تبدأ “لما تحسي بالخوف من التعبير” رحلة داخلية من الصمت، والشعور بالتعب النفسي، والتساؤل: لماذا أخاف أن أقول ما في داخلي؟ وهل مشاعري غير مرحّب بها؟ أم رأيي يُقلّل منّي؟ لا يظهر طرح هذه الأسئلة من فراغ، بل بعد خوض تجربة متكررة مع شريك لا يمنحكِ المساحة الآمنة لتكوني على طبيعتكِ. تمرّ عليكِ لحظات كثيرة وأنتِ تختارين الصمت على أن تُساء فَهمكِ، أو تُواجهي ردًا جارحًا، أو تُقللي من قيمة إحساسكِ.
في هذا المقال، نغوص سويًا في جذور الإحساس بهذا الشعور، ونفهم لماذا تفقد المرأة شعور أمانها العاطفي، وما هي العلامات التي تُشير إلى ذلك. سنساعدكِ أيضًا على اتباع خطوات عملية تعيد لكِ صوتكِ الداخلي، وتساعدكِ على بناء تواصل صحي وصادق، يبدأ منكِ وينعكس على علاقتكِ. لأنكِ تستحقين علاقة تشبهكِ.. فيها مساحة، وشعور بدفء، وصدق.
تعرّفي على علامات نقص الأمان العاطفي
ينعكس غياب شعور الأمان العاطفي في كل تفاصيل العلاقة. تشعرين بالوحدة حتى في وجود الطرف الآخر. تتردّدين في مشاركة ما يزعجكِ، وتختارين السكوت بدل المواجهة، وتضحكين مجاملة بينما قلبكِ يشعر بثقل.

تشير دراسة نُشرت في مجلة Journal of Marital and Family Therapy إلى أنّه يتجه 67% من النساء اللواتي يعانين من نقص الدعم العاطفي للكتمان بدل المصارحة، مما يؤدي إلى ارتفاع شعور القلق، وتراجع جودة العلاقة الزوجية تدريجيًا.
اعرفي جذور المشكلة
يبدأ شعور الخوف من التعبير في مرحلة الطفولة أحيانًا. قد تنشئين في بيئة لا تُشجّع على التعبير، أو تُشعركِ أن رأيكِ لا قيمة له. لاحقًا، يُعيد خوض العلاقات غير المتوازنة إنتاج هذا النمط: شريك لا يستمع، أو يسخر، أو يتجاهل.
وفقًا لدراسة من جامعة كاليفورنيا, فإنّ النساء اللواتي يشعرن بعدم الأمان العاطفي يكنّ أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الحاد واضطرابات النوم. لا يُبنى شعور الأمان في يوم، بل يحتاج لمساحة، وشعور ثقة، واستجابة داعمة.
واجهي الخوف بخطوات بسيطة
ابدئي أولًا بتعريف مشاعركِ. اكتبي ما تشعرين به بدفتر صغير. لا تحكمي عليهفورًا ، بل لاحظيه بصدق. بعدها، اختاري وقتًا هادئًا للكلام. لا تهاجميه، بل تحدّثي من منظوركِ: “أشعر أنّني وحدي”، بدل “أنت لا تفهمني”.

هيّئي الجو، وابتعدي عن الدخول في النقاشات المتوترة، واختاري نبرة هادئة، كما يُفضّل أن تربطي كلامكِ بلحظة عشتِها فعليًا: “شعرت في الأمس بالتجاهل حين..”، يُسهّل ذلك على الشريك التفاعل بدون دفاع.
ثابري على التعبير حتى لو لم يتغيّر الطرف الآخر
عبّري من أجل نفسكِ، لا فقط من أجل إصلاح العلاقة. يُخفّف التعبير الصادق شعور التوتّر الداخلي، ويعيد لكِ شعور السيطرة على أمور حياتكِ. حتى إن لم تتلقّي الرد الذي تطمحين له، فأنتِ لا تكبتين، بل تواجهين.
كرّري المحاولة، اصنعي روتينًا أسبوعيًا للحوار. خصّصي عشر دقائق يوميًا فقط لمشاركة شعوركِ. يبني التكرار عادة، ويكسر حاجز الشعور بالخوف.
اطلبي المساعدة إذا استمر شعوركِ بالخوف
لا تخجلي من طلب دعم مختصّ، فالعلاج النفسي ليس ضعفًا، بل شجاعة في القدرة على الاعتراف بوجود شيء يحتاج إلى إصلاح. تُشفى بعض العلاقات، وينضج بعضها أكثر حين نتعلّم كيف نحمي أنفسنا.

تُظهر بيانات من الجمعية الأمريكية لعلم النفس (APA) أنَّ الأزواج الذين خضعوا لجلسات دعم نفسي مشترك شهدوا تحسنًا بنسبة 78% في تعزيز التواصل العاطفي.
لا تقبلي علاقة تجعلكِ تخافين من التعبير
اسألي نفسكِ بصدق: هل تستحقين خوض علاقة تخنقكِ؟ أم علاقة تحرّركِ؟ لما تحسي بالخوف من التعبير، اعرفي أنكِ تستحقين من يسمعكِ، لا من يصمّ أذنيه، فليس من الطبيعي أن تخافي من البوح، وليس من الطبيعي أن تتجنّبي الكلام لتجنّب المشاكل.
افهمي أن العلاقة الصحية تُبنى على حرية التعبير، لا على تكميم المشاعر. حين يُقدّركِ الطرف الآخر، سيصغي قبل أن يرد، ويحتوي قبل أن يحكم.
لا تقارني نفسكِ بعلاقات الآخرين
توقّفي عن مقارنة علاقتكِ بما ترينه على مواقع التواصل. ما ترينه ليس الواقع، بل مشاهد منتقاة من زوايا مثالية. تزداد مشاعر النقص لديكِ حين تقارنين، وتقلّ قدرتكِ على التقدير الواقعي لما تعيشينه.
ركّزي بدلًا من ذلك على تطوير أسلوب التواصل بينكما، فكل علاقة لها إيقاعها، وأنتِ لستِ مطالبة بأن تكوني “مثالية”، بل أن تكوني صادقة، وواعية، وقادرة على النمو رغم المرور بصعوبات.
تعني عبارة “لما تحسي بالخوف من التعبير” أنكِ فقدتِ جزءًا من شعور الأمان الذي تستحقينه في علاقتكِ. لا يجب أن يخشى أحد من التعبير عن مشاعره أو رغباته أو حتى ألمه داخل علاقة يفترض أن تكون مساحة للشعور بالدعم لا المحاكمة. حين تصمتين خوفًا من احتمال رد الفعل، أو تترددين في مشاركة ما تشعرين به، فأنتِ لا تعانين من “ضعف”، بل من غياب في التواصل العاطفي يجب أن يُعالج. أخيرًا سبق وعرضنا لكِ عبارات عن عدم الاهتمام بالحبيب ستجعله يندم فورًا!
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أؤمن أن التعبير الصادق هو شجاعة، وليس ضعفًا. تستحق كل امرأة أن تُصغي ويُصغى إليها، وأن تعبّر من دون شعور بخوف، وأن تشعر بالأمان حتى في لحظات الشك. إن شعرتِ بأن صوتكِ مقيّد، فلا تهملي هذا الشعور. ابحثي عن المساحة التي تُنبت فيها كلماتكِ بلا شعور بخوف.. حتى لو كانت أولًا مع نفسكِ، ثم في حوار ناضج يبني ولا يهدم.