يُعد جفاف العين عند الأطفال من المشاكل الصحية الشائعة عند الأطفال والتي يعانون منها من دون معرفة الأسباب الدقيقة وراءها أو كيفيّة التعامل معها بشكل صحيح، وهي عادةً ما تظهر على شكل عوارض مزعجة تُقلق الأهل وتؤثر على الراحة اليومية للطفل، خاصّةً في حال تفاقم عوارضها وصعوبة إيجاد علاج مناسب.
في هذا المقال، سنتناول بالتفصيل أسباب جفاف العين عند الأطفال والعوامل المؤثرة فيها، وسنستعرض الآثار الجانبية التي قد تترتّب عن إهمال علاجها، كما سنقدّم لكِ بعض الخطوات العلاجيّة الموصى بها التي تساعد على تخفيف العوارض ومنع تفاقم الحال، ممّا يساهم في الحفاظ على صحّة عيون الطفل وضمان نموه السليم.
أسباب المعاناة من هذه الحال
يمكن أن يكون جفاف العين عند الأطفال ناتجًا عن عدّة أسباب، منها ما يتعلّق بنمط الحياة ومنها ما هو مرتبط بعوامل بيئيّة أو صحيّة، لذا من المهمّ جدًا فهمها للتعامل مع المشكلة بفعالية، لذا سنقدّم لكِ شرحًا عن هذه الحال في ما يلي:
تُعدّ مشكلة نقص إنتاج الدموع واحدة من أبرز الأسباب التي تؤدّي إلى جفاف العين عند الأطفال ، فهي تؤدّي دورًا حيويًا في الحفاظ على رطوبة العين وحمايتها من العوامل الخارجيّة الضارة، وعند انخفاض كميّتها أو تغيّر تركيبها الطبيعي، تصبح العين أكثر عرضةً للجفاف، ويمكن أن تكون هذه الحال ناتجة عن عوامل وراثيّة أو صحيّة تؤثّر على الغدد المسؤولة عن إنتاج الدموع.
وفقًا لموقع Mayo Clinic في مقالة نُشِرَت عام 2022 تحت عنوان “Dry eyes”، يُعتبَر جفاف العين حال شائعة تحدث عندما تكون الدموع غير قادرة على ترطيب العينين بشكل كافٍ، وقد يكون ذلك نتيجة لعدّة أسباب، مثل عدم إنتاج كمية كافية من الدموع أو إنتاج دموع بجودة غير جيدة. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
من الأسباب الأخرى المهمّة لجفاف العين هو التعرّض المستمرّ للهواء الجاف أو الملوث، فالأطفال الذين يعيشون في بيئات تحتوي مستويات عالية من التلوّث أو الذين يمضون وقتًا طويلًا في أماكن مكيّفة قد يكونون أكثر عرضةً للإصابة بهذه المشكلة، كما أنّ التعرّض الطويل للشاشات الإلكترونيّة، سواء كان ذلك لأغراض تعليميّة أو ترفيهيّة، يزيد من احتمالية حدوثها بسبب قلّة الرَمش، ممّا يقلّل من توزيع الدموع على سطح العين ويؤدّي إلى احمرار عين الطفل.
علاوةً على ذلك، إنّ المعاناة من بعض الحالات الصحيّة المزمنة مثل الحساسية والتهاب الجفون تُعدّ من الأسباب الثانويّة التي تزيد من احتماليّة إصابة الطفل بجفاف العين، فهذه الحالات قد تؤدّي إلى انتفاخ العين بين الفترة والأخرى وتقليل إفراز الدموع، ممّا يزيد من مشكلة الجفاف.
الآثار الجانبيّة التي قد تترتّب عنها
إنّ جفاف العين عند الأطفال ليس مجرد مشكلة مؤقّتة يمكن تجاهلها، بل قد يترتّب عنها آثار جانبيّة قد تؤثر بشكلٍ مباشر على راحة الطفل وصحّته العامة إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح، لذا سنعرض لكِ تأثيرات هذه الحال في ما يلي:
أحد أكثر العوارض شيوعًا هو الشعور بالحكة والحرقة في العين، وهو أمر قد يسبّب إزعاجًا كبيرًا للطفل ويؤثّر على قدرته على التركيز في المهام اليوميّة مثل الدراسة أو اللعب، ويمكن أن تتفاقم هذه العلامات إلى حدّ مواجهة ألم مستمرّ في العين، ممّا يسبّب الشعور بالتعب والإرهاق بسهولة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدّي جفاف العين إلى التهابها واحمرارها، وهي علامات قد تكون مزعجة وتجعلها أكثر حساسية تجاه الضوء، وفي حال لم يتمّ علاج هذه المشكلة في الوقت المناسب، قد يزداد تأثيرها ويؤدّي إلى ظهور تقرّحات صغيرة على سطح العين، ممّا يرفع خطر الإصابة بالعدوى.
