علاج نطق الأطفال ضروريّ جدًّا إذا كان أي طفل يعاني من أي مشاكل تؤدّي الى صعوبة النطق السليم لديه، ولكن متى يجب البدء فيه؟
ينمو كلّ طفل ويتطور بوتيرته الخاصّة، فيختلف توقيت بدء الكلام والنطق بين الأطفال. ولكن استنادًا الى المراحل العامّة للنموّ اللغوي لدى الأطفال، يمكننا القول أنّ الطفل قد يبدأ بلفظ كلماته الأولى البسيطة بين عمر سنة و18 شهرًا. ومع الوقت تتوسّع المفردات ويتطوّر النطق وصولًا الى عمر الثلاث سنوات حيث يصبح النطق أكثر وضوحاً ويبدأ الطفل باستخدام جمل طويلة. كما يتطور فهم اللغة لديه ويبدأ بالتواصل بفعاليّة مع الآخرين.
فترة استقرار النطق عند الأطفال
يمكن أن تختلف فترة استقرار النطق قليلاً بين طفل وآخر، ولكن في معظم الأحيان، يحدث الاستقرار بين سنّ الأربعة والست سنوات. إذ يكون معظم الأطفال قد طوّروا، في هذه المرحلة، القدرة على نطق معظم الأصوات بشكل صحيح وفهم أسس اللّغة. إلّا لأنّ بعضهم قد يستمر في تحسين نطقهم وتطوير مهاراتهم اللّغوية الى ما بعد هذه الفترة. وبعد هذه الفترة عليك التدخّل إذا لاحظت أي مشاكل في تأخر الكلام لدى طفلك، واستشارة مُتخصّص.
مصدر الصورة: Freepik
مشاكل النطق وأسباب كل منها
هناك عدد كبير من مشاكل النطق وتأخّر الكلام عند الأطفال التي قد تؤثر على قدرتهم على النطق بشكل سليم حتّى على المدى البعيد. سنعدد ونشرح فيما يلي مشاكل النطق الأكثر شيوعًا بالإضافة الى الأسباب المحتملة لحدوثها:
- التأخر اللّغوي: أو ما يُعرف عامّةً بتأخّر الكلام، وهو فعليًّا تأخّر في استخدام مهارات اللّغة، كتكوين الجمل وفهم الكلمات، وتطويرها. قد يعود هذا التأخّر لعدّة أسباب ولكنّ أبرزها قلّة التحفيز اللّغوي للطفل بكل بساطة، أو مشاكل في الأذن مثلًا كأن يكون الطفل لا يسمع جيّدًا. كما قد يرتبط بتأخّر التطوّر لدى الطفل بشكل عام.
- الاضطرابات التكوينية: أي عدم القدرة على تكوين الكلام ويتمثّل بصعوبة في إنتاج أصوات معينة بشكل صحيح. وقد تنتج هذه المشكلة عن مشاكل هيكليّة في الفم (في الحنك أو اللسان مثلًا)، عوامل وراثيّة، أو تأخر في تطور المهارات الحركية.
- التأتأة: نلاحظها عبر صعوبة تدفق الكلام وتكرار أقسام من الكلمات، تمديد الأصوات أو التوقفات الطويلة. قد تسبّب عوامل وراثية التأتأة، أو تكون بسبب مشكلات في تطور الكلام، أو لدى التعرّض لضغط نفسي.
- اضطرابات النطق: تتمثّل بصعوبات في إنتاج أصوات معينة بشكل واضح وسليم، كالتهجئة والنطق غير الصحيح للكلمات. مثل: تغيير الصوت (استبدال أصوات معينة بأخرى)، حذف الصوت (عدم لفظ بعض الأصوات من الكلمات)، وتشويه الصوت (نطق الأصوات بشكل غير صحيح). وقد تُسبّبها مشاكل في النظام العصبي تؤثر على التحكم في العضلات التي تستخدم في النطق (كالشلل الدماغي، أو اضطرابات عصبيّة أخرى تؤثر على القدرة على الكلام).
