تعود باربي بقوة إلى الحياة من جديد مع فيلم Barbie من بطولة مارغوت روبي وحبيبها كين. أعادنا هذا الفيلم سنوات إلى الوراء، فـ “باربرا ميليسنت روبرتس”، المعروفة باسم “باربي”، أُطلقت في العام 1959 من قبل شركة Mattel كدمية ترافق الصغيرات حتى الصبا.
مرّت باربي بمراحل عديدة، ومع السنوات لم تعد شقراء فقط بل أصبح لها صديقات سمراوات وأصدقاء رجال أيضًا من جنسيات مختلفة حتى أنّه تم إصدار باربي كدمية متلازمة داون. ومع التطوّر في وسائل التواصل الاجتماعي، صار لها حسابًا رسميًّا على انستغرام تحت إسم “باربي ستايل” تُطلق من خلاله أجدد الصيحات، تزور عواصم الموضة وتشارك في أسابيع عروض الأزياء.
نجدها في أبرز صورها على انستغرام، ترتدي من أشهر الماركات العالمية، أمّا محلات البيع بالتجزئة فتستوحي منها لتصميم مجموعاتها أيضًا. وكان آخرها متاجر زارا، حيث استوحت ملابس صيف 2023 من فيلم Barbie.
إضافة إلى تجسيد تقنيات الذكاء الإصطناعي الباربي بهوية عربية، وكأنّ هذه الدمية تحوّلت إلى إنسانة حقيقية رغم جمالها وجماهيريتها التي جعلتها على العرش لسنوات. إلا أنّ الكثير من الأبحاث أشارت إلى تأثيراتها السلبية على الفتيات، حيث تعمل على تشجيعهنّ ليصبحن أكثر نحافة، وذلك من خلال تصوير الجسم المثالي في قالب غير واقعي، مما ينعكس على الثقة بالنفس والنظرة إلى الذات ولا ندري إذا كان الفيلم المنتظر سيغيّر هذه الصورة.
إنطلاقًا من هذا الجدل الذي يتم التداول به حول تأثير عالم باربي السلبي على حياة أطفالنا، سألنا المعالجة النفسية أنّا يونس عن حقيقة ذلك. وفنّدت الدكتورة يونس تأثير باربي السلبي على الفتيات مشيرةً إلى أنّ عالم باربي غير واقعي ولا يعلّم الأطفال المبادئ والقيم البشرية.
وفي حديثها عن هوية باربي المثالية التي تؤثر سلبًا على الفتيات في عمر السابعة والثامنة، تقول الدكتورة يونس إنّ باربي تثير في نفوس هذه الفئة العمرية الشعور بقلة الثقة في النفس لكونهنّ سمينات، مُضيفةً أنّ باربي تأتي هنا لتؤكّد هوية الفتاة الجمالية المغايرة للواقع. فهل جرّبت اختبار من شخصيات باربي الكرتونية تعكس شخصية ابنتك؟
من بين النقاط السلبية أيضًا، تلفت الدكتورة آنّا إلى كمية الأغراض التي لدى باربي الأمر الذي يعزز لدى الفتيات الصغيرات مبدأ امتلاك كل شيء وعدم الشعور بالإمتنان. فالرفاهية تؤثر سلبًا على الأطفال بحيث تعمل الفتيات على المقارنة بين حياتهنّ وحياة باربي وهذا يولّد الشعور بالدونية لأنّهنّ في الواقع لا يعشن حياة باربي، لعبتهنّ المفضّلة. وتقول الدكتورة في هذا الإطار أنّ مشاهدة ما تمتلكه باربي من أغراض لا يشجّع الفتيات على الإكتفاء بحسب الحاجة وإنّما الحصول على كل شيء.
في الحقيقة، إنّ حياة باربي التي تم التسويق لها تؤثر سلبًا على الحياة الواقعية للفتيات، فبحسب الكتورة يونس تختصر باربي الحياة بالهوايات والنشاطات الترفيهية والسفر والسهر. لتقول من هذا المنطلق إنّ حياة باربي لا تعطي درسًا للأطفال عن كيفية العيش والتطوّر كأشخاص لأنّ عالمها محصور فقط بالموضة والرفاهية.
