لا يقتصر سبب تساقط الشعر عند النساء فقط على عوامل وراثية أو صحية، بل يتعدّى ذلك أحيانًا ليشمل ممارسات يومية بسيطة نظنّها غير ضارّة. كثير من النساء يشتكين من تساقط مفاجئ أو تدريجي من دون أن يدركن أن العادات التي يتّبعنها كل يوم قد تكون السبب الأساسي.
سنعرض في هذا المقال أبرز الأسباب اليومية التي تؤدّي إلى تساقط الشعر، مدعومة بأحدث الدراسات العلمية، وسنُسلّط الضوء على طرق التعديل التي يمكن لكلّ امرأة اتباعها لحماية شعرها. كما سنتطرّق إلى تأثير التغذية، ومعدّل شرب الماء، والتصفيف، والعناية، والعوامل النفسية.
هل يسرق نظامكِ الغذائي كثافة شعركِ؟
تُثبت الدراسات الحديثة أن سوء التغذية وعدم شرب الماء يُعَدّ سببًا مباشرًا في تساقط الشعر عند النساء، إذ يؤدّي نقص الحديد، والزنك، البيوتين، وفيتامين D إلى إضعاف بصيلات الشعر.

أشارت مراجعة نُشرت في Dermatology Practical & Conceptual عام 2021 إلى أن النساء اللواتي يعانين من فقر الحديد يكنّ أكثر عرضة لتساقط الشعر المزمن. خاصّةً في مرحلة ما بعد الولادة أو خلال الحمية القاسية.
ركّزي على تناول البروتين النباتي والحيواني، أضيفي الأطعمة الغنية بالأوميغا 3، وامتنعي عن اتّباع الحميات العشوائية التي تفتقر للعناصر الأساسية. لا تهدري طاقة جسمكِ على إنقاص الوزن فقط، بل استثمريها في بناء صحّة شاملة.
تأثير حرارة المجفف
تستخدم أغلب النساء مجفف الشعر والمكواة بشكل شبه يومي، ما يسبّب مع الوقت ضعفًا في بصيلات الشعر. ترتفع حرارة هذه الأدوات إلى أكثر من 200 درجة مئوية. ما يؤدي إلى تبخّر الماء من الشعرة وتدمير طبقتها الواقية.
أظهرت دراسة منشورة في Journal of Cosmetic Science أن تعرّض الشعر لحرارة مستمرة من دون حماية حرارية يرفع خطر تكوّن الأطراف المتقصّفة ويزيد من هشاشة الشعرة بنسبة تصل إلى 80%.
ضعي واقيًا حراريًا قبل كلّ تصفيف، خفّفي عدد مرات استخدام الأدوات الساخنة، واتركي شعركِ يجفّ طبيعيًا كلّما سنحت الفرصة.
اعتماد تسريحات الشدّ
تلجأ كثير من النساء إلى تسريحات مشدودة مثل تسريحة ذيل الحصان المرتفع أو الكعكة المحكمة. هذه العادة، وإن بدت بسيطة، تؤدّي إلى ما يُعرف باسم “الثعلبة الشدّية”، وهي تساقط ناتج عن الشدّ المزمن لبصيلات الشعر.
ينصح الأطباء بالتخفيف من اعتماد هذه التسريحات، واستبدالها بأساليب مرنة. كما يُفضَّل تبديل موضع الفرق بين الحين والآخر، لتوزيع الضغط على فروة الرأس بشكل متساوٍ.
أضرار غسيل الشعر المفرط
تظنّ بعض النساء أن غسيل الشعر يوميًا يمنحه النظافة والصحة. في الواقع، الإفراط في الغسيل يُزيل الزيوت الطبيعية التي تُغذّي فروة الرأس وتُرطّب الشعرة.

توصي الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية بعدم غسل الشعر أكثر من ثلاث مرات أسبوعيًا، مع ضرورة استخدام شامبو خالٍ من الكبريتات والمواد الكيماوية القاسية. خصوصًا للنساء ذوات الشعر الجاف أو المجعّد.
أعطي شعركِ فرصة للتنفّس، ولا تحاولي “تطهيره” أكثر مما يحتاج، فالاعتدال هو أساس العناية الناجحة.
آثار التوتر العاطفي
قد لا يكون سبب تساقط الشعر عند النساء مرئيًا بالعين، بل مرتبطًا بمشاعر خفية والمعاناة من ضغوطات نفسية. يفرز الجسم خلال فترات الشعور بالتوتر هرمون الكورتيزول الذي يُضعف بصيلات الشعر ويُدخلها في مرحلة “الراحة” قبل الأوان. ما يسبّب تساقطًا كثيفًا بعد أشهر من التعرض للضغط.
تُؤكّد دراسة نشرتها PLOS ONE عام 2020 أن النساء اللواتي يعانين من ضغوط مزمنة يكنّ أكثر عرضة لتساقط الشعر المنتشر بنسبة 40%.
مارسي تمارين الاسترخاء، خذي قسطًا من الراحة، وتذكّري أن صحة الشعر تبدأ من الداخل قبل الخارج.
استخدام المنتجات الكيميائية
تتوفّر آلاف المنتجات للعناية بالشعر، ولكن ليست كلّها مناسبة لكِ. تحتوي بعض أنواع الشامبو، والصبغات، والكريمات مواد مثل Sodium Lauryl Sulfate أو Parabens التي تؤدي إلى حساسية فروة الرأس وتساقط الشعر مع الوقت.
اختاري منتجات خالية من الكبريتات والمواد الاصطناعية، واقرئي المكونات بعناية. الشعر لا يحتاج إلى الكثير من المنتجات، بل إلى القليل من الاختيارات الذكية.
تقلبات الهرمونات
تؤدّي الهرمونات دورًا مركزيًا في صحّة الشعر. الحمل، والولادة، والرضاعة، والدورة الشهرية، وسنّ اليأس جميعها مراحل تُغيّر مستويات الإستروجين والتستوستيرون. ما ينعكس مباشرة على كثافة الشعر.

يظهر سبب تساقط الشعر عند النساء بوضوح في فترة ما بعد الولادة، حيث تدخل نسبة كبيرة من الشعر في مرحلة السقوط نتيجة انخفاض الهرمونات بشكل مفاجئ. لا يعتبر هذا النوع من التساقط دائمًا، بل يستدعي الصبر، وتناول الغذاء الجيد، والرعاية النفسية.
الخلاصة
لا يُعَدّ سبب تساقط الشعر عند النساء أمرًا بسيطًا أو سطحيًا، بل هو نتيجة تراكمات متعدّدة تتفاعل مع نمط الحياة والعوامل البيولوجية. لا يكفي البحث عن منتج فعّال أو وصفة سريعة، بل يجب النظر إلى الروتين بأكمله، من التغذية وحتى المشاعر.
العناية تبدأ من إدراك العادات الخاطئة وتصحيحها، من احترام الجسم وتقبّل التحوّلات الطبيعية التي يمرّ بها. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أسباب جفاف البشرة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن كل امرأة تملك مفاتيح صحّة شعرها. لا تنتظري أن يخبركِ الآخرون ماذا تفعلين، بل اصغي إلى شعركِ. غيّري عاداتكِ بتأنٍ، وامنحي نفسكِ فرصة لإعادة التوازن. الجمال لا يأتي من منتج سحري، بل من انسجام داخلي بين الجسد والنفس والعقل.