كل ما عليك معرفته عن الزواج والحب والصداقة سنشاركه معك في ما يلي يا عزيزتي بغية توضيح الصورة أكثر في رأسك خصوصا لمنع أي التباس.
علما انه يجب أن يكون الحب متوازنا بلا تطرف، وأن تكون حتى الكراهية والعداء بغير مبالغة وظلم واعتداء. ففى جميع الأحوال، المطلوب التمهل والصبر والتحمل. وإليك أسباب الزواج الناجح
العلاقات
فليس الناس دومًا يتحدثون ويفعلون كما نريد ونحب، فهناك اهتمامات مختلفة للبشر، ومصالح قد تتوافق وقد تتعارض أحيانا. وهناك أولويات فى حياة كل إنسان، قد لا يعرف أنها أولوياته، إلا حين تتعرض للمخاطر حتى من أحب الناس إليه. واكتشفي الصفات التي يبحث عنها الرجل
لذا يجب ألا يكون العداء مطلقًا وحتميًا ودائمًا، بل علينا أن نجعل دومًا طريقًا للعودة والتراجع، وإذا أغلقت بابا، افتح شباكًا. وبالمثل فى مجال المحبة والصداقة، لا تستنزف مشاعرك بشكل عبثى وإنما اجعل خط التوازن ماثلًا وموجودًا بشكل دائم..
ولكن هناك فكرة معاكسة تقول إن التوازن يأتى من حكمة الخبرة ومن طول معايشة الناس، ولكنه أيضًا يأخذ من فورة الشعور الذى يؤتى أعلى درجات متعته من بعض التطرف فى القرب والمحبة والغرام والغيرة الذى يميز الشباب وصغار السن.
الحكمة تجعل المشاعر المتوازنة طويلة المدى وتأخذ قليلًا من النشوة، وتطرف المشاعر يعطى نشوة قد لا تطول وتعيش العمر مع الإنسان.
قالت الشابة الرقيقة:
أغلب صديقاتى وأصدقائى الذين كانوا يحبون بعضا أثناء الجامعة وتزوجوا لم يوفقوا وحدث بينهم الطلاق.
قلت لها: يا بنيتى، الظروف المحيطة بالشباب أثناء الدراسة بلا مسؤولية سوى الاستذكار والتمتع بالحياة بدون مسؤوليات، تختلف عن واقع الحياة العملية بعد التخرج.
ولابد للعلاقات الإنسانية أن تتوافق مع واقع جديد نعيشه ومسؤوليات تستجد، ونجاحات وإخفاقات تحدث لكل واحد، وتتغير التوازنات المحيطة وتتغير المشاعر.. لذلك لابد من التريث فى قرار الزواج بعد التخرج والعمل.
قال شاب آخر: يعنى حضرتك تنصح بالزواج المتأخر فى سن أكبر؟
قلت: لكل علاقة ظروفها، ولا يمكننى تحديد سن معينة، ولكنى أنصحكم بالتريث وعدم الاندفاع وراء المشاعر فقط فى ظروف معينة، فقد تتغير الظروف، فتتغير المشاعر.
قالت فتاة فيلسوفة من الحالمات: مثل أصدقاء المصيف وأصدقاء الرحلات، الذين بانتهاء المصيف والرحلة قد لا تستمر الصداقة بنفس الشكل لتغير ظروف الحياة.
قلت: فعلا.
قالت أخرى: وماذا تنصحنا فى الزواج؟
قلت: يقول جبران خليل جبران فى الزواج كلاما أردده منذ قرأت كتابه العظيم «النبى».
يقول بتصرف منى: فى الزواج أنتما معا لبناء حياة. ومع ذلك، فليكن بينكما فسحات. وليعطِ كل منكم الآخر من رغيفه، ولكن لا تشتركا فى رغيف واحد.
فإن أعمدة المعبد تقوم على انفصال. وأوتار القيثارة تشدو، وإن شدت على افتراق.
