مصدر الصورة: Image by lookstudio على Freepik
تؤكّد دراسة حديثة نشرت في مجلة Scientific Reports على أهميّة تقليل التعرض لملوثات الهواء أثناء الحمل لمنع النتائج الضارة مثل الولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة، التي عادةً ما تُعَد من بين أبرز المشاكل التي تواجه الحامل بعد الإنجاب.
في الأسطر القادمة من هذه المقالة الجديدة على موقعنا الرسميّ “عائلتي”، سنكشف لكِ عن تفاصيل هذه الدراسة وأهمّ الاكتشافات التي حصل عليها الباحثين من خلالها.
خلفيّة هذه الدراسة
إنّ السببان الرئيسيان للوفيات والأمراض عند الأطفال حتّى مرحلة البلوغ، هما انخفاض الوزن عند الولادة، والولادة المبكرة، حيث تشمل بعض المضاعفات المرتبطة فيها تأثيرات كبيرة على الجهاز التنفّسي والجهاز العصبي المركزي والجهاز الهضمي. لذا وجد البحثون أنّ انتشار هاتين المشكلتين بنسبة 10.09% و8.24% على التوالي، يتطلّب إجراء دراسات وبائية إضافيّة لتوضيح عوامل الخطر الخاصة بهما.
يُعدّ ارتفاع ضغط الدم الحملي (GH) ومرض السكري الحملي (GDM) من المضاعفات الشائعة للأمهات أثناء الحمل ويمكن أن يزيد من خطر الولادة المبكرة وانخفاض الوزن الطفل، كما يتزايد عبء هذه الحالات عالميًا،ممّا يؤدّي إلى الإصابة بأنواع وعوارض مرض القلب والأوعية الدموية اللاحقة، كما يعتبر تلوث الهواء أحد عوامل الخطر التي تزيدمن احتمالية التعرّض لهذه المشاكل، ومع ذلك، فإنّ الأدلة على هذا الارتباط لا تزال غير حاسمة وغير متّسقة، مع نتائج متضاربة.
في تفاصيل الدراسة
حلّل الباحثون العلاقات بين ثلاثة ملوّثات للهواء، بما في ذلك ثاني أكسيد النيتروجين (NO2)، والأوزون (O3)، والجسيمات التي يقلّ قطرها عن 2.5 ميكرومتر (PM2.5)، وحالتين مرتبطتين بالحمل مثل GH وGDM، بالإضافة إلى ولادة طفلين.
للتحقيق في هذه الارتباطات، تمّ استخدام بيانات الصحة العامة الثانويّة من مكتب علم الأوبئة ومعلوماتيّة الصحّة العامة في كانساس، كما تمّ تضمين حالات الحمل المنفرد بين عامي 2000 و2015 في الدراسة، في حين تمّ استبعاد أيّ حالات ذات بيانات مفقودة أو بعيدة، وكذلك الأمهات اللواتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري قبل الحمل.
أي في المجموع، أُجريَت الدراسة على 590.574 و449.871 عيّنة من الحوامل في نمذجة GH وGDM، على التوالي. وشمل تحليل الوزن عند الولادة 554.787 ولادة، في حين شمل تحليل الولادة المبكرة 596.926 ولادة.
بالنسبة لبيانات تلوّث الهواء المحيط اليوميّة، تمّ إنشاء نماذج المجموعة الزمانيّة المكانيّة بدقّة قدرها كيلومتر مربع واحد، كما تمّ تقييم التعرّض للملوثات بشكلٍ منفصل خلال كلّ ثلاثة أشهر من الحمل وطوال فترة الحمل، مع استخدام نماذج الملوثات الفرديّة والمتعدّدة لتحديد العلاقات بين NO2 وO3 وPM2.5 والنتائج.
كما تمّ تحليل خصائص الأم مثل العرق والإثنية والتعليم والعمر وتكافؤ المواليد ومعدّل التدخين والحال الاجتماعية،مع تقدير الوضع الاجتماعي والاقتصادي من المساحات الخضراء في الرمز البريدي حيث أقامت الأم أثناء الحمل وبيانات الفقر المرتبطة به.
