تُعَدّ أعلى درجات الحب من أعمق التجارب العاطفية التي يمكن لأي امرأة أن تمرّ بها في حياتها. لا يقتصر الحب الحقيقي على مشاعر عابرة أو انجذاب مؤقت. بل يتجاوز ذلك ليصبح ارتباطًا روحانيًّا ونفسيًّا يجمع بين الشغف، والإخلاص، والتفاهم بين الشريكين. في بعض العلاقات، قد تصلين إلى مرحلة تشعرين فيها بأنك لستِ فقط محبوبة، بل مفهومة ومقبولة كما أنتِ، بدون شروط.
في هذا المقال، سنغوص معًا في مفهوم أعلى درجات الحب، ونكشف لكِ عن المراتب التي يمرّ بها الحُب حتى يبلغ ذروته. سنستعرض مراحل الحب، ونُفصّل أقوى أشكاله من الناحية النفسية والعلمية. مع إضاءة على كيفية تمييز الحب الناضج من الانبهار السطحي.
ما هي أعلى مراتب الحب؟
في كل علاقة تنشأ بين رجل وامرأة، يبدأ الحب غالبًا من نقطة إعجاب وانجذاب، ثم ينمو مع الوقت ليتّخذ أشكالًا أكثر تعقيدًا وعمقًا. تُعرَف أعلى درجات الحب في علم النفس باسم “الحب غير المشروط” أو “الاندماج العاطفي العميق”. في هذه المرحلة، لا تعودين تحبّين الشريك بسبب صفاته أو أفعاله فقط، بل تحبينه بصفته كيانًا متكاملًا، حتى مع عيوبه وأخطائه.
بحسب الدراسات النفسية، ومنها دراسة نُشرت في مجلة Psychological Science (Hatfield et al., 2008)، فإن الحب الذي يبلغ هذه المرتبة يكون مرتبطًا بنشاط مرتفع في مناطق الدماغ المسؤولة عن الشعور بالرضا والسعادة، مثل منطقة النواة المتكئة. كما لوحظ أنه يقلّل من نشاط مراكز القلق والتوتر. ما يعزز الشعور بالأمان والثقة في العلاقة.
لا يولد هذا النوع من الحب في يوم وليلة. بل يتطوّر مع مرور الوقت، من خلال المواقف، والتجارب، والتفاهم المتبادل. حيث يتجاوز الشعور العاطفي إلى التزام صادق مبني على الاحترام بين الشريكين والتقدير والدعم المستمر.
ما هي مراحل الحب بالترتيب؟
لكي تصلي إلى أعلى درجات الحب ، تمرّين بعدة مراحل نفسية وعاطفية، تبدأ من الانجذاب وتنتهي بالحب المتكامل. وفقًا لنظرية روبرت ستيرنبرغ، وهي من أكثر النظريات تداولًا في علم النفس العاطفي، ينقسم الحب إلى عدة مراحل رئيسية:
- الانجذاب الأولي (الافتتان): في هذه المرحلة، تشعرين بشوق ولهفة قوية تجاه الشريك. كما تسيطر عليكِ الرغبة في التقرّب منه، غالبًا من دون فهم عميق لطبيعته الشخصية.
- التعارف والاهتمام: تبدأين باكتشاف ملامح شخصيته، وأفكاره، وقيمه. يتشكّل هنا نوع من التفاهم الأولي.
- الارتباط العاطفي: تتطور المشاعر إلى علاقة أكثر استقرارًا، وتصبحين راغبة في الاستمرار والبقاء.
- الحب الناضج: يتسم هذا الحب بالثقة، والقبول المتبادل، والدعم العاطفي المستمر.
- الحب غير المشروط: هو ما يُعرف بأنه أعلى درجات الحب ، حيث يكون شعوركِ نابعًا من العمق، ومجرّدًا من المصلحة، ويستمر حتى في غياب الظروف المثالية.
كل مرحلة تمثّل تطوّرًا نفسيًّا وعاطفيًّا في علاقتك بالشريك، وتُظهر مدى استعدادك للاستمرار والمواجهة والتجاوز.
ما هو أقوى أشكال الحب؟
يقودنا الحديث عن أقوى أشكال الحب إلى مفهوم الحب المتوازن. والذي يجمع بين ثلاثة عناصر أساسية حدّدها ستيرنبرغ: الحميمية، والشغف، والالتزام. عندما تتوازن هذه المكوّنات الثلاث، يتحقّق الحب الكامل، وهو من أقوى أشكال الروابط بين شخصين.
لا يقتصر الحب المتوازن على الرومانسية فقط. بل يُبنى على التفاهم العقلي، والانجذاب الجسدي، والتضامن النفسي. ووفقًا لدراسة حديثة أجريت في جامعة Harvard عام 2019، تبين أن الأزواج الذين يتمتعون بحب متوازن يعيشون بمستويات أعلى من الرضا النفسي والصحي. مقارنةً بأولئك الذين تهيمن على علاقتهم جانب واحد فقط، كالانجذاب أو العاطفة من دون التزام.
ومن الناحية العصبية، يظهر في الحب المتوازن تنشيط لمناطق متعددة في الدماغ. خاصّةً تلك المرتبطة بالذاكرة طويلة المدى، والدافعية، ما يفسّر لماذا تبقى العلاقة القوية محفورة في النفس حتى بعد مرور سنوات طويلة.
الخلاصة
من خلال هذا التعمق النفسي والعلمي في مفهوم أعلى درجات الحب، يمكننا أن نستنتج أن الحب ليس مجرّد شعور لحظي أو اندفاع عاطفي. بل هو بناءٌ مستمرّ، يتطلب نضجًا، وصبرًا، وتقبّلًا. الحب الحقيقي يُلامس الروح، ويحتضن الأخطاء، ويمنحكِ شعورًا بالأمان والرضا لا يُقدّر بثمن. في علاقتكِ العاطفية، ابحثي دومًا عن الحب الذي يُنميكِ ولا يُقيّدك، الذي يدفعكِ إلى أن تكوني أفضل نسخة من نفسكِ. لا تلك التي تُجبرك على التنازل عن قيمك. الحب الذي يستحق أن يُلقّب بـ أعلى درجات الحب هو ذاك الذي يحرركِ من القلق، لا الذي يُغرقك فيه. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن لغة حبّ زوجكِ حسب شهر ميلاده!
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أؤمن بأن أعلى درجات الحب لا تولد فجأة، بل تُزرَع بالبذل والعطاء المتبادل بين الزوجين. لا يمكن لأي علاقة أن تنضج من دون أن تمرّ باختبارات تؤكّد عمقها وقيمتها. لا يعتمد الحب الحقيقي فقط على كلمات جميلة، بل على أفعال صغيرة تُثبت التقدير يومًا بعد يوم. حين تجدين هذا الحب، تمسّكي به، واعملي على حمايته، لأنه نادر وثمين، ويستحق أن يُعاش بكلّ تفاصيله.
