وسط عالم مليء بالتحدّيات اليوميّة وضغوط الحياة، تبرز ممارسة اليوغا كوسيلة فعّالة لإيجاد السلام الداخلي والتوازن بين الروح والجسد. ومن بين الأسماء الملهمة في هذا المجال، تتألّق “لنا ناظر”، مدرّبة يوغا سعودية وأمّ مستقبليّة. بفضل شغفها اللامحدود باليوغا ورؤيتها الإبداعية، استطاعت أن تصبح رمزًا للمرأة القوية والمتّصلة بجذورها. محوّلةً حبّها لهذا الفن إلى أسلوب حياة يغيّر حياة الكثيرات.
من خلال هذه المقابلة، نستكشف معًا قصّة نجاح لنا ناظر، بدءًا من اكتشاف حبّها لليوغا، مرورًا بالتحدّيات التي واجهتها كمدرّبة حامل، وصولًا إلى نظرتها للأمومة كقوّة دافعة لتحقيق المزيد من النجاح. حوارٌ مليء بالإلهام والرؤى التي تترك أثرًا في كلّ قارئة تبحث عن تحقيق التوازن والشغف في حياتها. مع مواجهة تحديات الأم العاملة.
كيف اكتشفت حبك لليوغا وكيف طوّرته حتى حققت هذا النجاح؟
كان اكتشاف حبّي لليوغا بمثابة العثور على بوّابة تقودني إلى ذاتي. بدأ كلّ شيء مع أمي، التي كانت تمارس اليوغا بروح ٍمن السلام والحب، ممّا ألهمني أن أبحث عن ذلك الإحساس في داخلي. مع مرور الوقت، أدركت أن اليوغا ليست فقط رياضة، بل أسلوب حياة يغذي الروح والجسد. كان الطريق مليئًا بالتحدّيات، لكنّ إيماني برؤيتي أن أكون جسرًا يربط الناس بأنفسهم وأهدافهم أعطاني القوّة للاستمرار. اليوم، كل نجاح أحقّقه هو شهادة على قوّة الحلم عندما يترافق مع العمل الجاد والإيمان العميق.
ما هو التحدي الأصعب الذي تواجهينه خلال الحمل كمدربة يوغا؟
بالنسبة لي، الحمل رحلة جميلة لكنّها مليئة بالتحدّيات. التحدي الأكبر الذي أعيشه الآن هو التوفيق بين التغيّرات المستمرّة التي يمرّ بها جسدي واحتياجاتي الشخصيّة كأمّ مستقبليّة، وبين التزامي تجاه طالباتي. أحاول أن أستمع لجسدي وأحترم احتياجاته مع الاستمرار في تقديم الدعم والتوجيه لمن حولي. تعلّمني هذه المرحلة الكثير عن الصبر والمرونة، وتمنحني فرصة لفهم اليوغا على مستوى أعمق، حيث أصبحت أعيش مبادئها يوميًا من خلال التكيّف والتوازن.
كيف تصفين علاقتك بوالدتك وما الذي يميزها؟
علاقتي بوالدتي هي جوهري وركيزة حياتي. هي النور الذي يرشدني، والصوت الذي يدفعني للمضيّ قدمًا. والدتي هي مثال القوة والحنان؛ علمتني كيف أكون متوازنة في كلّ شيء وكيف أواجه الحياة بشجاعة وحب. هي التي غرست داخلي القيم التي أسّست عليها “كراما يوغا”، مثل العطاء بلا مقابل والإيمان بأنّ كلّ إنسان لديه القدرة على تحقيق التغيير. ما يميّز علاقتنا هو أنّها ليست فقط علاقة أم وابنتها، بل شراكة في الرحلة، مليئة بالدعم والإلهام والاحترام.
هل ممارسة اليوغا آمن خلال فترة الحمل، وما هي فوائده للمرأة الحامل؟
نعم، اليوغا خلال الحمل هي من أعظم الهدايا التي يمكن أن تقدّمها المرأة لنفسها. فوائدها لا تُعَدّ ولا تُحصى: تهدئ الأعصاب، وتخفّف آلام الجسد، وتساعد في تحسين وضعية الطفل، كما تمنح الحامل ثقةً وسلامًا داخليًا أثناء التحضير للولادة. الأهمّ من ذلك، أنّ اليوغا تعلّم المرأة كيف تتواصل مع جسدها ومشاعرها في هذه المرحلة الجميلة. في “كراما يوغا”، نقدّم دروسًا مصمَّمة خصّيصًا للحوامل، حيث نعمل على تمكينهنَّ من خلال ممارسة تمارين لطيفة وتقنيّات تنفّس تزرع فيهنَّ القوّة والإيجابيّة.
كيف ستوازنين بين الأمومة والعمل؟
الأمومة والعمل بالنسبة لي ليسا تحدّيًا، بل هديّةً وفرصة لخلق التوازن. أؤمن أنّ النجاح في العمل ينبع من قلبٍ مطمئنّ ومتّصل بالعائلة، والأمومة تعطيني هذا الاتّصال. سأوازن بينهما من خلال تحديد أولويّاتي بوعيٍ، وبناء فريق قوي يدعمني، وتمضية لحظات ثمينة مع عائلتي تعزّز طاقتي وتمنحني الإلهام للاستمرار. بالنسبة لي، الأمومة ليست عائقًا، بل قوّةً إضافيّة تُعمّق حبّي لرؤيتي في “كراما يوغا”. حيث أهدف لخلق بيئة تدعم النساء على تحقيق هذا التوازن في حياتهنَّ أيضًا.
إذا استطعتِ أن تقدمي لطفلك المستقبلي حكمة أو نصيحة واحدة من رحلتك الشخصيّة، فماذا ستكون؟
سأقول لطفلي: “العالم كلّه بين يديك عندما تؤمن بنفسك. الحياة ليست دائمًا سهلة، لكنها مليئة بالجمال لمن يملك الصبر والشجاعة لرؤيته. لا تخف من السقوط، فكلّ سقوط هو فرصة للنهوض أقوى. عِش بحبٍّ، وكُن متواضعًا، ولا تنسَ أبدًا أنّ السعادة الحقيقيّة تأتي عندما تمنح من قلبك من دون انتظار المقابل. أريد لطفلي أن يتذكّر دائمًا أن القوّة الحقيقيّة هي تلك التي تأتي من الداخل، وأنّ الحياة هي مغامرةً مليئةً بالإمكانيّات إذا اختار أن يعيشها بشغفٍ وإيمان.
لنا ناظر ليست فقط مدرّبة يوغا، بل هي نموذج للمرأة القويّة التي توازن بين تحقيق أحلامها الشخصيّة وتقديم الدعم للمجتمع من حولها. من خلال قصتها، نتعلّم أنّ النجاح لا يتحقّق إلّا عندما يجتمع الشغف مع العمل الجاد والرؤية الواضحة. الأمومة، بالنسبة لها، ليست عائقًا بل مصدرًا إضافيًا للقوة والإلهام، ورسالتها إلى النساء هي أن التوازن ممكن عندما يكون القلب ممتلئًا بالإيمان بالنفس. وذلك بهدف تمكين المرأة وإبراز دورها في المجتمع.