ومن الآثار الجانبية الأخرى التي يمكن أن تصاحب جفاف العين هي ضعف الرؤية المؤقت، فقد يلاحظ الطفل ضبابية في الرؤية، خاصّةً بعد فترات طويلة من التركيز على الشاشات أو القراءة، وهذا ما يمكن أن يؤثّر على الأدائه الأكاديمي والاجتماعي، الأمر الذي يستدعي تدخّلًا طبيًا للحيلولة بدون تفاقم المشكلة.
بحسب موقع Penn Medicine في مقالة نُشِرَت تحت عنوان “Dry Eye”، تؤدّي هذه المشكلة إلى مواجهة شعور بالجفاف أو الرملية أو الحرقان في العينين، بالإضافة إلى الاحمرار والعيون المائية أو اللزجة التي تجعلها تبدو “ملتصقة” بعد النوم، كما أفاد العديد من الأشخاص بشعورهم بوجود شيء في العين أو بالإجهاد البصري، وقد يصاحب ذلك أيضًا حكّة وحساسية تجاه الضوء. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
الخطوات العلاجية الموصى بها
لحسن الحظ، هناك العديد من الخطوات العلاجيّة التي يمكن اتباعها للحدّ من تأثير عوارض جفاف العين عند الأطفال وضمان الحفاظ على راحة العين وصحّتها، لذا سنقدّم لكِ بعض الخطوات التي قد يوصي بها الخبراء في ما يلي:
أولاً، من الضروريّ تقليل الوقت الذي يمضيه الطفل أمام الشاشات الإلكترونية، وذلك من خلال تشجيعه على أخذ فترات راحة منتظمة أثناء استخدام الأجهزة الإلكترونية بهدف السماح للعيون بالراحة وخفض فرصة الإصابة بالجفاف، كما يمكن أيضًا تعليم الطفل ممارسة العادّات الصحيحة لاستخدام الشاشات، مثل زيادة معدّل الرمش أثناء المشاهدة لتوزيع الدموع بشكل أفضل على سطح العين.
ثانيًا، يُنصح باستخدام قطرات العين المرطِّبة التي يمكن أن تساعد في تعويض نقص الدموع الطبيعيّة، وهي عادةً ما تُستعمَل بناءً على توصية الطبيب وتحت إشرافه، وتعمل على توفير رطوبة إضافيّة للعين وتخفيف الشعور بالحرقة والحكّة، لذا من المهمّ اختيار النوع المناسب من القطرات التي تتناسب مع حال الطفل، فبعضها قد يحتوي مواد يمكن أن تزيد من الحساسية إذا لم تُستخدم بشكل صحيح.
ثالثًا، يُفضَّل التحكّم في بيئة الطفل للحدّ من العوامل التي قد تؤدي إلى جفاف العين، ويمكن تحقيق ذلك من خلال استخدام أجهزة الترطيب في الأماكن المغلقة، خاصّةً في فصول الشتاء عندما يكون الهواء جافًا، كما يُنصح بتجنّب تعريضه للهواء الملوّث أو الدخان، حيث يمكن أن يزيد ذلك من فرص الإصابة بجفاف العين.
بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة الحال الصحيّة العامّة للطفل ومعالجة أيّ حالات طبيّة قد تساهم في جفاف العين، ففي حال كان يعاني من حساسية أو التهاب في الجفون، يُفضَّل استشارة الطبيب للحصول على علاج مناسب لهذه الحالات، ممّا يساعد على تقليل احتماليّة الإصابة بجفاف العين.
وأخيرًا، يُنصح الأهل بتقديم نظام غذائي صحّي غني بالفيتامينات والمعادن التي تدعم صحّة العين، فمن المعروف أنّ بعض الفيتامينات مثل فيتامين A وأحماض أوميغا-3 الدهنية تؤدّي دورًا مهمًا في الحفاظ على صحّة العين، ويمكن إدراج هذه العناصر في النظام الغذائي للطفل من خلال تناول الخضروات الورقيّة والأسماك.
في الختام، يُعدّ جفاف العين عند الأطفال مشكلة تحتاج إلى انتباه خاص من قبل الأهل، حيث أنّ الفهم الجيّد لأسبابها والعوامل المؤثّرة فيها يُعتبر خطوة أساسيّة في العلاج والوقاية، ومن خلال تطبيق الخطوات العلاجيّة الموصى بها والاهتمام بصحّة العين عبر تحسين نمط الحياة، يمكن تجنّب مواجهة الكثير من المضاعفات التي قد تنجم عن هذه الحال. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على أكثر أمراض العيون شيوعًا عند الرضع.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّه من المهمّ أن يكون الأهل على دراية بالعوامل البيئيّة والصحيّة التي قد تؤدّي إلى جفاف العين عند أطفالهم، وأن يعملوا على توفير بيئة صحيّة ومتوازنة تعزّز من صحة العيون، كما يجب عليهم أيضًا الاستماع إلى شكوى الطفل ومتابعة أي عوارض غير طبيعيّة قد تظهر، والتواصل مع الطبيب المختصّ عند الحاجة لضمان تقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب، فالحفاظ على صحّة العين يُعدّ جزءًا لا يتجزّأ من رعاية الطفل الشاملة، وهو أمر يجب أن يُعطى الأولوية لضمان الحفاظ على مستقبل صحيّ ومشرق لأطفالنا.