أفادت دراسة جديدة، مدعومة من المعاهد الوطنيّة البريطانيّة للصحّة، أنّ تناول نوع محدّد من الطعام خلال فترة الحمل قد يسهم في خفض احتمال إصابة الجنين بالتوحّد بشكل ملحوظ.
وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، فإن استهلاك الأسماك مرّة واحدة شهريًا على الأقلّ يقلّل من فرص إصابة الطفل بالتوحّد بنسبة تصل إلى 20%. وقد جاءت هذه النتيجة بناءً على أبحاث أجرتها مجموعة من العلماء الذين ركّزوا على تأثير التغذية السليمة خلال الحمل على تطور الجنين.
دور أوميغا-3 والعناصر المغذيّة في تعزيز صحة الجنين
يرى الباحثون أنّ الأحماض الدهنية أوميغا-3 التي تتوفر بكثرة في الأسماك تؤدّي دورًا حاسمًا في دعم نمو دماغ الجنين. إلى جانبه، تحتوي الأسماك أيضًا معادن أخرى مثل الحديد، اليود، والزنك، التي تعدّ ضرورية لنمو وتطور الجهاز العصبي للطفل.
يُساهم الحصول على هذه المغذّيات في تعزيز قدرات الطفل السمعيّة واللغويّة والتواصليّة في مراحل مبكرة من حياته. وفقًا للدراسة، قد تكون التغذية الطبيعيّة التي يحصل عليها الطفل من الأسماك أكثر فائدة من المكمّلات الغذائيّة بسبب التفاعل المتناغم بين هذه العناصر الطبيعيّة.
اضطراب طيف التوحّد وتأثير التغذية
إنّ اضطراب طيف التوحّد (ASD) هو اضطراب تطوّري يتسبّب في مواجهة مشاكل في التواصل الاجتماعي والتفاعل مع الآخرين. وقد يواجه المصابون به صعوبة في فهم الإشارات غير اللفظيّة مثل لغة الجسد وتعبيرات الوجه. لا يزال السبب الدقيق لهذا الاضطراب غير معروف، ولكن العلماء يتفقون على أن التشخيص المبكر يمكن أن يساعد في تحسين جودة حياة الأطفال المصابين. أمّا الدراسة الجديدة، فتضيف بُعدًا جديدًا في الوقاية من التوحّد من خلال الاهتمام بالتغذية خلال فترة الحمل.
الأسماك أفضل من مكملات أوميغا-3
على الرغم من الفوائد المثبتة لأحماض أوميغا-3، إلّا أنّ الدراسة وجدت أنّ تناول المكمّلات الغذائيّة التي تحتوي أوميغا-3 لا يحقّق نفس النتائج التي يحققها استهلاك الأسماك. ويعتقد الباحثون أنّ السبب يعود إلى وجود عناصر غذائية أخرى في الأسماك مثل السيلينيوم وفيتامين D، التي تعمل معًا بشكل فعال على تحسين صحّة الجنين. على عكس المكملات الغذائية التي قد تحتوي إضافات أو تكون أقلّ فاعلية، توفّر الأسماك الطازجة فوائد شاملة ومتوازنة.
أهمية اختيار الأسماك منخفضة الزئبق
رغم الفوائد الصحيّة لتناول الأسماك، توصي إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) بضرورة تجنب الأسماك التي تحتوي على نسبة عالية من الزئبق مثل سمك أبو سيف وبعض أنواع المحار النيء التي تُعَدّ من بين أنواع السمك الممنوع للحامل. حيث يمكن للزئبق أن يسبّب ضررًا بالغًا في دماغ الجنين، ممّا يؤدي إلى تأخرات في النمو وصعوبات في التعلم. بدلاً من ذلك، يُنصح النساء الحوامل بتناول الأسماك منخفضة الزئبق مثل السلمون، السردين، والتونة الخفيفة، لتحقيق الفائدة القصوى مع تجنّب المخاطر.
الكميات الموصى بها من الأسماك أثناء الحمل
يوصي الخبراء بأن تتناول النساء الحوامل ما بين 250 إلى 350 غرامًا من الأسماك أسبوعيًا، أي ما يعادل حصّتين إلى ثلاث حصص. يساعد هذا المقدار في تزويد الجنين بالعناصر الغذائيّة الأساسيّة اللازمة لنموّه. ومع ذلك، أظهرت الدراسات أنّ العديد من النساء الحوامل لا يتناولنَ الكميّة الكافية من الأسماك أو المكمّلات الغذائية، ممّا يبرز الحاجة إلى توعية أكبر حول فوائد تناول هذا النوع من الأطعمة خلال الحمل.
تؤكد هذه الدراسة الحديثة أنّ تناول الأسماك أثناء الحمل قد يكون إجراءً بسيطًا لكنه فعّال في تقليل خطر إصابة الجنين بالتوحّد. ولتحقيق الفائدة القصوى، يجب على النساء الحوامل اتّباع إرشادات الأطبّاء في اختيار أنواع الأسماك المناسبة وتناولها بالكميّات الموصى بها، لضمان حصول الجنين على التغذية السليمة التي تعزّز نموّه الصحّي وتحميه من المخاطر المحتملة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن أفضل أنواع السمك للحامل.