ويقول العلم وفيزياء الكم: إن البنيه الأساسية لكل الكون شىء أصغر من كل شىء اسمه «الكوارك»، وهى تتكون من شعيرات تتراقص وتتذبذب بطرق مختلفة فتتكون المادة. وإن الله فى ذهنى هو المايسترو الذى يجعل كل مجموعة كواركات تتذبذب بشكل مختلف، فتتكون المادة التى هى تعبير من الطاقة حسب نوع الذبذبات. وكأن الحياة كلها قطعة موسيقى، والكون هو نغم إلهى. كذلك حياتنا وارتباطنا بشركاء العمر، زوجًا كان أو صديقًا، هى منظومة تحتاج للتوافق والتناغم كقطعة الموسيقى أو سيمفونية الحياة. يكتبها اثنان، ويعزفانها سويا. يتجنبان النشاز ويسعيان للرقى بها لبناء حياة سعيدة سوية.
قال الشاب الواقعى: أليس الزواج صفقة مثل كل الصفقات نحقق من وراءها هدفًا؟.
قلت: الزواج ليس صفقة.
الزواج التزام أخلاقى بين رجل وامرأة يسعيان لإسعاد بعضهما وبناء أسرة.
الزواج هو إعلان بين الناس بالتزام بين اثنين بينهما حب وصداقة واحترام والتزام.
والصداقة بين الزوجين تزداد أهميتها بمرور الزمن، إذا دخل إنسان إلى الزواج بهدف الربح وتحقيق أهداف فهو زواج نهايته محتومة.
قالت شابة أخرى: وماذا عن الانفصال والطلاق؟
قلت: إذا سعى أحد الطرفين للطلاق دون محاولة جادة للصلاح فهو مخطئ.
لا تُقدما على زواج إلا وبينكما محبة وصداقة ومودة واحترام.
أركان أربعة إذا تداعى أحدهم يسقط الالتزام ويختفى.
وإذا قررتما عدم إكمال الالتزام، لفشلكما فى خلق حياة مشتركة فلتنفصلا دون ضغينة ودون كره.
مرة أخرى، الزواج ليس مجرد عقد وصفقة نحقق منها ربحا.
فلنلتقِ بحب وننفصل بمودة واحترام.
قالت شابة تسافر كثيرًا: أنا لمّا أتزوج سأعقد قرانى فى إنجلترا أو أمريكا، حيث يعطينى القانون الحق فى نصف ثروة زوجى عند الطلاق.
قلت: إذن أنت لم تسمعينى، إذا كان هدف الزواج هو الحصول على المنفعة، فستكون نهايته هى إلحاق الضرر بكل منكما؛ لأن فى طلب المنفعة الأنانية عند الانفصال، فأنتِ تعطى الطرف الآخر حق إلحاق الضرر بكِ، وحتى فى العالم الغربى المادى، المنافع تعود على مكاتب المحاماة وليس على الزوجين.
فلتتزوجا بالمعروف ولتنفصلا بالمعروف.
قال شاب مثقف: عند الاختلاف تصبح الأمور معقدة يا دكتور وتختفى هذه القيم.
قلت: تأكدوا يا أولادى أن الحق ليس فى قانون غربى ولا محلى، الحق يظل حقا فى كل الأحوال. ومعادن الناس تظهر ساعة الاختلاف، فلا تندفعوا لإلحاق الضرر، بل اسعوا إلى تحقيق الانفصال برقى أخلاق وسعة صدر وتسامح.
قالت شابة حديثة الطلاق: لقد عذبنى طليقى وجعلنى أتنازل عن كل حقوقى ومعى طفل منه لكى أحصل على الطلاق.. فهل هذا يرضى الله أم لأنى فقط أعيش فى مصر؟.
قلت لها: لا، إذا تزوجتما على سنة الله ورسوله، فلا يرضى الله عدم حصولك على نفقة أولادك ورعايتهم فى مصر أو فى غيرها، ولا يرضى الله أيضا سلب الزوجة نصف أملاك طليقها إذا كنتِ فى بلاد الغرب، كما تقول زميلتك.