النتائج التي حصل عليها العلماء
عبر 106 مقاطعة في كانساس، كان معدّل انتشار الولادة المبكرة 7% وزاد قليلًأ طوال فترة الدراسة، كما كان متوسّط الوزن عند الولادة قبل الأوان 2499.5 جرامًا، في حين كان متوسّط الوزن عند الولادة الكاملة 3410.9 جرامًا.
وبينما انخفضت مستويات NO2 وPM2.5 بمرور الوقت، زادت مستويات O3،كما كانت الارتباطات بين ملوّثات الهواء الثلاثة متوسّطة إلى منخفضة.
ارتبط ارتفاع التعرض لـ O3 من حيث المدى الرباعي (IQR) خلال الثلث الثاني أو الثالث وطوال فترة الحمل بزيادة خطر الولادة المبكرة، مع نسبة الأرجحية بين 1.04 و 1.05، وبالمثل، فإن الأطفال الذين يولدون من أمّهات معرّضات لمستويات أعلى من O3 خلال الثلثين الثاني والثالث كانوا، في المتوسط، أخفّ وزنًا بمقدار 9.86 غرام عند الولادة.
كانت الأمهات اللواتي تعرّضن لـ NO2 خلال الأشهر الثلاثة الثانية أكثر عرضةً للإصابة بـ GDM، في حين أنّ أولئك اللواتي تعرّضن لـ O3 في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل كنّ أكثر عرضة للإصابة بـ GH.
وتشير النماذج الخاضعة للرقابة إلى أن الأمهات اللواتي يعشن في مناطق ذات مستويات فقر أعلى تعرّضنَ لمضاعفات الحمل ونتائج الولادة المرتبطة بتعرضهنّ لتلوّث الهواء، ممّا يشير إلى التأثير الوقائي للثروة، ومع ذلك، لم يتمّ ملاحظةأيّ نتائج متّسقة في جميع الملوثات والنتائج.
الاستنتاجات التي تمّ التوصّل إليها
تؤكّد نتائج الدراسة على دور التعرّض العالي للأكسجين في زيادة خطر انخفاض الوزن عند الولادة، والولادة المبكرة، وهرمون النمو، وبالمثل، ارتبط التعرّض لثاني أكسيد النيتروجين بزيادة خطر الإصابة بـ GDM.
تشبه هذه النتائج إلى حدٍّ كبيرٍ تلك التي توصّلت إليها الدراسات السابقة والتحليلات الوصفيّة في جميع أنحاء العالم، كما يمكن التوسّط في التأثيرات الملحوظة للتعرّض للأكسجين من خلال الآليات البيولوجيّة مثل الالتهاب الجهازي والإجهاد التأكسدي.
وعلى عكس الدراسات الأخرى وتوقعاتها، لم يلاحَظ أيّ ارتباط سلبي بين الحمل ونتائج الأمومة والتعرض لجسيمات PM2.5، حيث قد يكون هذا بسبب أنّ ولاية كانساس هي ولاية ريفيّة في الغالب ذات مستويات إجماليّة منخفضة من PM2.5.
كان استخدام بيانات تلوّث الهواء التفصيليّة عالية الدقة أحد نقاط القوّة الرئيسيّة للدراسة، وكذلك استخدام سجلّات المواليد لإزالة تحيّز الاستدعاء المحتمل، ومع ذلك، لم يتمكّن المؤلّفون من تضمين معلومات عن بعض عوامل الخطر على مستوى الأمّ مثل تعاطي المخدرات غير المشروعة، وتعاطي الكحول، والولادة المبكرة السابقة.
وبما أن البيانات استندت إلى المواليد الأحياء، فإنّ وفاة الجنين وفقدان الحمل لم تعتبر من النتائج المحتملة المرتبطة بتلوّث الهواء، كما يمكن للأبحاث المستقبلية معالجة هذه الثغرات أثناء استكشاف التعرّض للملوثات على نطاقات زمنيّة أدقّ للتحقّق من المزيد في هذه القضيّة الصحية المهمّة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدّمنا لكِ معلومات حول ألم أسفل البطن بعد الولادة بشهر.