كما تلفت الدكتورة في إطار البحث عن تأثير باربي السلبي على حياة الصغار إلى أنّها لا تحمل منذ نشأتها رسائل تعليمية مثل أهمية التعليم والقراءة، كما لا يتم التركيز من خلالها على أعمال الخير. وتؤكّد الدكتورة أنّ باربي لا تحمل مفاهيم إنسانية وإجتماعية تلك التي يحتاج الأطفال إلى اكتسابها في هذا العمر.
تُضيف الدكتورة يونس أنّ باربي من خلال حياتها الوردية، تسوّق للفردانية والأنانية، إذ إنّ كل اهتماماتها محاصرة بما يخصّها فقط وتدور حولها.
وتُنهي الدكتور أنّا حديثها لموقعنا بالقول: “لا تساهم باربي في ترسيخ مبدأ العائلة، بل نجدها لوحدها في منزل كبير”. وهذه رسالة سلبية، بحسب ما قالت الدكتورة يونس، يتلقّاها الأطفال عن حياة شخص يكبرهم بالسنّ. وكأن حياة باربي في هذا المجال تتخطّى الواقع أي نجدها مع كين ورفاقها فقط وليس مع أهلها.
بالرغم من السلبيات التي عددناها لك بعد استشارة أخصائية في علم النفس، لا زال القيّمون على باربي يبحثون عن الإجابة عن سؤال “لماذا فقدت باربي أهميّتها؟” وذلك، بعد تراجع في الجماهيرية والمبيعات في السنوات الأخيرة، وبلغت ذروتها في العامين 2014 و 2015.
في الحقيقة، مع انتشار وباء كورونا تحسّن الوضع قليلًا، لتتراجع المبيعات من جديد في بداية العام 2023 بنسبة 22%. ولكن اليوم تضع الشركة آمالًا كبيرة على الفيلم الذي استغرق إنتاجه 4 سنوات ونصف، ويسوّق له في كافة دول العالم.
لهذا الغرض، تجول مارغوت روبي وكين للحديث عن صيف باربي هذا العام. في الواقع، يتهافت الجمهور لمشاهدة الفيلم، بحيث تباع التذاكر في سرعة قياسيّة.
تم تحديد اليوم المنتظر للعرض الأوّل في 27 يوليو، فهل سيكون الفيلم فعلًا قفزة نوعية في مسيرة باربي وكافيًا لإثارة الحنين وعودتها إلى الساحة من جديد؟ هل ستعود الدمية المفضّلة لدى فتيات اليوم كما كانت منذ سنوات؟ أم أنّ الترند فعلًا تغيّرت؟ وباربي تعيش آخر مراحلها؟
في تفاصيل الفيلم، كتب المتابعون أنّ أحداث الفيلم تدور حول القوالب النمطية لباربي التي تغامر للدخول إلى “العالم الحقيقي” لمعرفة أي إنسان سيّء الحظ تسبب لها في حدوث خلل وظيفي. وكأنّ البشر أي العالم الحقيقي يعمل على تخريب عالم باربي المثالي.
وقد تمّ التعليق على ما انتشر من توقّعات حول الفيلم على أنّه لا يناسب الأطفال إنّما الكبار لأنّه يتناول مواضيع لا يستطيع الصغار فهمها مثل الترويج لبعض المبادئ السياسية والإجتماعية والإقتصادية.
أخيرًا، وفي ظلّ هذا العالم غير الواقعي الذي يحاول صنّاع باربي فرضه على مجتمعاتنا البشرية، تقول المعالجة النفسية آنا يونس إنّه من الضروري مواكبة الصغار من قبل أهلهم وتعريفهم على العالم الخيالي من باب تشجيع الطفل على التفكير وتوسيع نطاق خياله مع التأكيد على أنّ عالم باربي ليس مثاليًا ولا يمت بالواقع بصلة.