يُعَدُّ انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى من الظواهر الشائعة التي تعاني منها العديد من النساء خلال الفترة المبكرة من الحمل، وعادةً ما يرافق هذه الحال العديد من التساؤلات حول أسبابها وكيفية تأثيرها على صحة الأم ومراحل نمو الجنين، ممّا يجعل من الضروري فهم هذا الأمر بشكل كامل للتعامل معه بشكل فعال.
سنبدأ بتناول العوامل التي تؤدي إلى انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى ، والتي تتنوّع بين العوامل الهرمونيّة والصحيّة والنفسيّة، ثمّ سنناقش تأثير هذا الانتفاخ على صحة الأم والجنين، ومن ثم نستعرض بعض الخطوات العلاجية التي يمكن للحامل اتباعها للتخفيف من هذا الإزعاج.
العوامل التي تؤدّي إلى انتفاخ البطن في مرحلة الحمل البكرة
من المعروف أنّ انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى يمكن أن يكون نتيجة لمجموعة من التغيرات الطبيعيّة التي تحدث في جسم المرأة خلال فترة الحمل، والتي قد تتراوح بين الهرمونات، والتغذية، والضغط النفسي، لذا سنكشف لكِ في ما يلي عن أكثرها شيوعًا:
التغيرات الهرمونيّة
تُعد التغيرات الهرمونية السبب الأساسي لحدوث انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى، فبمجرّد حدوث الحمل، يرتفع مستوى هرمون البروجسترون في جسم المرأة، الذي بدوره يُساهم في تثبيت الحمل في الشهور الأولى عبر الحفاظ على بطانة الرحم، ولكنّه أيضًا يسبّب ارتخاء عضلات الجهاز الهضمي، بما في ذلك الأمعاء، ممّا يؤدّي إلى بطء في حركة الأمعاء، ويتسبب في تراكم الغازات وحدوث الانتفاخ، ومع ارتفاع هذا الهرمون في الجسم، يرتفع احتمال الشعور بالانتفاخ.
فوفقًا لموقع Medical News Today في مقالة نُشِرَت عام 2020 تحت عنوان “Is bloating in pregnancy normal?”، تتسبّب هرمونات الحمل في استرخاء الرحم وعضلات الجهاز الهضمي، ممّا يؤدّي إلى بطء عملية الهضم، وقد ينتج عن ذلك الإمساك، وهو من المشاكل الشائعة لدى النساء الحوامل، ويُمكن أن يرافقه شعور بالانتفاخ. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
النظام الغذائي والتغذية
يؤدّي الحصول علة التغذية الصحيّة دورًا مهمًا في زيادة احتمال انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى ، فعادةً ما تتغيّر رغبات الحامل في الطعام بسبب الهرمونات، مما يدفعها إلى تناول أنواع معينة من الأطعمة التي قد تزيد من تراكم الغازات، فاستهلاك الأطعمة الغنية بالألياف مثل البقوليات، والخضروات الورقية، بالإضافة إلى المشروبات الغازية، قد يزيد من كمية الغازات في الجهاز الهضمي، وهذا بالإضافة إلى تناول كميات كبيرة من الطعام بشكل مفاجئ، والذي قد يزيد من الإحساس بالانتفاخ.
قلّة النشاط البدني
قد تزيد قلّة النشاط البدني خلال الحمل، خاصةً في الأشهر الأولى، من احتماليّة حدوث الانتفاخ، فعادةً ما تشعر الحوامل بالتعب والإرهاق، ممّا يدفعهنّ لتقليل النشاط البدني، ولكن هذا قد يؤدّي إلى تباطؤ حركة الأمعاء وزيادة تراكم الغازات، ممّا يسبّب الانتفاخ.
القلق والتوتر
إنّ الشعور بالقلق والتوتر يُعًدّ من العوامل النفسيّة التي قد تُسهم في زيادة انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى ، فالتغيّرات النفسيّة التي تمرّ بها المرأة خلال الحمل، خاصّةً مع المخاوف المرتبطة بالحمل والولادة، قد تؤثّر على عمل الجهاز الهضمي، وعندما تكون تحت ضغط نفسي أو توتّر، فإنّ ذلك يؤدّي إلى زيادة إفراز هرمون الكورتيزول، والذي قد يُسهم في التهاب الأمعاء وزيادة الغازات.
فقد أشار موقع UChicago Medicine في مقالة نُشِرَت هذا العام تحت عنوان “Stress-related stomach pain: When to see a doctor” أنّه عند الشعور بالتوتر، يرسل الجهاز العصبي إشارات إلى الأمعاء، ممّا يحفز العضلات المسؤولة عن عمليّة الهضم للدخول في حال استجابة “القتال أو الهروب”، وهذا يمكن أن يؤدّي إلى دفع الفضلات بسرعة عبر الجهاز الهضمي، ممّا يسبب الغثيان أو التشنجات أو الانتفاخ أو الإسهال. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
تأثير هذه المشكلة على صحّة الأمّ والجنين
إن انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى ليس مجرّد إزعاج مؤقّت، بل يمكن أن يكون له تأثيرات على صحّة الأم والجنين على المدى القصير والطويل، فقد يتساءل البعض عن مدى تأثير هذه المشكلة على الصحّة العامّة خلال فترة الحمل، لذا سنكشف لكِ عنابرز الآثار الجانبيّة المحتملة التي قد تنتج عن هذه الحال، وتشمل:
الإزعاج الجسدي
يمكن أن يُسبّب الانتفاخ شعورًا بعدم الراحة والألم في البطن، وهذا الشعور قد يُرافقه أيضًا شعور بالغثيان أو الامتلاء المزعج، ممّا يؤثّر على قدرة المرأة على الاستمتاع بتجربة الحمل، ويُقلّل من قدرة المرأة على أداء أنشطتها اليوميّة المعتادة، مثل العمل أو التنقّل، وقد تجعلها ترغب في البقاء في المنزل لتجنّب الشعور بالانزعاج أمام الآخرين.