- الاضطرابات الصوتية: تتمثّل ببحّة الصوت مثلًا أو الصوت الضعيف أو الخشن. وقد يكون سببها مشاكل هيكلية في الحبال الصوتية، كما قد تحصل لأسباب أخرى وقتيّة مثل التهابات الحنجرة، أو استخدام غير صحيح للصوت.
- اضطرابات اللّغة خلال التواصل الاجتماعي: تؤدّي الى صعوبات في الكلام والتفاعل مع الآخرين. قد تُسبّبها مشاكل نموّ عامّة تؤثر على المهارات الاجتماعيّة واللّغوية، كاضطراب طيف التوحد مثلًا.
تشخيص مشاكل النطق
إذا لاحظتي على طفلك أي من هذه المشاكل، من الأفضل استشارة طبيب الأطفال الذي قد يُوجّهك الى أخصائي نطق ولغة إذا استدعى الأمر للقيام بالتقييم المبكر والشامل لتحديد نوع مشكلة طفلك وشدّتها وبدء العلاج المناسب. ويشمل التشخيص فحص للسمع كبداية، تقييم لغوي، أي الاستماع لطريقة كلام الطفل وتحليل طريقة النطق لديه لتحديد المشكلة وبالتّالي الأسباب المحتملة المؤدّية لها.
مصدر الصورة: Freepik
علاج مشاكل النطق لدى الأطفال
يعتمد علاج النطق عند الأطفال على نوع المشكلة وحدّتها، ولكن أبرز العلاجات التي يتمّ استخدامها هي:
- علاج السمع: إذا تبيّن وجود مشاكل سمعية تؤثر على النطق، يتم علاج مشاكل السمع بعد إجراء جميع الفحوصات اللّازمة. ويشمل العلاج استخدام أجهزة السمع ليتمكّن الطفل من سماع الأصوات والكلام بشكل أفضل، ما سيُمكّنه مع الوقت من تكرار الكلمات بشكل جيّد.
- علاج النطق واللّغة: يقوم أخصائي النطق واللّغة خلال الجلسات بالتركيز على التمارين والتدريبات المخصّصة للعمل على تحسين مهارات النطق واللّغة لدى الطفل، وتعليمه تقنيّات جديدة للنطق، عبر تدريب العضلات المستخدمة في الكلام، وتحسين التنسيق بين اللّسان والشفتين. وهذا طبعًا في حال لم يكن هناك حالات طبيّة مُسبّبة لذلك.
- علاج طبي وجراحي: في الحالات الطبيّة مثل الشفّة الأرنبيّة مثلًا أو مشاكل هيكليّة في الفم، يكون هناك حاجة لتدخل طبي وتدخّل جراحي في أحيان أخرى لمعالجة المشاكل الهيكليّة التي أثّرت على النطق.
- علاج نفسي: إذا كان تأخر النطق مرتبطًا بمشاكل نفسية، يتمّ بدايةً تحويل الطفل الى أخصائي نفسي لمعالجة الأسباب النفسيّة التي أثّرت على تطور النطق.
أمور أخرى تُساعد في العلاج
- التدخلات التعليمية: قد يحتاج بعض الأطفال خلال تحصيلهم الأكاديمي الى دعم إضافي لتحسين مهاراتهم اللغوية، كتعليم فردي أو بمجموعات صغيرة.
- التفاعل اليومي واللّعب التعليمي: يتمّ توجيه الأهل للمساعدة في العلاج عن طريق دعم تطوير النطق واللّغة في المنزل، وتعلّم استراتيجيات فعّالة لتعزيز مهارات طفلهم اللّغوية. ويتمّ استخدام الألعاب والأنشطة المُسلّية التي تشجّع على النطق واستخدام اللّغة بشكل تفاعلي، وتشجيع الطفل على التعبير عن نفسه بطرق متنوعة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، إذا كان لديك أي قلق بشأن النطق لدى الطفل، يُمكنك استشارة طبيب الأطفال وأخصائي النطق واللّغة. إذ قد يُساعد التقييم المبكر في تحديد أسباب هذه المشاكل وتقديم العلاج المناسب بشكل سريع لتحسين المهارات اللّغويّة لدى طفلك. يمكنك الاطلاع على طرق تعليم الطفل النطق السليم.
