تُعَدّ معرفة العلاقة بين عصبية الحامل ونوع الجنين من المواضيع التي تشغل بال العديد من النساء خلال فترة الحمل. إذ تكثر التساؤلات حول تأثير الحال النفسيّة والعصبيّة للأم على نوع الجنين وصحته. في الواقع، يُعَدّ الحمل فترة مليئة بالتغيّرات النفسيّة والجسديّة التي قد تجعل المرأة عرضةً للشعور بالتوتر والعصبية. وفي ما تسعى الأمهات إلى توفير البيئة الأمثل لنمو الجنين، تظهر بعض النظريات حول ارتباط العصبية بنوع الجنين، لتخلق نوعًا من الفضول لدى المرأة حول صحة هذه الأفكار ومدى مصداقيتها علميًا.
في هذا المقال، سنستعرض أسباب العصبيّة الزائدة أثناء الحمل، ونفنّد الأساطير المحيطة بربط العصبيّة بنوع الجنين. كذلك، سنناقش استراتيجيّات التعامل مع التوتّر للحفاظ على صحّة الأم والجنين. سيعتمد المقال على دراساتٍ علميّة موثوقة لشرح العوامل النفسيّة والهرمونيّة المؤثّرة على الحال النفسيّة للمرأة الحامل.
ما سبب العصبية الزائدة عند الحامل؟
ما هي العلاقية بين عصبية الحامل ونوع الجنين ؟ قبل الإجابة عن هذا السؤال، لا بدّ من الكشف عن سبب مواجهةهذه المشاعر خلال الحمل. تُعتبَر العصبيّة الزائدة من العوارض الشائعة أثناء الحمل. ويُعزى ذلك إلى عدّة عوامل تتأرجح بين التغيّرات الهرمونيّة والعوامل النفسيّة والجسديّة. فعلى الصعيد الهرموني، يؤدّي ارتفاع هرموني الأستروجين والبروجستيرون إلى تقلبّات مزاجيّة. حيث أثبتت الدراسات العلميّة أنّ هذه الهرمونات تؤدّي دورًا كبيرًا في التأثير على المزاج وزيادة العصبيّة (“Perinatal Depression,” National Institutes of Health).
إضافةً إلى ذلك، قد تساهم العوامل النفسيّة مثل القلق حول المسؤولياّت المستقبليّة والخوف من آلام الولادة في زيادة حدّة التوتر. ومع تقدّم الحمل، تتغيّر أيضًا الحاجات الجسديّة والنفسيّة للمرأة. ممّا قد يؤدّي إلى إرهاقٍ جسدي ونفسي يظهر على شكل عصبيّة وتوتّر. وتوضح الأبحاث أنّ هذه التغيرات ليست غير مألوفة، إذ يعاني العديد من النساء من تقلبات مزاجية مرتبطة بتغيرات هرمونية خلال الحمل (Verywell Mind).
ماذا يكون نوع الجنين إذا كانت الحامل عصبية؟
ما هي العلاقة بين عصبية الحامل ونوع الجنين ؟ من الشائع أن تنتشر بين الناس معتقدات تقول إنّ عصبية الحامل ونوع الجنين بينهما علاقة. حيث يُظن أنّ العصبيّة المفرِطة أثناء الحمل قد تشير إلى أنّ الجنين ذكر. بينما يُعتقد أن الهدوء النسبي يشير إلى أنّ الجنين أنثى. لكن من الناحية العلميّة، لا يوجد دليل يربط بين مزاج الأم ونوع الجنين. ووفقًا لبحث نُشر في ScienceDirect، فإنّ جنس الجنين يُحَّدد جينيًا منذ لحظة الإخصاب ولا يمكن أن يتأثّر بحال الأمّ النفسيّة.
يوضح العلم أنّ هذه الاعتقادات تندرج تحت قائمة الخرافات الشعبيّة التي لا تستند إلى أيّ أُسُسٍ علميّة. فالعصبيّة ليست مؤشرًا يُعتد به لتحديد جنس الجنين. بل هي ناتجة عن التغيرات البيولوجية والنفسية التي تمر بها الأم خلال الحمل. وفي دراسة أجرتها “The American Journal of Obstetrics and Gynecology,” PubMed، تمّ التأكيد على أنّ التغيرات المزاجيّة هي جزء طبيعي من تجربة الحمل ولا ترتبط بنوع الجنين.
