الصبر على الزوج من أجل الأولاد تضحية كبيرة قد تقوم بها المرأة، متغاضية بذلك عن تصرّفات زوجها السيّئة والمهينة.
البيوت صناديق أسرار مغلقة، لا يعلم بها إلّا سكّانها. والمرأة العربيّة لطالما فضّلت مصلحة أولادها على مصلحتها الشّخصيّة، للحدّ الّذي تجبرها فيها الظّروف على تحمّل حياة زوجيّة تعيسة في بعض الاحيان، فقط من أجل سلامة وصحة أطفالها النّفسيّة. السّؤال هنا: هل يصبّ الصبر على الزوج من أجل الأولاد في مصلحتهم؟ أم أنّه يزيد من الأمر صعوبة؟ وما هي اسباب مشاكل الحياة الزوجية؟
الصّبر على الزوج من أجل الأولاد
كثيرًا ما نسمع الناس يقولون إن زواجهم قد انتهى، ولا يريدون الزواج بعد الآن، لكنهم لا يريدون إيذاء الأطفال لذلك يقررون البقاء في الزواج من أجلهم، حتى يغادروا المنزل.
المشكلة في هذه الفكرة هي في شقّين:
- من المفترض أن الطلاق سيكون سيئًا للأطفال
- يمكن أن يكون للبقاء في زواج سام عواقب وخيمة على رفاه الأطفال في المستقبل
في حين أن الرغبة في البقاء في زواج سيء للأطفال أمر مشرّف ومثال لتضحية الأم، فقد لا يكون الأفضل بالنسبة لهم، وبالنسبة لها.
لا يعني الطلاق أنه نهاية الأسرة، حتى لو كان الفكر الشائع هو أن الطلاق يكسر الأسرة. الطلاق هو نهاية الزواج، وليس العائلة.
فضل الصبر على الزّوج من أجل الأولاد في الإسلام
لقد كرّم الاسلام المرأة ورفع من شأنها، فكان لها حصّة كبيرة من الكتاب الكريم، الّذي فصّل كل ما يتعلّق بحقوقها وواجباتها في حياتها الزّوجيّة. وفي موضوع الصّبر على الزّوج، جاء في كتاب الله الحكيم في سورةآل عمران آية200 “يَٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.، ويقول في سورة آل عمران آية 186″وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ”.
إلا أنّ جميع ما سبق لا يفرض على المرأة الصّبر على زوج مهمل أو بخيل أو لا يخاف الله في أمورها، فيكون هنا تسريحنّ بإحسان، بموافقة المرأة طبعًا.
كيف يؤثّر الاستمرار في زواج غير سعيد على الأطفال؟
سيفعل الآباء أي شيء لأطفالهم وهذا قد ينتهي بقرار البقاء معًا في زواج غير سعيد. على الرغم من ذلك، قد يضر الصراع بالأطفال أكثر من الطلاق:
ضرر على الرابط بين الوالدين والطفل
في الزواج التعيس، حيث التوتر والصراع هو سيّد الموقف، يبدو أن التفاعلات بين الوالدين والطفل تظهر أيضًا طرقًا مسدودة. يعود ذلك إلى فقدان الطّفل ثقته بوالديه، وانعدام شعوره بالأمان نحوهما. تابعينا لتتعرفي اكثر الى أسباب الخلافات الزوجية.
المشاكل النفسية والسلوكية
يرتبط الصراع الزوجي بمجموعة من النتائج الداخلية مثل الاكتئاب والقلق، والخارجية مثل العدوان وعدم الامتثال لدى الأطفال.
أداء أكاديمي ضعيف
يظهر الأطفال الذين يعيشون مع والديهم في ظلّ مستويات أعلى من الصراع العدائي أو الشديد أداء أكاديميًا ضعيفًا، مقارنةً بالأطفال الّذين يعيشون في بيئة عائلية سليمة قائمة على أساس الحبّ والتّفاهم.