التأثير على تناول الطعام
بسبب الانتفاخ، قد تجد الحامل صعوبة في تناول وجباتها بشكل طبيعي، ممّا قد يؤدّي إلى نقص التغذية، ما قد يؤدّي إلى عدم حصول الجسم على المواد الغذائيّة الضروريّة لصحّة الأمّ والجنين، مثل الفيتامينات والمعادن الضرورية لنموّ الجنين وتطوّره.
الضغط على الرحم
قد يؤدّي الانتفاخ الشديد إلى زيادة الضغط على الرحم، وخاصةً في المراحل المبكرة من الحمل، وهذا ما قد يزيد من شعور الثقل في منطقة البطن، ممّا يؤدّي المرأة بعدم الراحة، وعلى الرغم من أنّ هذه الحال ليست خطيرة بالضرورة، إلّا أنها قد تزيد من شعور الحامل بالإرهاق وتُسبب لها صعوبة في التنفس أحيانًا.
الخطوات العلاجيّة الموصى بها
لتخفيف انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى ، هناك مجموعة من الخطوات البسيطة التي يمكن للمرأة اتّباعها خلال هذه الفترة لتحسين حالها الصحية وتقليل الإزعاج الناتج عن الانتفاخ، لذا سنعرض لكِ أكثرها فعالية في ما يلي:
اتّباع نظام غذائي متوازن
يُنصَح باتّباع نظام غذائي متوازن يعتمد على تناول وجبات صغيرة ومتكرّرة خلال اليوم، بدلًا من تناول وجبات كبيرة، فهذا النهج يساعد على تقليل الضغط على الجهاز الهضمي، ممّا يُسهم في تقليل الانتفاخ، بالإضافة إلى ذلك، يُفضَّل تجنّب الأطعمة المعروفة بزيادة الغازات، مثل البقوليات، والملفوف، والبروكلي، وكذلك المشروبات الغازية، ويُمكن استبدال هذه الأطعمة بأخرى غنيّة بالألياف والماء التي تساعد على تحسين حركة الأمعاء.
زيادة النشاط البدني
تُعَدّ ممارسة النشاط البدني الخفيف، مثل المشي لمدة 20-30 دقيقة يوميًا، من الطرق الفعّالة في تقليل الانتفاخ، حيث أنّها تساعد في تعزيز حركة الأمعاء، ممّا يُسهم في تقليل تراكم الغازات، ولكن يُفضَّل استشارة الطبيب قبل البدء بأداء أي نشاط بدني للتأكد من ملاءمته للحال الصحية للحامل.
شرب الماء بانتظام
إنّ شرب كميات كافية من الماء يُعدّ من العوامل المهمّة التي تُسهم في تحسين عمليّة الهضم ومنع تراكم الغازات، لذا يُنصح بشرب الماء بانتظام على مدار اليوم، مع تجنّب شرب كميّات كبيرة دفعة واحدة، وكذلك تجنب شرب الماء أثناء تناول الوجبات.
التقليل من التوتر والقلق
يُعَدّ الاسترخاء والابتعاد عن التوتر من الأمور الهامّة في تقليل انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى، لذا يمكن للحامل اللجوء إلى ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، أو ممارسة اليوغا المخصصة للحمل، أو الاستماع إلى الموسيقى الهادئة للمساعدة في تخفيف التوتر.
استشارة الطبيب
في حال زيادة الانتفاخ بشكل ملحوظ أو مصاحبته لعوارض أخرى مثل الألم الشديد، أو القيء المتكرر، يجب استشارة الطبيب فورًا، فقد يُقدّم نصائح علاجية مخصّصة أو يوصي ببعض الأدوية الآمنة التي يمكن استخدامها خلال فترة الحمل.
في ختام هذا المقال، نجد أن انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى هو جزء طبيعي من التغيّرات التي يمرّ بها جسم المرأة خلال الحمل، ومع ذلك، من الضروريّ أن تكون الحامل واعية بأسبابه وطرق التعامل معه لتجنب أي تأثيرات سلبية على صحّتها وصحّة جنينها، فاتّباع النصائح العلاجيّة المذكورة قد يُسهم في تحسين الحال وتقليل الشعور بالانتفاخ، مما يُساعد المرأة على الاستمتاع بتجربة حمل مريحة وصحية. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على كل ما يجب تجنبه أثناء الحمل في الشهر الأول.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ التعامل مع انتفاخ البطن عند الحامل في الأشهر الأولى يتطلّب الصبر والوعي بالتغيّرات التي تحدث في الجسم، لذا يجب على كل حامل أن تتذكّر أن هذه الحال طبيعيّة وترافقها تغييرات إيجابيّة تحدث لجسدها لتحضيرها للأمومة، كما أنّ الاستفادة من النصائح المذكورة في هذا المقال قد تساعد بشكل كبير في تخفيف هذا الإزعاج، مما يتيح للمرأة التمتع بفترة الحمل من دون قلق.