ضحيّة أخرى للإهمال تدفع ثمن حياتها، ولكن هذه المرّة في مكان من المفترض أن يكون الأكثر أماناً؛ إنّه باص المدرسة الذي يستعمله أطفالنا يومياً!
نزيهة علاء إبنة الثلاث سنوات كانت متوجّهة كعادتها نحو مدرسة الورود الخاصّة في أبو ظبي، ليتحوّل روتينها اليومي الذي لم يدم لأكثر من شهر إلى سبب لإنهاء حياتها، وذلك بعدما احتُجزت داخل الباص صباح السابع من أكتوبر.
ولعلّ المعاينات التي تمّت على جثّة الطفلة جاءت لتكشف حجم الإهمال الذي تعرّضت له، فالفحوصات تثبت أنّها إحتجزت لساعات طويلة داخل الباص من دون أي مكيّف هوائي، ما جعل من الحرّ سبباً لمفارقتها الحياة.
ورغم أنّ الدعاوى القضائيّة من جانب الأهل تتهّم إدارة المدرسة بالتقصير، إلّا أن محامي الدفاع لا يزال متمسّكاً بعدم إستبعاد فرضيّة تعرّضها للإعتداء كسبب للوفاة.
الطبّ الشرعي في هذا الخصوص لم يستطع نفي فرضيّة الإعتداء، ولكنّه يؤكّد في المقابل أن العوامل الأساسيّة المسبّبة للوفاة هي الحرّ، فبعض الكدمات الظاهرة على وجهها هي على الأرجح ناجمة عن سقوطها أرضاً بشكل جانبي بعد الإغماء.
وفي حين أنّ المحاكمة ستستمرّ في الـ11 من يونيو ما بين تقاذف الإتهامات والمسؤوليّة في خصوص أسباب الوفاة، لا يمكن للرأي العالم إلّا وأن يتساءل عن كيفيّة إغفال المشرف على الباص لإحتجاز الطفلة لمدّة طويلة كهذه، كما عدم التحرّك بأي شكل من جانب المدرسة وتفقّد السبب بعد تغيبها.
تتمسّك المدرسة في هذا الخصوص بذريعة أن الطفلة نزيهة علاء كانت نائمة في الصفوف الخلفية للباص، ما لم يلفت نظر أي أحد لوجودها… ولكن هل هذا فعلاً سبب كافٍ لترك طفلة في سنّها الثالث داخل الباص حّتى تلقى حتفها؟ أمرٌ يدفع للتساؤل حول الوعي العام تجاه هذا الموضوع، خصوصاً بعد أن كثرت في الآونة الأخيرة حوادث موت الأطفال في السيارات والباصات جراء الإهمال أو تركهم بمفردهم.