إنّ اكتشاف كيفية التعامل مع الطفل العنيد والعصبي في عمر السنتين يمثّل تحدّيًا كبيرًا للأمّهات والآباء. تتطلّب هذه المرحلة الحرجة في حياته الكثير من التفهّم والصبر، حيث يبدأ في تطوير شخصيّته ومحاولة التعبير عن احتياجاته ومشاعره بطرقٍ قد تكون غير مفهومة في بعض الأحيان. يعبّر الطفل في هذا العمر عن رغباته غالبًا من خلال العناد أو العصبية، ممّا قد يجعل التعامل معه أمرًا معقدًا ويحتاج إلى استراتيجيّات تربويّة خاصة للتعامل مع نوبات الغضب التي تصيب الأطفال.
سنتناول في هذا المقال عدّة طرق للتعامل مع الطفل العنيد والعصبي، بدءًا من تعديل سلوكه، وطرق العقاب المناسبة لعمره، وصولًا إلى كيفيّة تأديبه من دون اللجوء إلى الضرب. تستند كل هذه الأساليب إلى أبحاث علميّة وتربويّة موثوقة، وسنعرضها بطريقة تضمن تحسين علاقتكِ بطفلكِ ومساعدته على النموّ بطريقةٍ سليمة.
كيف أعدل سلوك طفلي عمر سنتين؟
تتطّلب معرفة كيفية التعامل مع الطفل العنيد والعصبي في عمر السنتين مزيجًا من التفهّم والصبر. فالأطفال في هذا العمر يعيشون مرحلة انتقاليّة بين الاعتماد الكامل على الأبوين وبين بداية اكتشافهم للعالم من حولهم بشكلٍ مستقل. وهذا يؤدّي إلى ظهور سلوكيّات مثل العناد والعصبيّة، التي غالبًا ما تكون طريقة الطفل في التعبير عن نفسه وعن احتياجاته التي لا يستطيع التعبير عنها بالكلمات.
الخطوة الأولى
هي أن نبدأ بتفهّم مشاعر الطفل، فعندما يظهر سلوكًا عنيدًا أو عصبيًا، قد يكون ذلك انعكاسًا لشعوره بالإحباط أو التعب أو الجوع. عليكِ كأمّ أو أب محاولة فهم السبب وراء هذا السلوك بدلًا من التركيز فقط على السلوك نفسه.
الخطوة الثانية
هي وضع حدود واضحة وسهلة الفهم. فالأطفال في هذا العمر يحتاجون إلى معرفة ما هو مسموح وما هو غير مسموح، وهي تتيح لهم الشعور بالأمان وتمنعهم من الشعور بالإرباك.
الخطوة الثالثة
إنّ تعزيز السلوك الإيجابي هو مفتاح تعديل سلوك الطفل العنيد. بدلًا من التركيز على العقاب، الذي يُعَدّ من بين الطرق الاي يُفسد بها الآباء أطفالهم من دون قصد، ركّزي على تشجيع الطفل عندما يقوم بسلوكيّات إيجابيّة. على سبيل المثال، إذا استجاب الطفل بشكلٍ جيّد لتعليماتكِ أو أظهر هدوءًا في موقف معين، قومي بمدحه وتعزيزه بكلماتٍ تشجيعيّة أو قدّمي له مكافأة صغيرة.
كيف أعاقب طفل عمر سنتين؟
لا يجب أن يكون العقاب عنيفًا أو جارحًا لكي يكون فعّالًا. في عمر السنتين، لا يفهم الطفل تمامًا معنى العقاب بالطريقة التي يفهمها البالغون. لذا من المهمّ أن تكون أساليب العقاب متناسبة مع عمره وتساهم في تعديل سلوكه بدلًا من إلحاق الضرر النفسي به.
الطريقة الأولى
استخدام “مهلة التأنيب” أو ما يُعرف بوقت الهدوء. تعتمد هذه الطريقة على منح الطفل وقتًا قصيرًا (دقيقة لكل سنة من عمره) ليجلس بهدوء بعيدًا عن المحيط المزعج. الهدف ليس العقاب بحدّ ذاته، بل منحه فرصة للهدوء والتفكير في سلوكه، فعقاب الأطفال ينجح بهذه الخطوات المدروسة.
