يُعتبَر التخلص من الشعر الزائد عند الأطفال البنات من أكثر المواضيع التي تثير الشعور بالقلق لدى الأمهات، خصوصًا في سنّ ما قبل البلوغ. تظهر أحيانًا شعيرات داكنة وسميكة على جسم الطفلة، تحديدًا في مناطق مثل الذراعين، والساقين، أو أعلى الشفاه. مما يدفع الأمّ للتساؤل عمّا إذا كان هذا طبيعيًا، أم دلالة على مشكلة صحية تتطلب التدخل. في كثير من الأحيان، لا يكون الشعر الزائد مرضيًا، بل نتيجة لعوامل وراثية أو هرمونية مؤقتة. لكن السؤال الأهم: كيف يمكن التعامل مع هذه المشكلة بلطف وأمان؟ وكيف نُراعي بشرة الطفلة الحساسة ونحافظ على نفسيتها من دون اللجوء إلى وسائل مؤلمة أو خطرة؟
في هذا المقال، سنعرض لكِ خطة واضحة للتعامل مع مشكلة الشعر الزائد عند البنات. بدءًا من الأسباب العلمية، مرورًا بالطرق الطبيعية المجربة، وصولًا إلى تقديم نصائح نفسية للتعامل مع الطفلة في هذا السياق. ستجدين معلومات موثوقة مدعومة بأبحاث علمية.
الأسباب العلمية لظهور الشعر الزائد
في البداية، من الضروري فهم لماذا يظهر الشعر الزائد عند الأطفال البنات. هناك عدّة عوامل قد تكون مسؤولة، وغالبًا ما تكون غير خطيرة.

تشير الأبحاث إلى أن العامل الوراثي هو الأكثر شيوعًا، إذ إن الفتيات اللواتي ينحدرن من أصول شرق أوسطية أو متوسطية يميلن إلى امتلاك شعر جسم أكثر من غيرهن. كذلك، قد تؤدّي التغيرات الهرمونية دورًا، خاصة عند دخول مرحلة ما قبل البلوغ. حيث يبدأ الجسم بإفراز كميات بسيطة من الهرمونات الذكرية مثل التستوستيرون (Azziz et al., 2004).
من ناحية أخرى، قد يكون الشعر الزائد مؤشّرًا على المعاناة من حالات نادرة مثل “فرط الشعر الخلقي” أو متلازمة تكيّس المبيض، لكن هذه الحالات تكون مرافقة لعوارض أخرى مثل عدم انتظام الدورة الشهرية أو ظهور حب الشباب، لذلك لا داعي للقلق المسبق قبل استشارة الطبيب المختص.
متى يجب القلق ومراجعة الطبيب؟
يشعر بعض الأمهات بالخوف عند ملاحظة الشعر الداكن على وجه أو جسم الطفلة. لكن متى يتحوّل القلق إلى ضرورة طبية؟
يُفضَّل استشارة طبيب الأطفال أو طبيب الغدد الصماء إذا لاحظتِ التالي:
- نمو سريع ومفاجئ للشعر الكثيف.
- تغيّرات واضحة في الجلد مثل ظهور حبّ الشباب الشديد أو تغيّر نبرة الصوت.
- تأخر في النمو أو البلوغ.
يُمكن للطبيب إجراء فحوصات دم لتقييم نسبة الهرمونات في الجسم، والتأكد من عدم وجود اضطرابات. وهذا الإجراء بسيط وغير مؤلم، وقد يوفّر طمأنينة كبيرة للأم والطفلة معًا.
الطرق الطبيعية للتخلص من الشعر الزائد
عندما يتعلق الأمر ببشرة الأطفال، لا بدّ من الابتعاد عن الطرق الكيميائية أو المؤلمة. في ما يلي أبرز الطرق الطبيعية التي أثبتت فعاليتها وأمانها:

أ- الكركم والحليب: يُعدّ خليط الكركم مع الحليب من الطرق القديمة المستخدمة لتخفيف نمو الشعر. فالكركم يمتلك خصائص مضادة للالتهاب والبكتيريا، كما يعمل على تقشير الجلد بلطف. يُمكن خلط ملعقة صغيرة من الكركم مع الحليب وتطبيق العجينة على المناطق المراد معالجتها، وتركها حتى تجف ثم فركها بلطف.
ب- السكر والليمون: يُستخدَم السكر كمقشّر طبيعي، بينما يعمل عصير الليمون على تفتيح لون الشعر. اخلطي ملعقتين من السكر مع ملعقة من عصير الليمون والقليل من الماء، وضعي الخليط على المنطقة لمدة 15 دقيقة، ثم اغسليها بماء فاتر.
ج- دقيق الحمص: يُستخدم دقيق الحمص منذ القدم في الهند لتقليل نمو الشعر. امزجيه مع القليل من اللبن والليمون، وطبّقيه بنفس الطريقة السابقة.
هذه الطرق لا تُزيل الشعر بشكل فوري مثل الشمع أو الشفرات، لكنها تضعف البصيلة تدريجيًا وتقلل من كثافة الشعر مع الوقت. وهذا هو المطلوب في مرحلة الطفولة.
كيف تتعاملين مع طفلتكِ نفسيًا؟
جانب مهم لا يجب تجاهله أبدًا هو تأثير الشعر الزائد على نفسية الطفلة. قد يشعر بعض البنات بالخجل أو يتعرضن للتنمّر بسبب مظهر الشعر في اليدين أو الوجه.
إليكِ بعض النصائح لتقديم الدعم النفسي:
- استمعي لطفلتكِ بتفهّم وبدون سخرية.
- أكّدي لها أن مظهر الشعر طبيعي وأن الكثير من البنات يواجهن المشكلة نفسها.
- تجنّبي استخدام كلمات سلبية مثل “منظر بشع” أو “مش مقبول”، وركّزي بدلًا من ذلك على نظافتها، واهتمامها بنفسها، وأناقتها.
- في حال اختارت الطفلة طريقة معينة لإزالة الشعر، ساعديها باختيار وسيلة آمنة ومناسبة لعمرها من دون فرض أو إجبار.
يُعزّز هذا الدعم من ثقتها بنفسها ويمنع مواجهة آثار نفسية مستقبلية مثل القلق الاجتماعي أو ضعف الصورة الذاتية.
نصائح إضافية قبل البدء بأي طريقة
من المهم معرفة بعض الإرشادات الأساسية قبل اعتماد أي وسيلة:

- اختبري دائمًا أي خلطة طبيعية على جزء صغير من الجلد لتجنّب الحساسية.
- لا تستخدمي الشمع أو الكريمات الكيميائية قبل سن البلوغ، فالبشرة في هذا العمر تكون رقيقة جدًا.
- لا تستخدمي الشفرة إلا إذا كانت الطفلة في سن يسمح لها بفهم طريقة الاستخدام الآمن.
- استشيري طبيب الجلد إذا لاحظتِ حساسية، واحمرارًا، أو ظهور بثور بعد أي طريقة.
الخلاصة
لا يُعَدّ التخلص من الشعر الزائد عند الأطفال البنات موضوعًا تجميليًا فقط، بل قضية تتعلّق بصحة الطفلة الجسدية والنفسية. من خلال فهم الأسباب، والاعتماد على طرق طبيعية آمنة، وتقديم دعم نفسي سليم، يمكن للأم أن توفّر لطفلتها بيئة آمنة مليئة بالحب والاحتواء. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن سبب تساقط الشعر عند الأطفال.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن التريّث والوعي هما أهم ما يمكن أن تقدّمه الأمّ لابنتها في هذا السياق. لا داعي للهلع أو الاستعجال في إزالة الشعر. الأهم هو مراقبة التغيرات العامة في جسم الطفلة، واستشارة الأطباء عند الحاجة، واختيار الوسائل الطبيعية التي تحميها وتحافظ على براءة عمرها. لا يوجد حلّ مثالي يناسب الجميع، فكل طفلة حال خاصة، وكل أمّ بطريقتها تستطيع أن تُشعر ابنتها بأنها جميلة، ومحبوبة، ومقبولة كما هي.