تطمح كلّ أمّ إلى تربية طفل واثق من نفسه، قادرًا على مواجهة تحدّيات الحياة. لكن أحيانًا، من دون أن تدركي، قد ترتكبين أخطاءً صغيرةً تؤثّر على شخصيّة طفلك بشكلٍ كبير. قد تبدو هذه الأخطاء غير مؤذيةً في البداية. ولكن مع الوقت، تترك آثارًا عميقةً على تطور طفلك العاطفي والاجتماعي. لذا، المهمّ أن تدركي هذه الأخطاء وتتعاملي معها بحكمة.
في هذا المقال، سنتحدث عن أربع أخطاء شائعة قد تقعين فيها أثناء تربية طفلك. مع كلّ خطأ، سنقدم لك نصائح عملية للتعامل مع طفلك بطريقة تدعم نموه السليم وتساعده على بناء شخصيّة متوازنة.
1. المديح المبالغ فيه
المديح شيء جميل، لكنه قد يصبح سلاحًا ذا حدين إذا كان مبالغُا فيه أو غير مستحق. عندما تمدحين طفلك بعبارات مثل “أنت أذكى طفل في العالم” أو “لا أحد يشبهك أبدًا”، قد يطور الطفل توقعات غير واقعية عن نفسه. في المقابل، إذا أخفق في تحقيق هذه التوقعات، قد يشعر بالإحباط والقلق.
لذا، قومي بمدح الجهد الذي يبذله طفلك وليس النتيجة فقط. قولي له مثلًا: “أنا فخورة بمحاولاتك المستمرّة” بدلًا من “أنت الأفضل دائمًا”. بذلك، تعلمينه أن النجاح يأتي من العمل الجاد، وليس من توقعات غير واقعية.
2. حل جميع مشاكله
عندما تواجهين مشكلة طفلك بدلًا منه، تفوّتين عليه فرصة تعلم المهارات اللازمة لحلّ المشاكل. قد يوصل هذا السلوك رسالةً لطفلك بأنك لا تثقين بقدرته على التصرف بمفرده، ممّا يؤثّر سلبًا على ثقته بنفسه.
لذا، بدلًا من التدخل فورًا، اسألي طفلك عن رأيه في المشكلة وكيف يمكنه حلها. ساعديه في التفكير بخيارات وحلول، ولكن دعيه يختار وينفذ الحل بنفسه. هذا يعزّز من قدرته على تحمّل المسؤوليّة.
3. المقارنة المستمرّة
قد تبدو المقارنة بين طفلك وأقرانه أحيانًا وسيلة للتحفيز، لكنّها في الواقع تدمّر ثقته بنفسه. عندما تقولين لطفلك: “لماذا لا تكون مثل ابن خالتك؟”، يشعر بأنه غير كافٍ كما هو، ممّا يجعله يفقد الحافز للتطور.
لذا، ركزي على نقاط القوة الفريدة لطفلك بدلًا من نقاط ضعف الآخرين. قولي له مثلًا: “أنا ألاحظ أنك تحسنت كثيرًا في دراستك” بدلًا من “ابن خالتك يحصل على علامات أفضل منك”. بهذه الطريقة، تعزّزين ثقته بنفسه وتشجعينه على التطور من دون تشكيل ضغط.
4. توقّع الكمال
إنّ توقّعك بأن يكون طفلك مثاليًا دائمًا يضعه تحت ضغط كبير. مما يجعله يخشى الفشل أو ارتكاب الأخطاء. هذا السلوك يحد من قدرته على التعلّم من أخطائه وتطوير نفسه.
لذا، تقبلي أن طفلك إنسان طبيعي يخطئ ويتعلم. اجعلي بيئة المنزل مكانًا آمنًا يتيح له التعبير عن مشاعره وتجربة أشياء جديدة من دون خوف. أكّدي له أنّ الأخطاء هي جزء من الحياة والتعلّم.
في النهاية، تذكّري دائمًا أنّ بناء شخصيّة طفلك يعتمد على التوازن بين الحب والدعم، وبين التوجيه وتركه يكتشف العالم بنفسه. ابتعدي عن المديح المبالغ فيه، ودعيه يتحمل مسؤولية مشاكله، وركزي على تعزيز ثقته بنفسه بدلًا من مقارنته بالآخرين. بهذه الطريقة، تضمنين لطفلك شخصية قوية ومستقلّة قادرة على مواجهة تحدّيات الحياة بثقة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن الاستراتيجيّة الأكثر فعاليّة في تربية الأبناء وفق طبيب نفسي!