أصبح حليب الماعز للاطفال خيارًا يثير اهتمام الكثير من الأمهات مؤخرًا. في ظل زيادة الوعي حول صحة الطفل، تبحثين دائمًا عن بدائل طبيعية وآمنة لحليب الأبقار. لذلك، تلجأ بعض الأمهات إلى حليب الماعز، اعتقادًا منهن بأنه أخفّ وأسهل للهضم.
من جهة، يحمل هذا الحليب تركيبة غذائية مميزة. من جهة أخرى، يحتاج الطفل إلى حليب يلائم عمره واحتياجاته بدقة. لهذا السبب، لا بد أن نوضّح متى يمكنك إعطاؤه، وهل يناسب جميع الأعمار، وما هي فوائده ومخاطره. في هذا المقال، أشرح لكِ هذه الجوانب بالتفصيل، بناءً على دراسات علمية حديثة.
متى يستطيع الطفل شرب حليب الماعز؟
متى يمكن تقديم حليب الماعز للاطفال ؟ أولًا، لا يمكن إعطاء الطفل حليب الماعز في أي عمر. يوصي خبراء التغذية في الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بعدم إعطاء الطفل حليب الماعز قبل عمر سنة كاملة. السبب بسيط: جهازه الهضمي لا يكون جاهزًا لهضم مكوناته الثقيلة. كما أنه يفتقر لبعض العناصر الأساسية لنمو الطفل في هذه المرحلة.
في عمر أقل من سنة، يحتاج الطفل إلى حليب الأم أو الحليب الصناعي المدعّم بالحديد. أما بعد ذلك، يمكنك البدء تدريجيًا بإدخال حليب الماعز، ولكن مع استشارة الطبيب أولًا.
ثانيًا، لا تكتفي بإدخاله فجأة. قدّمي كميات صغيرة، وراقبي أي رد فعل مثل الإسهال أو الطفح الجلدي. إذا لاحظتِ أي أعراض، أوقفيه فورًا.
هل يمكن للأطفال الصغار شرب حليب الماعز؟
هل يمكن تقديم حليب الماعز للاطفال الصغار؟ نعم، يمكن لبعض الأطفال الصغار شرب حليب الماعز، ولكن ضمن شروط معينة. بعد عمر السنة، يصبح الجهاز الهضمي أقوى. في هذه المرحلة، يستطيع جسم الطفل التعامل مع مكوّنات الحليب.
أوضحت دراسة منشورة في مجلة Clinical Pediatrics أن حليب الماعز يحتوي نسبة أقل من اللاكتوز مقارنة بحليب البقر. وهذا يجعله أسهل في الهضم للأطفال الذين يعانون من حساسية خفيفة تجاه اللاكتوز.
كما أنه يحتوي كريات دهنية صغيرة الحجم، ما يساعد على امتصاص أسرع وأفضل. إضافة إلى ذلك، يحتوي نسبة جيدة من الكالسيوم، والبوتاسيوم، والماغنيسيوم، وهي عناصر أساسية لتقوية العظام والأسنان.
لكن في الوقت نفسه، يجب أن تنتبهي لنقطة مهمة: حليب الماعز لا يحتوي كمية كافية من حمض الفوليك وفيتامين B12. وهذا النقص قد يؤدي إلى الإصابة بفقر الدم عند بعض الأطفال. لذلك، يفضّل دائمًا أن يكون جزءًا من نظام غذائي متنوّع، لا المصدر الوحيد للغذاء.
ما هي سلبيات حليب الماعز؟
ما هي سلبيّات شرب حليب الماعز للاطفال ؟ رغم الفوائد التي ذكرناها، توجد بعض السلبيات التي يجب أن تأخذيها بعين الاعتبار قبل أن تقدّمي حليب الماعز لطفلك.
أولًا، كما ذكرنا، يفتقر إلى حمض الفوليك وفيتامين B12، ما يؤثر على تكوّن خلايا الدم الحمراء. لهذا السبب، لا يُعتبر بديلًا مثاليًا عن الحليب الصناعي المدعّم.
ثانيًا، لا يُنصح أبدًا بإعطائه للأطفال دون سنة، لأنه يحتوي نسبة عالية من البروتينات والمعادن التي تجهد الكلى. حذّرت دراسة من مجلة Pediatrics من احتمالية زيادة خطر الإصابة بجفاف أو اختلال إلكتروليتي لدى الأطفال الصغار الذين يشربون حليب الماعز بشكل حصري قبل السنة الأولى.
ثالثًا، في بعض الحالات، قد يسبب رد فعل تحسسي. صحيح أن نسبة البروتين المسبب للحساسية في حليب الماعز أقل من البقر، إلا أن بعض الأطفال ما زالوا يعانون من عوارض تحسس مثل الأكزيما أو اضطراب في الهضم.
رابعًا، قد تجدين صعوبة في الحصول على حليب ماعز مبستر وآمن. فبعض الأنواع في الأسواق تكون غير معالجة بشكل جيد، مما يزيد من احتمال تلوّثها بالبكتيريا الضارّة مثل Listeria.
لهذا السبب، أنصحك دائمًا بشراء أنواع عالية الجودة، ومضمونة المصدر، ويفضّل أن تكون مُدعّمة بالفيتامينات الناقصة.
الخلاصة
في النهاية، يظل حليب الماعز للاطفال خيارًا صحيًا في ظروف معينة. بعد إتمام السنة الأولى، ومع مراعاة شروط السلامة والتغذية، يمكن أن يكون مفيدًا كجزء من نظام غذائي متوازن. لا تستخدميه أبدًا قبل عمر سنة، ولا تجعليه المصدر الوحيد للتغذية. احرصي دائمًا على استشارة الطبيب قبل إدخال أي نوع جديد من الحليب لطفلك، وراقبي تفاعله مع هذا التغيير. تذكّري أن كل طفل يختلف عن الآخر، وما يناسب طفلًا ما، قد لا يناسب طفلك. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن مشروب شائع يهدد حياة طفلكِ.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن حليب الماعز قد يكون بديلًا جيّدًا لحليب البقر، خصوصًا للأطفال الذين يعانون من صعوبة في هضمه. لكن، لا أعتبره خيارًا مثاليًا للجميع. أنصحك دائمًا بعدم اتخاذ القرار بشكل فردي، بل بالتعاون مع طبيب طفلك ومختصّ تغذية للوقايةمن مواجهة الآثار السلبيّة. لا يمكن أن ننسى أنّ التغذية في السنوات الأولى تحدد مسار النمو والصحة، فلا تتهاوني في التفاصيل. وبما أن الخيارات كثيرة، من الأفضل أن تختاري دائمًا ما يوفّر لطفلك التوازن والأمان الغذائي في آنٍ واحد.
