يُعَدّ التفريق بين الزوجين واحد من أخطر الأفعال التي قد تؤدّي إلى انهيار الأسرة وتدمير المجتمع. منذ القدم، اعتُبرت العلاقة الزوجيّة رباطًا مقدسًا يقوم على المحبة والمودّة والتفاهم بين الشريكين. لذلك، أيّ تدخّل خارجي يهدف إلى إفساد هذا الرباط يُعد اعتداءً على مبادئ الأخلاق والدين. من هنا تأتي أهميّة التطرّق إلى هذا الموضوع الشائك.
في هذا المقال، سنجيب عن أهم الأسئلة المتعلّقة بالتفريق بين الزوجين، مثل: من هو الشخص الذي يسعى إلى هذا الفعل؟ وهل يغفر الله لمن ارتكب هذا الذنب؟ كما سنناقش الحالات التي يُسمح فيها بالتفريق وفقًا للشرع.
ماذا يسمى الشخص الذي يفرق بين الزوجين؟
ما هو اسم الشخص الذي يسعى إلى التفريق بين الزوجين ؟ في البداية، لا بدّ أن نفهم المعنى الحقيقي لمن يفرّق بين الزوجين. هذا الشخص يُطلق عليه في الشريعة “المُفسِد” أو “الساعي في الفساد”. والفساد هنا لا يقتصر فقط على الإضرار بالعلاقة الزوجيّة، بل يمتدّ ليشمل الأثر السلبي الذي يخلّفه على الأسرة والأبناء والمجتمع بأكمله.
ومن الجدير بالذكر أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حذّر بشدّةٍ من هذا السلوك في قوله: “ملعون من خبب امرأة على زوجها أو عبدًا على سيّده” (رواه أبو داود). هذه الكلمات توضح بجلاء أن التدخل في العلاقات الزوجية بهدف التفريق بين الزوجين يُعد من الكبائر التي تستوجب لعنة الله.
علاوة على ذلك، يتصف هذا الشخص بالأنانية والرغبة في السيطرة. حيث يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب سعادة الآخرين واستقرارهم. باستخدام الحيل والكذب، يعمد إلى إثارة الشكوك بين الزوجين إلى حدّ المرض، مما يؤدي إلى تصدع العلاقة وإضعافها.
هل يغفر الله لمن فرق بين الزوجين؟
بالحديث عن المغفرة، لا بد أن نشير إلى أن رحمة الله واسعة وتشمل كل من يتوب توبة نصوحًا. مع ذلك، يشدد الشرع على ضرورة أن تكون التوبة صادقة وشاملة لكل أركانها. أولًا، يجب أن يندم الشخص على فعلته، ويتوقف تمامًا عن السلوك الذي أدى إلى هذا الذنب. ثانيًا، ينبغي عليه إصلاح ما أفسده، سواء من خلال الاعتذار أو محاولة إصلاح العلاقة بين الزوجين.
على سبيل المثال، إذا تسبّب شخص في التفريق بين الزوجين ، فإنّ عليه أن يسعى جاهدًا لإعادة الأمور إلى نصابها. بالإضافة إلى ذلك، يحتاج إلى التضرع لله بطلب المغفرة والإكثار من الأعمال الصالحة التي تعزّز توبته.
لكن من المهمّ أن نذكر أنّ الأذى الناتج عن التفريق بين الزوجين ليس فقط أذى نفسيًا للزوجين. بل يمتد ليؤثر على الأطفال، إذا وُجدوا، وعلى الأسرة ككل. لذا، فإن الشريعة تُحذّر بشدّةٍ من هذا الفعل لأنّه يؤدّي إلى تفكّك المجتمع بأسره، لا سيّما أنّ طلاق الوالدين يؤثّر على نفسيّة الأطفال وتصرّفاتهم.
ما هي حالات التفريق بين الزوجين؟
على الرغم من أنّ التفريق بين الزوجين يُعَدّ محرمًّا في معظم الحالات، إلا أن هناك استثناءات يُقرها الشرع وفق ضوابط معينة. هذه الاستثناءات تضمن العدالة وتحفظ حقوق الأطراف المتضررة. لذا سنكشف لكِ عن أبرزها في ما يلي:
1. التفريق بسبب الضرر
أحيانًا، يحدث الضرر داخل العلاقة الزوجية، سواء كان نفسيًا أو جسديًا. على سبيل المثال، إذا تعرّض أحد الطرفين للإيذاء المستمر، يصبح التفريق خيارًا شرعيًا للحفاظ على الكرامة الإنسانية. في مثل هذه الحالات، لا يُعتبَر الطلاق إفسادًا، بل حلًّا يضمن السلامة للطرف المتضرّر.
2. التفريق بسبب انعدام الأخلاق أو الدين
إذا كان أحد الزوجين يتّصف بسلوكيّاتٍ غير أخلاقيّة، مثل تعاطي المخدرات أو الخيانة الزوجية، فقد يُعَدّ التفريق بين الزوجين ضروريًا لضمان الاستقرار النفسي والأخلاقي للطرف الآخر. في هذه الحال، يجب أن يكون التفريق بناءً على حكم شرعي وبعد استنفاد محاولات الإصلاح.
3. التفريق لعدم التوافق
في بعض الأحيان، يكتشف الزوجان بعد الزواج وجود اختلافات جذريّة تجعل الحياة المشتركة مستحيلة. على سبيل المثال، قد يكون هناك اختلاف كبير في التفكير أو القيم أو الأولويات. في هذه الحال، يكون التفريق خيارًا عقلانيًا للطرفين لتجنّب المزيد من الأزمات.
4. التفريق بسبب السحر أو الشعوذة
للأسف، يلجأ البعض إلى السحر والشعوذة لتفريق الزوجين. يدين الإسلام بشدّة هذه الأفعال ويعتبرها من الكبائر. يشدّد الشرع على محاربة هذه الظواهر لأنّها تفسد العلاقات وتدمّر المجتمعات.
في النهاية، يبقى التفريق بين الزوجين موضوعًا حساسًا يحتاج إلى توعية دينية واجتماعية واسعة. يُدين الشرع الإسلامي كلّ تدخل سلبي يؤدي إلى الإفساد بين الأزواج، ويضع شروطًا صارمة للحالات التي يُسمح فيها بالتفريق. لذلك، يجب أن يتحمل كل فرد مسؤوليته في الحفاظ على العلاقات الزوجية وحمايتها من التدخلات الخارجية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وعرضنا لكِ 8 علامات تدلّ على أنّه فقد مشاعره تجاهك!
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ التفريق بين الزوجين يُعد من أكثر الأفعال التي تعكس انعدام الأخلاق والضمير. تقوم العلاقة الزوجيّة على الثقة والتفاهم، وهدمها بسبب أطراف خارجية يُعتبر جريمة في حق الأسرة والمجتمع. لذلك، يجب علينا نشر ثقافة الحوار والإصلاح بدلًا من التشجيع على الفساد والتفرقة. إن حماية الأسرة واجب جماعي، ويجب أن نسعى جميعًا لدعم هذا الرابط المقدس بكل الوسائل الممكنة.