تُعَدّ كيفية التعامل مع الطفل المتاخر في النطق من أبرز التحدّيات التي يواجهها الكثير من الأمهات والآباء. حيث يمكن أن تثير معاناته من هذه المشكلة قلق الوالدين بشكل كبير، حيث يعتمد التواصل الفعّال على قدرة الطفل على التعبير عن احتياجاته وأفكاره. إنّ مرحلة النطق مهمّة في تطور الطفل العقلي والاجتماعي، لذا فإن توفير الدعم المناسب في الوقت المناسب يمكن أن يساعده على تحسين مهاراته التواصليّة بشكلٍ طبيعي.
في هذا المقال، سنناقش متى يمكن القول إنّ الطفل متأخر في النطق، وما هي الأسباب التي تؤدّي إلى هذه الصعوبة. بالإضافة إلى ذلك، سنتطرّق إلى تقديم نصائح فعّالة يمكن للوالدين تطبيقها لدعم تطور الطفل اللغوي، ممّا يساعده على تجاوز هذه التحدّيات والبدء في التحدّث بطلاقةٍ أكبر.
متى نقول عن الطفل أنه تأخر في الكلام؟
يعدّ فهم مفهوم تأخر النطق أمرًا ضروريًا للتعامل مع هذه المشكلة بفعّالية. عادةً، يبدأ الطفل في التفاعل مع الأصوات في الأشهر الأولى من حياته، حيث يستجيب لها من حوله ويحاول تقليدها، وهذا يُعَدّ من ضمن القدرات المبكرة التي تشير إلى ذكاء الطفل. ومع اقترابه من عمر السنة إلى السنة والنصف، يُتوقّع أن يبدأ بنطق كلمات بسيطة. ولكن متى يُعتبر الطفل متأخرًا في الكلام؟ قبل أن نطلعكِ على كيفية التعامل مع الطفل المتاخر في النطق ، سنيجبكِ هذا هذا السؤال أوّلًا:
يتم تشخيص تأخّر النطق عندما لا يصل الطفل إلى المعايير التطوريّة المتوقَّعة لعمره. في حال عدم تمكّنه من استخدام كلمات مفهومة أو التواصل بكلماتٍ بسيطة بحلول عمر السنتين، يُعتبَر تأخرًا في النطق. بالطبع، قد يكون هناك اختلافات فرديّة بين الأطفال في سرعة اكتساب اللغة، ولكن من المهمّ استشارة مختصّ النطق أو طبيب الأطفال عند ملاحظة أيّ تأخير ملحوظ، لضمان تلقي الدعم اللازم في الوقت المناسب من خلال التعرّف على اسباب تاخر الطفل في النطق.
وبحسب موقع Web MD في مقالة نُشِرَت عبره تحت عنوان “Helping Your Late-Talking Children”، يميل الأولاد إلى تطوير المهارات اللغوية في وقت متأخّر قليلًا عن الفتيات، ولكن بشكل عام، يمكن تصنيف الأطفال على أنهم “أطفال متأخرون في الكلام” إذا تحدثوا أقل من 10 كلمات في عمر 18 إلى 20 شهرًا، أو أقل من 50 كلمة في عمر 21 إلى 21 شهرًا. 30 شهرا من العمر. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
ما سبب صعوبة النطق عند الأطفال؟
لفهم كيفية التعامل مع الطفل المتاخر في النطق ، من الضروري أن نتعرّف على الأسباب المحتملة لهذه الصعوبة. حيث يمكن أن تكون المعاناة منها نتيجة مجموعة من العوامل التي تختلف من طفلٍ لآخر. إليكِ بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى تأخر الطفل في النطق:
العوامل الوراثية
تؤثّر العوامل الوراثيّة بشكلٍ كبيرٍ على تطوّر النطق. فإذا كان هناك تاريخ عائلي لتأخّر النطق أو صعوبات في التواصل، فقد يكون لدى الطفل احتماليّة أكبر لمواجهة نفس التحدّي.
البيئة المحيطة
قد تؤدّي البيئة دورًا مهمًا في تطوّر مهارات الطفل اللغوية. في حال كان التفاعل اللفظي معه قليلًا أو لم يتمّ تحفيزه على التحدّث من خلال القراءة أو المحادثات اليوميّة، فقد يؤثّر ذلك على قدرته على تطوير المهارات اللازمة للنطق.
