تُعَدّ المعاناة من القولون العصبي حال شائعة تؤثر على الجهاز الهضمي، وهي تواجه العديد من الأشخاص حول العالم. ومع ذلك، تساعد الأبحاث المستمرّة في اكتشاف طرق جديدة وبسيطة لتخفيف العوارض المزعجة المصاحبة لهذا المرض.
من بينها، دراسة حديثة أُجريت في جامعة لوند بالسويد التي قدمت نتائج مذهلة حول تأثير بعض التغييرات الغذائية على تحسّن عوارض القولون العصبي بشكلٍ سريعٍ وملحوظ.
تقليل السكريات والنشويات: الحل المثالي لعوارض القولون العصبي
كشفت الدراسة الجديدة أنّ تقليل استهلاك السكرياّت والنشويّات يمكن أن يُحدِث فرقًا كبيرًا في تحسين العوارض المرتبطة بالقولون العصبي. وبحسب ما ذكره موقع MedicalXpress، فإنّ النظام الغذائي المنخفض النشويات والسكروز (SSRD) ساعد المشاركين في الدراسة على تحسين حالهم الصحيّة بشكلٍ ملحوظ. إذ تمّ تسجيل انخفاض كبير في العوارض مثل الشعلا بالألم المتكرر والانتفاخ، إلى جانب تحّسن في حركة الأمعاء لدى 105 مشاركين في الدراسة التي استمرّت لمدة 4 أسابيع.
فقدان الوزن وتقليل الرغبة في تناول السكر
إلى جانب تحسّن العوارض، وجدت الدراسة أنّ المشاركين الذين اتّبعوا نظامًا غذائيًا صحيًا منخفض النشويات والسكريات حقّقوا فقدانًا أكبر في الوزن مقارنةً بغيرهم، كما قلّت لديهم الرغبة الشديدة في تناول السكريات. هذا الأمر مهم، خاصّة أنّ بعض الدراسات تشير إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون من القولون العصبي يميلون إلى زيادة الوزن بشكلٍ أكبر من غيرهم.
نظام فودماب الغذائي
لا تُعَدّ نتائج الدراسة السويديّة الوحيدة التي تدعم أهميّة تقليل السكريّات في التخفيف من عوارض القولون العصبي. فقد أشارت الدراسة أيضًا إلى فعالية النظام الغذائي المعروف باسم “فودماب” (FODMAP)، الذي يعتمد على تقليل تناول السكريّات القابلة للتخمّر في الأمعاء، ممّا يؤدي إلى تحسين حال الأمعاء بشكلٍ كبير. يركز هذا النظام على تناول أطعمة تحتوي نسب منخفضة من السكريّات الأحاديّة والثنائيّة التي يصعب على الجسم هضمها، والتي غالبًا ما تتسبّب في ظهور عوارض مثل الانتفاخ والألم والإمساك والإسهال.
البعد الجيني ودوره في تحلّل السكريات
كانت إحدى النتائج المثيرة للاهتمام في الدراسة هي التطرّق إلى العوامل الوراثيّة المرتبطة بتحلّل السكريّات في الأمعاء. وقد أشارت الباحثة بوديل أولسون، التي كانت من المشاركين في الدراسة، إلى أنّ بعض مرضى القولون العصبي لديهم تباينات جينيّة قد تعيق قدرة الجسم على تحلّل السكريّات والنشويّات بشكلٍ فعّال. بناءً على ذلك، أوصت الباحثة بضرورة تقليل استهلاك هذه المواد الغذائية لتحسين الحال الصحيّة لهؤلاء المرضى.
تأثير إيجابي على الوزن والصحّة العامّة
بالإضافة إلى تقليل العوارض، فإنّ نظام “فودماب” الغذائي أظهر تأثيرًا إيجابيًا على فقدان الوزن خلال فترة الدراسة. وكما ذكرت الباحثة أولسون، فإن الأشخاص الذين يعانون من القولون العصبي يميلون إلى زيادة الوزن أكثر من الأشخاص الأصحاء، لذا فإنّ اتّباع هذا النظام الغذائي قد يكون له تأثير مضاعف من حيث تحسين العوارض وتحقيق فقدان الوزن.
في نهاية المطاف، تؤكّد هذه الدراسة أهميّة تعديل النظام الغذائي كطريقة فعّالة لتحسين عوارض القولون العصبي. من خلال تقليل استهلاك السكريات والنشويات، واتباع أنظمة غذائية مثل “فودماب”، يمكن للأشخاص الذين يعانون من هذا المرض تحسين نوعية حياتهم بسرعة. سواء كنتِ تعانين من القولون العصبي أو تعرفين شخصًا يعاني منه، فإن هذه النتائج تشير إلى أن التغييرات البسيطة في النظام الغذائي قد تكون هي المفتاح لتحسين العوارض بشكلٍ ملحوظ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على تفاصيل دراسة جديدة تؤكّد أنّ تأثير كورونا على العقل أخطر ممّا نتصوّر.