زوجي يمنع اهلي من زيارتي ويمنعني من زيارتهم، ولكن ماذا عليّ أن أفعل؟ هل أطيعه أم أنّ لي الحقّ بزيارتهم واستقبالهم؟
هذه الأسئلة وغيرها تسألها كثير من السيّدات اللّواتي مررن بمواقف مشابهة مع أزواجهنّ. بالأخصّ السيدة التي ترى أنّ زوجها لا يحبّ ولا يحترم أهلها. ولكن في هذه الحالة قد يرى البعض أنّ من حق الزوجة على الزوج في المعاملة أنّ يسمح لها بزيارة واستقبال أهله. إلّا أنّ الشرع يركّز على الأحاديث عن طاعة الزوجة لزوجها. من هنا سنقدّم لك بعض المواقف والنصائح المتعلّقة بكلّ منها لكيفيّة التعامل معها.
أسباب محتملة لكره الزوج لأهل زوجته
قبل الحديث عن المواقف المختلفة التي قد يمنع بها الزوج زوجته عن أهلها، هناك أسباب محتملة لكره الزوج لأهل زوجته. وهذا الأمر قد يسبّب الكثير من الخلافات بين الزوجين. لذلك ننصحك بتحديد هذه الأسباب والتنبّه اليها من أجل إيجاد حلّ للمشاكل منعاً لتأثيرها بشكل سلبي على زواجك. ومن بين الأسباب المحتملة الشائعة نذكر:
- انتماء الزوجة لبيئة مختلفة عن بيئة الزوج إن من حيث المستوى الاجتماعي، الثقافي، المادّي، وبذلك يكون هناك اختلاف بالعادات والتقاليد: هذه الأمور تجعل انسجام الزوج وتفاهمه مع أهل زوجته من الأمور الأكثر صعوبة. ومع الوقت، قد يسبب هذا الأمر خلافات كبيرة بين الزوجين وابتعادهما عن بعض إذا لم يقوما باستدراك الوضع.
- عدم قدرة الزوجة على الاستقلال عن عائلتها، لجهة اتّخاذ القرارات الخاصّة من دون استشارة أفراد عائلتها. حتّى وإن كانت الأمور تخصّها مع زوجها. بالإضافة الى اخبارهم بالأمور الخاصّة في حياتها الزوجيّة، ما يدفعهم للتدخل الدائم بشؤون الزوجين. قلّة قليلة من الأزواج من الممكن أن تسمح بهذا الأمر! فمن الطبيعيّ أن يسعى زوجك لوضع الحدود مع عائلتك في حال كنت في هذا الموقف.
- شعور زوجك بالغيرة من أهلك: في حال كنت تتصرّفين وكأنّهم هم الأولويّة في حياتك وإبقاء زوجك بالمركز الثاني. من الطبيعيّ أن يتجنّب لقاءهم في هذه الحالة ومحاولة ابعادك عنهم.
- حدوث سوء تفاهم بين زوجك وأهلك في مواقف معيّنة: من الممكن أن يتحوّل سوء تفاهم بسيط أو مواقف متراكمة بين زوجك وأحد أفراد عائلتك الى خلاف طويل الأمد. كما قد يتطوّر في بعض الأحيان ليصبح قطيعة بينهم.
زوجي يمنعني من زيارة أهلي، هل أطيعه؟
بادئ الأمر، لا يجوز للمرأة الخروج من بيت زوجها إلا بإذن منه، وهناك حكم عصيان الزوجة لزوجها في الإسلام. وهذا الأمر ينطبق أيضًا على زيارة الزوجة لأهلها، أو لزيارتهم لها. ورغم أنّه لا ينبغي على زوجك أن يمنع والديك من زيارتك أو يمنعك من زيارتهم أو التواصل معهم، إلّا أنّ البعض يرون أنّ عليك طاعته.
اختلف الفقهاء في تحديد الموقف المناسب للتصرّف في المواقف المشابهة، وسنذكر لك أبرز آراء الفقهاء في هذا الموضوع:
فاتّجهت بعض المذاهب كالمالكية، أي أتباع الإمام مالك بن أنس رحمه الله، والحنفية أي أتباع أبي حنيفة النعمان بن ثابت، إلى اعتبار أنّه لا يجب على الزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها.
أمّا مذاهب أخرى، فأشارت الى أنّ للزوج أن يمنع زوجته ويلزمها طاعته، فلا تخرج إلى أهلها إلا بإذنه. ولكن حدّدت هذه المذاهب أيضًا أنّه ليس للزوج أن يمنعها من التواصل والحديث مع والديها ولا من زيارتهما لها. إلّا في حالات معيّنة يخشى فيها من ضرر بزيارتهما، ويمنعهما من زيارة ابنتهما أي زوجته دفعًا لهذا الضرر المحتمل. ومن أبرز من تبنّوا هذا الفقه هم: الشافعيّة، أي أتباع محمد بن إدريس الشافعي، والمذهب الحنبلي أو الفقه الحنبلي. (الذي نسب للإمام أحمد بن محمد بن حنبل أبي عبد الله الذهلي الوائلي الشيباني).
زوجي يمنع أهلي من زيارتي، ماذا أفعل؟
لا يختلف اثنان على أنّه عند زواجك، يصبح حقّ زوجك مقدّم على بقيّة الحقوق. ومحظوظة أنت في حال كان زوجك يتمتّع بالمرونة الكافية، وأن يدعمك في إبقاء صلة الرحم مع أهلك.
ولكن كما ذكرنا سابقًا، أحيانًا يكون هناك أسباب تدفع زوجك لأن ينزعج من وجود أهلك في منزله، فيمنعهم من زيارتك. لذلك ننصحك بالتواصل الجيد مع زوجك بعقلانيّة لتحديد هذه الأسباب. فإذا كان هناك سبب جوهري، عليكما الوصول الى اتّفاق يناسبكما ويناسب عائلتكما الصغيرة التي بنيتماها معًا. أمّا في حال كان السبب مجرّد سوء تفاهم بين زوجك وأحد من أهلك أو أفراد عائلتك، عليك العمل على ايضاحه لتقريب القلوب.
في حال لم يكن هناك تسبّب بأي ضرر، اتّفقي معه على استقبال أهلك مثلًا في الأوقات التي لا يتواجد فيها. واستمري بطبيعة الحال بالإحسان الى أهله، ولا تقابلي أهله بالطريقة التي يقابل بها أهلك.
برأيي الشخصي كمحرّرة، اختلفت الأسباب التي قد تؤدّي الى مشكلتك “زوجي يمنع اهلي من زيارتي”. ومعها اختلفت التفسيرات الفقهيّة، الّا أنّها بغالبيّتها تشير الى أنّه الأولى للزوج أن يسمح لزوجته بزيارة أهلها. وليس عليه أن يمنعها من ذلك إلّا في حال كان هناك خطر الضرر بزيارة أحدهم. لذلك ننصحك عزيزتي بالتواصل البنّاء مع زوجك لتحديد الأسباب والعمل على إيجاد الحلول. وانتبهي دائمًا للفرق بين طاعة الزوج وخدمة الزوج.. فهو ليس كما تعتقدين!