المعاناة من مشاكل جسديّة أو حسيّة
وفقًا لموقع Cincinnati Children’s Hospital في مقالة نُشِرَت عبره العام الماضي تحت عنوان “Speech Disorders”، يواجه بعض الأطفال مشاكل جسديّة مثل اضطرابات السمع، أو مشاكل في تكوين الفم أو اللسان، ممّا يعيقهم عن النطق بشكل صحيح. في هذه الحال، يكون الحلّ هو العلاج الجسدي أو التدخّل الطبي. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
الاضطرابات العصبيّة أو النفسيّة
في بعض الحالات، قد يكون تأخر النطق مؤشرًا على المعاناة من اضطرابات عصبيّة أو نفسيّة مثل اضطراب طيف التوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. تحتاج هذه الحالات إلى تقييمٍ شاملٍ من قبل مختصّين لتقديم الدعم المناسب للطفل.
ما هي الأشياء التي تساعد الطفل على النطق؟
عند التساؤل عن كيفية التعامل مع الطفل المتاخر في النطق ، يمكن للأهل اتّباع عدد من النصائح الفعّالة لتحسين مهارات التواصل لديه. إليك بعض الطرق التي تساعد الطفل على النطق وتطوير مهاراته اللغوية:
التحدّث المستمرّ مع الطفل
يعدّ التحدّث المستمرّ مع الطفل من أهمّ الوسائل لتعزيز مهاراته اللغويّة. يجب على الأهل استخدام جمل قصيرة وواضحة، مع التركيز على تكرار الكلمات والمفردات البسيطة. هذا يعزّز استيعابه للكلمات ويشجّعه على استخدامها.
القراءة بشكلٍ يومي
تساعد قراءة القصص للطفل في تطوير مفرداته اللغويّة، حيث يكتسب القدرة على التعرّف على أصوات الكلمات وتركيب الجمل. القراءة اليومية، حتى ولو لمدّةٍ قصيرة، تُعَدّ من أفضل الأنشطة لتعزيز مهارات الطفل اللغويّة.
اللعب بالأصوات والأغاني
يمكن للأهل تحويل جلسات اللعب إلى فرص تعليميّة من خلال استخدام الأغاني والألعاب التي تعتمد على تقليد الأصوات. فإصدار الأصوات البسيطة ومطالبة الطفل بتقليدها يساعد في تدريب عضلات النطق وتحفيزه على التحدّث.
توفير بيئة اجتماعيّة محفّزة
يُعَدّ اللعب مع أطفال آخرين من الوسائل الطبيعيّة لتعزيز مهارات التواصل. فعندما يتفاعل الطفل مع أقرانه في بيئة اجتماعيّة، يحفّزه ذلك على التحدّث وتقليد ما يسمعه من كلماتٍ وجمل.
الاستعانة بمختصّي نطق
في بعض الحالات، قد يكون التدخّل المبكر من قبل مختصّ النطق ضروريًا. حيث أنّه يعمل على تقديم برامج تدريبيّة مخصّصة لتحسين مهارات النطق لدى الطفل، بناءً على احتياجاته الفرديّة.
في الختام، إنّ كيفية التعامل مع الطفل المتاخر في النطق تتطلّب الصبر والتفهم من الأهل. يجب عليهم تقديم الدعم المستمرّ له وخلق بيئة مشجّعة ومليئة بالتفاعل اللفظي. ومع تطبيق النصائح الفعّالة واللجوء إلى الخبراء عند الحاجة، يمكن مساعدة الطفل على تحسين مهاراته التواصليّة بشكلٍ كبير. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن فوائد أوميغا 3 للأطفال للنطق.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أعتقد أنّ مفتاح النجاح في دعم الطفل المتأخّر في النطق يكمن في توفير بيئة تفاعليّة غنيّة بالحبّ والتواصل. يجب أن يشعر الطفل بالأمان والاستقرار، وأن يتمّ تحفيزه على النطق من خلال المشاركة في الألعاب والنشاطات اليوميّة بدون أيّ ضغوط. كما أن التفاعل الاجتماعي مع الأطفال الآخرين يؤدّي دورًا هامًا في تعزيز رغبتهم في التحدّث واكتساب اللغة.