الطريقة الثانية
التحدث مع الطفل بعد انتهاء فترة الهدوء. بمجرد أن يهدأ الطفل، اشرحي السلوك الخاطئ بطريقةٍ بسيطة ووضّحي له لماذا كان هذا السلوك غير مقبول. يجب أن يكون الحديث هادئًا ومباشرًا، مع الحرص على عدم إظهار الغضب.
الطريقة الثالثة
إعطاء الطفل فرصة ثانية. من الجيد أن تمنحي طفلكِ الفرصة لتصحيح سلوكه. على سبيل المثال، إذا كان قد ألقى لعبة على الأرض، يمكنكِ أن تطلبي منه بهدوء أن يلتقطها ويضعها في مكانها. هذا يُعلّمه أنّ لكلّ تصرّف نتيجة، وأن عليه تحمل مسؤوليّة أفعاله.
وقد أوصى موقع montessoriparenting.org باعتماد هذه الأساليب عبر مقالة “Surviving the Strong-Willed, Stubborn Child“.
كيفية تأديب طفل عمره سنتين دون ضرب؟
إنّ اللجوء إلى الضرب كوسيلة لتأديب الطفل ليس حلًا تربويًا، بل قد يؤدّي إلى مواجهة آثار سلبية تؤثّر على نموّه النفسي والعاطفي. هناك العديد من الطرق البديلة لتأديب الطفل العنيد والعصبي في عمر السنتين من دون اللجوء إلى العنف.
الخطوة الأولى
يُعَدّ التحفيز الإيجابي من أهمّ أساليب التأديب الفعالة. بدلًا من التركيز على السلوك السلبي، يجب على الأمّهات التركيز على السلوكيّات الجيّدة وتشجيعها. إذا أظهر الطفل سلوكًا إيجابيًا، كالتعاون أو الاستجابة للتعليمات، فيجب مكافأته بطريقةٍ مناسبة مثل الثناء أو منحه وقتًا إضافيًا للعب.
الخطوة الثانية
يجب توجيه الطفل بدلًا من إصدار الأوامر، فالأطفال في عمر السنتين يميلون إلى الشعور بالاستقلاليّة ويرفضون الأوامر المباشرة. لذا من الأفضل توجيههم بطريقٍة تعطيهم الخيارات. على سبيل المثال، بدلًا من القول “اذهب للنوم الآن”، يمكنكِ أن تقولي “هل تفضل قراءة قصّة قبل النوم أم سماع أغنية؟” هذا يتيح له الشعور بالتحكّم في الوضع ويزيد من استجابته.
الخطوة الثالثة
من الضروريّ الحفاظ على الهدوء، فعندما يقوم الطفل بسلوكٍ سيء، قد يكون ردّ فعل الأمّ أو الأب الانفعالي هو الغضب أو التوبيخ بصوت عالٍ. ولكن من الأفضل الحفاظ على الهدوء والتعامل مع الموقف بطريقة عقلانيّة. فالانفعالات تزيد من توتر الطفل وتجعله أكثر عنادًا.
قد يبدو التعامل مع الطفل العنيد والعصبي في عمر السنتين مرهقًا ولكنّه جزء طبيعي من تطوره. ولكن فهم مشاعره ووضع حدود واضحة وتعزيز السلوك الإيجابي تُعَدّ خطوات أساسيّة في تحسين سلوك الطفل وفي بناء علاقة قوية ومستقرة بينه وبين والديه. يجب على الأمهات والآباء تجنب اللجوء إلى العنف أو العقاب الجسدي واستبدال هذه الأساليب بأخرى تربوية قائمة على التفاهم والصبر. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على كيفية التعامل مع الطفل العصبي وكثير البكاء.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّ التعامل مع الطفل في هذا العمر يجب أن يقوم على الحبّ والصبر. فهذه الفترة هي فرصة ذهبيّة لتعزيز العلاقة بين الوالدين والطفل وتوجيهه بأساليب تربويّة سليمة تساهم في تعزيز نموّه العاطفي والنفسي بطريقةٍ صحيّة.