ضعف مهارات التعامل مع الآخرين
عندما يكون هناك توتر مستمر وصراع لم يتم حله بين الوالدين، من المرجح أن يكون هناك الحد الأدنى من النمذجة للطرق الفعالة لحل النزاع. الخلافات هي جزء من الحياة وأول مكان يتعلم فيه الأطفال كيفية التعامل معها هو في المنزل، من خلال مراقبة والديهم. سيحاول الطّفل تقليدهم، وبالتّالي انتهاء الأمر بتعلّم طريقتهم السّلبية في مواجهة المشكلات والحكم على الأمور.
مشكلة في علاقاتهم الرومانسية المستقبلية
الأطفال الذين يتعرضون للصراع الزوجي المتكرر هم أكثر عرضة لمشاكل في علاقاتهم الرومانسية في مرحلة المراهقة وحتى مرحلة البلوغ. بالنسبة للأطفال الذين يعيشون في منازل تحدث فيها مشاكل كبيرة، فإن تجربتهم مع العلاقات الرومانسية ستكون سلبية، مما يحد بشكل فعّال من معرفتهم بكيفية قيام العلاقات الناجحة.
انعدام الأمان العاطفي
وجدت الأبحاث أنه عندما يكون الآباء في زواج غير سعيد، فإن الصراع يضر بالرفاه الاجتماعي والعاطفي للأطفال من خلال تهديد شعورهم بالأمان في الأسرة. هذا بدوره يتنبأ ببداية المشاكل خلال فترة المراهقة، بما في ذلك الاكتئاب والقلق. إليكِ كيفية تعزيز الثقة بين الزوجين!
كيف تتعاملين مع المشاكل عندما تقرّرين البقاء والصّبر
ستوفر هذه النّصائح لأطفالكِ الفرصة لتعلم بعض المهارات الحياتية القيمة التي سيحتفظون بها جيدًا طوال حياتهم. إليك الطريقة:
لا تقاتلي بعداوة
قللي من العداء ولا تحاربي بقسوة وامتنعي عن الصّراخ أو الهجمات الشخصية أو حتّى العلاج الصامت
إذا كانت المشكلة كبيرة للحدّ الذي يصعب عليكِ تنفيذ النّصائح أعلاه، فما عليكِ سوى إبعاد الأطفال عن موقع النّزاع. قد ترغبين في تنمية عادات تعزز الحب بين الزوجين!
حلّي الجدل وأخبري الأطفال أنكِ قد وجدتِ الحلّ
تأكدي من إخبار الأطفال بأن المشكلة قد تم حلها. أظهرت الأبحاث أن الصراع ضار بشكل خاص بالأطفال إذا اعتقدوا أنه لم يتم حله. أخبريهم أنكِ وزوجك تسامحان بعضكما البعض وقد تصالحتما. من المهم القيام بذلك باحترام ودفء.
حافظي على آثار الصدام منفصلة عن الأطفال
كوني متعمدة في الحفاظ على آثار المشاكل عليك منفصلة عن علاقاتك مع أطفالك. يؤثر الصراع حتى على أقوى شخص. سيستنزف الزواج غير السعيد طاقتك ولكن من المهم أن تظلي صبورة وحساسة مع أطفالك. افعلي ما بوسعك للتأكد من أن أطفالك يشعرون أنه لا يزال لديك ما يكفي من الطاقة لهم.
دعيهم يعرفون أن البالغين في بعض الأحيان يصبحون غريبي الأطوار مع بعضهم البعض وأن الأمر لا علاقة لهم به على الإطلاق. أخبريهم أنهم في الواقع أكبر سبب لحبكما لبعضكما البعض أو اهتمامكما ببعضكما البعض وأنه بغض النظر عن أي شيء، لن يكونوا أبدًا سببًا للمشاكل.
إذا كنتِ تتجادلين حول شيء يتعلق بهم، فافعلي كل ما في وسعك لإبعاده عنهم.
برأيي الشخصي كمحرّرة، على الرّغم من أنّ جميع العلاقات الزّوجيّة تتقلّبُ بظروفها صعودًا ونزولًا، إلا أن المشاكل لا تزال جزءًا لا يتجزأ منها. الأمر المهمّ، إذا قرّرتِ الصّبر من أجل الأولاد، عليكِ بجعل هذه التّضحية مثمرة على المدى الطّويل، .