، الزجاجة أو الإصبع، يأتي من منطقة مثيرة للشهوة الجنسية وهي الفم، المصدر الأول للمتعة للرضيع والذي يساعده على تهدئة نفسه.
ويصفه بـ”الشكل الأول من أشكال النشاط الجنسي”، فمن خلاله يتغذى الطفل ويمكن أن يشعر بالشبع والهدوء. ثم، فإن مفهوم المنطقة المثيرة للشهوة الجنسية التي توفّر المتعة يمتد تدريجيًا إلى فتحة الشرج والمنطقة التناسلية.
ويتطور النشاط الجنسي الطفولي من الاحتياجات الأساسية الحيوية للجسم (كالطعام، التغوط، التبول)، الى استغلال هذه المناطق “المثيرة للشهوة الجنسية” من أجل متعة الفرد وليس فقط احتياجاته.
المراحل المختلفة لـ”الحياة الجنسية للطفل”
من عمر 8 أشهر، يمكن للطفل أن يبدأ في اكتشاف أن لمس أعضائه التناسلية أو فركها يمنحه المتعة. دون أن يكون “استمناء” كما هو الحال لدى البالغين، فإن هذا الفعل الطبيعيّ في تطوّره يسمح له باكتشاف جسده وقد يساعد على تهدئة.
ينقسم النشاط الجنسي للأطفال إلى ثلاث مراحل:
- المرحلة الفموية: من الولادة إلى 12-18 شهرًا
يغطي الطفل كل ما يتعلق بالمصّ في منطقة الفم. يستمتع الطفل بمص الثدي أو الزجاجة أو اللّهاية أو الإبهام. فالفم، في هذه المرحلة، هو العضو الذي يتلامس من خلاله الطفل مع العالم الخارجي.
- المرحلة الشرجية: من 18 شهرًا إلى 3 سنوات
يصبح الطفل على دراية بالتغوط وحقيقة أنه يستطيع التحكم في احتياجاته بفضل العضلة العاصرة، ولم يعد يفعل ذلك في الحفاض. ويعتبر محلّلون نفسيّون أن هذه المرحلة يمكن أن تختلف بين طفل وآخر، إذ قد تسبب القلق للبعض والمتعة للبعض الآخر. لكن في الحالتين، تهدف المرحلة الشرجية إلى إرضاء الأم الّتي تشجّع طفلها على قضاء حاجاته.
المصدر: Freepik
عند سن الثالثة تقريبًا، يبدأ الأطفال أيضًا بطرح أسئلة مثل “من أين يأتي الأطفال”، كما يقومون بلعب أدوار الأبّ والأمّ. كلّ هذه الأمور تدخل ضمن تطوّر وعيهم الجنسي.
- المرحلة التناسلية: بين 4 و5 سنوات
يكتشف الطفل جنسه في هذه المرحلة. إذ يبدأ الطفل الذكر في لمس عضوه ليهدأ، وتميل الطفلة إلى تحسّس أو فرك نفسها. وبعضهم قد يكون لهم فضول جنسي أكثر من أقرانهم ويحاول لمس الأعضاء الخاصّة لدى أطفال من الجنس الآخر، على سبيل المثال. ويُوضح المتخصّصون أنّ هذه التصرّفات لا تمنح الطفل متعة النشوة الجنسية كما يعرفها البالغون، ولكن يمنحه نوع من المتعة والاسترضاء.
اكتشاف الأطفال لـ”المتعة الجنسية”
يختلف توقيت اكتشاف المتعة الجنسية من طفل الى آخر، إذ تكتشف الفتيات حركة الاحتكاك بعمر أصغر من الذكور، بعمر الثلاث سنوات تقريبًا. أمّا بالنسبة للأطفال الذكور، يحصل ذلك بين سن الخمس والست سنوات، عندما يبدؤون بلمس وتحسّس عضوهم.
يعرف جميع الأطفال، بطريقة أو بأخرى، متعة الأعضاء التناسلية. وفي حالات نادرة، قد يحافظون على متعة الفم عن طريق مص أصابعهم حتّى عمر متأخّر.
متى يبدأ الطفل بالشعور بالانتصاب؟
يحدث لدى الأطفال الصغار ما يُعرف بانتصاب منعكس منذ الولادة، يكون عابرًا ولمدّة قصيرة لا تتعدّى الدقائق، هو غير مؤلم أو مُزعج للطفل، لا بل من الممكن أن يجعله يضحك. يحصل هذا الانتصاب من دون سبب واضح وفي بعض الأحيان قد يحدث قبل التبوّل بقليل عند امتلاء المثانة.
يُعتبر الانتصاب العابر لدى حديثي الولادة، الرُضّع والأطفال دليل على سلامة الجهاز العصبي لدى الطفل وهو جزء طبيعي لتطوّره. لكن هذا لا يتعلق بالإثارة.
يحصل الانتصاب، الذي هو جزء من حركة الإثارة الجنسية، خلال مرحلة ما قبل البلوغ ويتم تعزيزه عند البلوغ. بالإشارة الى أنّ القذف لا يمكن أن يحدث إلّا بعد البلوغ.
المصدر: Freepik
بعض النصائح للتعامل مع طفلك
من الطبيعي أن يكتشف الصبيّ أو الفتاة حياتهم الجنسية، ولكن عليك أن توضحي لهم أنّ الأمر بغاية الخصوصيّة. فإذا كان طفلك في غرفته مثلًا ورأيته وهو يتحسّس أعضائه التناسلية، يوضح المتخصّصون أنّ ردّ الفعل المناسب هو المغادرة وترك بعض الخصوصيّة. من الطبيعيّ أن تصابي بالصّدمة كأمّ وتشعري بالإحراج ولكن عليك أن تتحلّي بالهدوء للتعامل مع مثل هذه المواقف.
برأيي الشخصي كمحرّرة، قد لا يكون من السهل التعامل مع هذا الجانب الحسّاس نوعًا ما من نموّ طفلك، ولكنّها مراحل مهمّة لا بدّ لأي طفل أن يمرّ بها. وأنصحك، برفقة طفلك، بقراءة بعض الكتب المناسبة لعمره والّتي تشرح له ما عليه معرفته عن أعضاء الخاصّة وتطوّره الجنسيّ في كل مرحلة، ما قد يُساعده على فهم ما يحدث معه بشكل أفضل ويُسهّل عليك الإجابة عن أسئلته الجنسيّة. هذا الأمر يُساعد أيضًا على تقرّبه منك والتحدث معك عمّا يحصل معه. ولا تتردّدي بطلب مساعدة ذوي الاختصاص عند الحاجة.