كيفية التعامل مع عصبية الحمل
بعد التعرّف على العلاقة التي تربط بين عصبية الحامل ونوع الجنين ، كيف يمكن التخلّص من هذه المشاعر السلبيّة؟ إنّ التكيّف مع التوتر والعصبية أثناء الحمل يُعَدّ أمرًا ضروريًا للحفاظ على راحة الأم وصحّتها النفسيّة. وهو ما ينعكس بدوره على صحّة الجنين. في ما يلي بعض الاستراتيجيات الفعّالة التي يمكن أن تساعد المرأة الحامل في تخفيف التوتّر والعصبية:
1. ممارسة تقنيات التنفس والاسترخاء
أثبتت الدراسات أنّ ممارسة تمارين التنفّس العميق وتقنيّات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمّل لها تأثير فعّال في تهدئة الأعصاب وتقليل التوتّر. تساهم هذه التقنيّات في تعزيز الإحساس بالراحة والاسترخاء، ممّا يقلّل من العصبية بشكل كبير (National Institute of Health).
2. ممارسة الرياضة الخفيفة
تُعتبر مماسة النشاط البدني المعتدل من أفضل الوسائل للتخفيف من التوتر أثناء الحمل. تشير الأبحاث إلى أنّ ممارسة الرياضة تزيد من إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين، ممّا يُحسن المزاج ويخفف من العصبية (Mayo Clinic). المشي اليومي أو السباحة مثلًا يمكن أن تكون أنشطة مفيدة جدًا.
3. اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن
ترتبط التغذية بشكل ٍمباشرٍ بالحال النفسيّة، إذ أنّ تناول وجبات غذائيّة صحيّة ومتوازنة يساهم في تحقيق استقرار مزاجي. بالمقابل، من المهمّ أن تتجنّب المرأة الحامل الإفراط في تناول السكريّات والدهون. حيث أظهرت الدراسات أن تناول هذه الأطعمة قد يؤثر سلبًا على الحال النفسيّة ويزيد من الشعور بالتوتّر (Harvard Health).
4. البحث عن الدعم النفسي والاجتماعي
تُعَدّ الشبكات الداعمة من العائلة والأصدقاء من أهمّ العوامل التي تُساعد المرأة الحامل على التغلّب على العصبيّة. يُساهم التواصل مع المقربين في تخفيف الضغوط النفسية التي قد تتعرض لها المرأة أثناء الحمل، ويساعدها على الشعور بالدعم والمساندة. كما أن الحديث مع الشريك حول مشاعرها وأفكارها يمكن أن يخفف من عبء التوتر.
العصبيّة خلال الحمل: الخلاصة
في الختام، تُعتبَر العصبية والتوتّر من العوارض الطبيعيّة التي تمرّ بها المرأة خلال فترة الحمل نتيجةً للتغيّرات الهرمونيّة والنفسيّة والجسديّة. وبينما تزداد الشائعات حول العلاقة بين عصبية الحامل ونوع الجنين ، نجد أنّ العلم لا يؤكّد هذا الارتباط. في الواقع، يُحدَّد نوع الجنين جينيًا ولا يمكن للحال النفسية للأمّ أن تؤثرّ في تحديده، إذ ترتبط العصبيّة والتوتّر بعوامل بيولوجيّة ونفسية أخرى لا علاقة لها بجنس الجنين. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأطلعناكِ على العلاقة بين تغير ملامح وجه الحامل وعلاقته بجنس الجنين.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّه من الأفضل أن تركز المرأة الحامل على صحتها النفسية والجسدية خلال هذه الفترة المهمة، وتجنب الاعتقاد بالموروثات غير المبنية على أدلة علمية. فالعمل على تحسين الحال المزاجية وتعلم طرق الاسترخاء يمكن أن يجعل من تجربة الحمل رحلة إيجابية ومستقرّة. في النهاية، يجب أن تتعامل الأم مع التغيرات النفسية والجسدية كجزء طبيعي من رحلة الحمل، وأن تحيط نفسها بالأشخاص والدعم الذي يعينها على التكيف وتخفيف التوتر، بعيدًا عن الانشغال بموضوعات غير مبنية على أسس علمية.