قال شاب آخر: ليس كل الصعاب ما يواجه المرأة، فهناك زوجات متطلباتهن هى عائق استكمال الحياة. يجب ألا نلقى اللوم فقط على الرجال.
قلت: كل موقف له ظروفه، ودعونى أشارككم حكمة تعلمتها: فى مرحلة الزواج غير الواعى، تتمسك باعتقادك أن شريكك يدرك بالحدس احتياجاتك، ويفهمها من تلقاء نفسه، أما فى مرحلة الزواج الواعى فحتى تتفاهم مع شريك حياتك لابد لك من أن تفتح قنوات تواصل معه.
قالت شابة غاضبة: هل يمكن للرجل حب أكثر من واحدة فى نفس الوقت؟!.. يا دكتور، زوجى يقسم أنه يحبنى وفى الحقيقة هو شريك حياة مثالى، رقيق، يتحمل مسؤولياته ويبدى مظاهر حبه فى كل موقف، ولكنى علمت مصادفة أنه على علاقة بامرأة أخرى، ولو لم أعلم ما شككت أبدًا، أليس هذا مبررًا لطلب الطلاق، رغم أن بيننا طفلة جميلة يعطيها حبه ورعايته؟!.
قلت: سؤال صعب الإجابة عنه يا بنيتى.. ولكن ما أستطيع قوله إنك انتى التى فى الموقف الأقوى، فأنت الزوجة والأم الآن فلا تحولى الموقف إلى غير صالحك وتتخلى عن أعمدة حياتك، بل حاولى بذكاء الاحتفاظ به؛ لأنه كما تقولين أب وزوج مثالى، فلا تدفعيه لأخذ موقف اختيار، فقد تكون هذه لقطة فى حياته ولكنك أنتِ الفيلم كله.
أعلم صعوبة ذلك، ولكن كل ما شاهدته من تجارب فى الحياة تقول إن الزوجة أو الزوج العاقل هو من يستوعب الآخر ويُظهر ويعمق أولوياته، لا أن يختار الهروب بالانفصال.
طبعًا، كل موقف له ظروفه، ولكنى تعلمت أن لا أحول لقطة فى الحياة إلى فيلم، ولا أن أختصر الفيلم إلى لقطة قد تكون ظروفها غير مستدامة.
قال شاب عاقل: نصيحة أخيرة يا دكتور حول السعادة فى الحياة، لننهى حديثنا بشكل إيجابى كما عودتنا..
قلت: السعادة قرار إيجابى، ولها مقومات، إن لم نسعَ إليها قد لا نجدها. صحيح أن بعض الناس، وأنا منهم، چيناتهم مستعدة للبهجة، ويرون فى الناس أفضل ما فيهم، وفِى الأحداث حولهم أجمل ما فيها.. ولكن إن لم يكن الإنسان ساعيا للبهجة، وطالبا للسعادة، فقد تمر الأيام ولا يراها؛ لأنه لا يبحث عنها.
والعقل الجمعى للأسرة وللمجتمع قد يخلق طاقة إيجابية والعكس. هذا العقل الجمعى تحركه ثقافة المجتمع وقادة المجتمع وإعلامه وفنونه، والاستعداد الوجدانى له يبدأ من الصغر، فى المنزل والمدرسة والجامعة، فى النادى والساحة، فى بيوت الصلاة.. جوامع وكنائس ومعابد.
الحياة نعمة من الخالق، والبهجة بها شكر لله، وعلينا أن نتوق إليها ونتذوقها، فهى حق من حقوق كل واحد فيكم، فلتسعوا إليها، واجعلوها هدفًا فى ارتباطكم، وانقلوا طاقتها الإيجابية لأولادكم
أخيرًا، وأنتِ؟ هل تعتبرين أنّ الحبّ هو السر الغريب وراء الزواج السعيد كل زوجين يرغبان في تطبيقه؟