هل النعناع يضر الحامل وجنينها؟ هذا هو السؤال الذي يتكرّر كثيرًا بين النساء خلال فترة الحمل. في هذه المرحلة الحسّاسة، تحرص الأم على تفادي أي عنصر قد يؤثّر سلبًا على الجنين. ومن هنا، يبدأ القلق من بعض الأعشاب الشائعة، مثل النعناع، رغم استخدامها الواسع في الطبخ والعلاج بالأعشاب.
في هذا المقال، سنقدّم نظرة علمية وموضوعية حول أمان النعناع أثناء الحمل، وسنُجيب على تساؤلات شائعة مثل: هل النعناع له أضرار على الحامل؟ وهل يمكن شربه من دون خوف؟ وهل فعلًا يساهم في فتح الرحم؟ سنعتمد على دراسات علمية موثوقة في توضيح كل جانب.
هل النعناع له أضرار على الحامل؟
هل النعناع يضر الحامل وجنينها؟ رغم شهرة النعناع كمهدئ للمعدة ورافع للمزاج. إلا أن استخدامه خلال الحمل لا يخلو من الجدل. خصوصًا إذا استُخدم بجرعات كبيرة أو في شكل زيوت مركّزة.
تشير دراسات من “National Institutes of Health” إلى أن زيت النعناع المركز يمكن أن يُسبب انقباضات في الرحم إذا استُهلك بكميات كبيرة. خاصة خلال الأشهر الأولى من الحمل. وذلك لأنه يحتوي مركب “الميثول” (Menthol)، الذي قد يُحفّز عضلات الرحم عند التعرّض له بتركيز مرتفع.
في حين أن أوراق النعناع الطازجة أو المجففة قد لا تُسبّب ضررًا مباشرًا عند استخدامها باعتدال، فإن الخطر يكمن في الإفراط، أو في استخدام الزيوت من دون إشراف طبي. وقد أشارت مجلة “Reproductive Toxicology” في عددها الأخير إلى ضرورة مراقبة استهلاك الأعشاب العطرية أثناء الحمل. واعتبرت النعناع من الأعشاب التي يجب التعامل معها بحذر، وليس الامتناع عنها بالكامل.
هل يجوز للحامل أن تشرب النعناع؟
هل النعناع يضر الحامل وجنينها؟ يتوقف الجواب على هذا السؤال على طريقة استخدام النعناع وكميّته. فشرب النعناع المغلي باعتدال لا يُعدّ خطرًا مباشرًا على الحامل. بل على العكس، قد يُساعد في تخفيف الغثيان الصباحي والانتفاخ، خاصة في الثلث الأول من الحمل، كما جاء في تقرير “American Pregnancy Association“.
ومع ذلك، لا بدّ من التنويه إلى أنه يجب عدم الاعتماد عليه يوميًا، أو استخدامه بتركيزٍ عالٍ، كما في حال غلي كميات كبيرة من الأوراق أو استخدام الزيوت العطرية. فالاستخدام اليومي من دون استشارة قد يؤثر على توازن عضلات الرحم، أو يُسبّب ارتخاءً غير مرغوب فيه في الجهاز الهضمي.
في حالات الحمل المعقّدة، أو لدى النساء المعرضات لخطر الإجهاض، يُفضَّل تجنّب شرب النعناع تمامًا إلا بعد استشارة الطبيب. وهذا ما أشار إليه مركز “Mayo Clinic“، معتبرًا أن سلامة الأعشاب تعتمد على طبيعة الحمل وليس فقط على نوع العشبة.
هل مشروب النعناع يفتح الرحم؟
هل النعناع يضر الحامل ؟ يُعتبَر هذا السؤال من أكثر الأسئلة تداولًا، خاصة في نهاية الحمل، حين تبدأ النساء بالبحث عن وسائل طبيعية لتحفيز الولادة. فهل النعناع يُساهم فعلًا في فتح الرحم؟
لا توجد دراسات كافية تُثبت بشكل مباشر أن مشروب النعناع يفتح الرحم. لكن بعض التجارب الفردية ودراسات بسيطة نُشرت في “Journal of Midwifery & Women’s Health” تُشير إلى احتمال وجود تأثير خفيف لبعض الأعشاب على تحفيز التقلّصات الرحمية، منها النعناع إذا استُخدم بجرعة مركّزة. ومع ذلك، فإن الدليل العلمي لا يزال ضعيفًا وغير قاطع.
من المهم التذكير بأن تحفيز الرحم يجب أن يتم فقط بإشراف طبي، لأن أي تقلّصات مبكرة قد تُهدّد الحمل أو تُؤدي إلى ولادة مبكرة. لذا، لا يُنصح باستخدام النعناع كوسيلة لتحفيز الولادة من دون توصية صريحة من الطبيب أو القابلة القانونية.
استخدام النعناع: بين الفوائد والاعتدال
بعيدًا عن أضراره المحتملة، للنعناع فوائد لا يمكن إنكارها. فقد أشارت دراسة منشورة في “International Journal of Obstetrics and Gynaecology” إلى أن شرب النعناع باعتدال قد يُساهم في تقليل الغثيان الصباحي لدى الحوامل. خاصة عند دمجه مع الزنجبيل أو الليمون.
كما أظهرت دراسة من “Harvard Medical School” أن تناول النعناع قد يُخفّف من الشعور بالقلق والتوتر، وهو أمر مهم جدًا خلال الحمل. ولكن يبقى الشرط الأساسي هو عدم الإفراط، وعدم خلطه بزيوت طبية مركّزة.
الخلاصة
في النهاية، يمكن القول إن النعناع ليس من الأعشاب المحظورة خلال الحمل، لكن الاعتدال هو المفتاح الأساسي. فالسؤال المحوري “هل النعناع يضر الحامل؟” لا يمكن الإجابة عليه بنعم أو لا فقط، بل يتعلّق بالسياق، وبالكمية، وبنوعية استخدام النعناع. من الأفضل دائمًا أن تستشير المرأة الحامل طبيبها قبل إدخال أي عنصر جديد إلى نظامها الغذائي، حتى لو كان طبيعيًا وشائع الاستخدام. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن افضل عصير للحامل.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن النعناع قد يكون صديقًا للحامل إذا تم التعامل معه بوعي ومسؤولية. لا أنكر فوائده في تخفيف الغثيان والتهدئة، لكنه قد يتحوّل إلى خطر إذا استُخدم دون وعي أو بجرعات عشوائية. أفضّل دائمًا اللجوء إلى المشروبات الطبيعية، لكن بحدود، وتحت إشراف طبي واضح. الحمل مرحلة دقيقة تستحق كل عناية، ويجب ألا نترك المجال للاجتهادات أو الوصفات الشعبية أن تُسيطر على اختياراتنا الصحية. العلم والتوجيه المهني هما السبيل الأمثل لصحة الأم والجنين.
