تعتبر بعض العادات البسيطة التي يمارسها الأطفال يوميًا غير ضارّة في نظر الأمهات والآباء، إلّا أنّ الدراسات الحديثة قد أظهرت أنّ بعضها يمكن أن يشكّل خطرًا على صحّتهم المستقبليّة.
إحدى هذه العادات هي العبث بالأنف (أو نكش الأنف)، التي، بعيدًا عن مظهرها غير المقبول، يمكن أن تكون لها آثار صحيّة جسيمة تتعدّدى مجّرد إصابة بالأمراض الأكثر شيوعًا في أوساط الأطفال.
تداعيات العبث بالأنف
تشير أبحاث حديثة نُشرت في “المجلة الأميركية للعلوم الطبية” إلى أنّ العبث بالأنف قد يحمل مخاطر صحيّة لم تكن معروفة من قبل. وبينما يُعتبر هذا السلوك شائعًا بين الأطفال والكبار على حدٍّ سواء، فإن العلماء يحذّرون من احتمالية وجود علاقة بين ممارسة هذه العادة والإصابة بمرض ألزهايمر.
فقد أشار الباحثون إلى أنّ الجراثيم التي تنتقل من الأصابع إلى الأنف يمكن أن تصل في النهاية إلى الدماغ، محدِثةً التهابات قد تسهم في تلف خلايا الدماغ. ومع مرور الوقت، قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض تنكسية عصبيّة مثل ألزهايمر.
كيف تتسلل الجراثيم إلى الدماغ؟
وفقًا للدراسة، فإنّ الجراثيم مثل البكتيريا والفيروسات قد تجد طريقها إلى الدماغ من خلال العصب الشمّي الذي يربط الأنف بالدماغ. ومن بين الميكروبات التي أُشير إليها في الدراسة كانت فيروس الهربس، فيروس كورونا، والبكتيريا التي تسبب الالتهاب الرئوي. والمعروفة بأنّها قادرة على الوصول إلى “البصلة الشمية”، وهي منطقة في الدماغ مسؤولة عن حاسة الشم. وبمجرد وصول الجراثيم إلى هذه المنطقة، يمكن أن تسبّب التهابات تؤدّي إلى تكون لويحات أميلويد، وهي علامة مميّزة لمرض ألزهايمر.
التأثيرات الصحيّة طويلة الأمد
أكّدت الدراسة أيضًا أنّ العبث بالأنف قد يضرّ بالغشاء المخاطي داخل الأنف، ممّا يسهّل دخول الميكروبات إلى مجرى الدم. ومع مرور الوقت، قد تؤدّي هذه الالتهابات إلى مواجهة مشاكل صحيّة أكثر خطورة، مثل الخرف وأمراض تنكسية أخرى. وقد استندت هذه النتائج إلى عدّة دراسات، من بينها دراسة ممولة من معاهد الصحّة الوطنيّة الأميركيّة التي نُشرت في عام 2022.
توصيات الباحثين للوقاية
على الرغم من أنّ الأبحاث الحالية لا تزال في مراحلها المبكرة وتحتاج إلى مزيد من الدراسات الموسَّعة للتحقّق من العلاقة بين العبث بالأنف ومرض ألزهايمر، فإن الباحثين يقدمون نصائح وقائيّة بسيطة يمكن للأهل اتّباعها. إحدى هذه التوصيات هي ضرورة غسل اليدين بانتظام، وهي ممارسة تعلّمها العالم بأهمية أكبر بعد انتشار جائحة كوفيد-19.
يشدد الخبراء على أنّ غسل اليدين وتعقيمها يمكن أن يقلّل من احتمالية انتقال الجراثيم من الأصابع إلى الأنف، وبالتالي الحدّ من خطر التعرّض للعدوى.
قد تبدو عادة العبث بالأنف بسيطة وغير ضارة، لكنّ الدراسات الحديثة تلفت انتباه الأهل إلى المخاطر المحتملة المرتبطة بها. من المهم أن يتعلّم الأطفال عادات النظافة الجيدة، بما في ذلك غسل اليدين بانتظام، لتجنب مواجهة مشاكل صحيّة قد تؤثّر على مستقبلهم. وعلى الرغم من أن الدراسات حول هذا الموضوع لا تزال في مراحلها الأوّليّة، إلّا أن الوقاية تظل دائمًا أفضل من العلاج، خاصّةً عندما يتعلّق الأمر بصحّة الأطفال. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدّمنا لكِ أبرز النصائح لتعليم النظافة الشخصية للاطفال.