إنّ الأطفال بارعون جدًا في استفزاز الأهل واختبار صبرهم ومن المؤسف جدًا أنّهم ينالون دائمًا مبتغاهم. ومهما حاولت أن تكوني هادئة ومتحضّرة عندما يسيء طفلك التّصرف ستفقدين في النهاية السيطرة على أعصابك وتبدأين بالصراخ عليه لدرجة تشعرين أنّك قد تصابين بأزمة قلبية ولكن بعد أن تهدأ الأمور تندمين على ردّة فعلك. وعلى رغم صراخك، لا يستجب طفلك لك! هل سبق أن واجهت موقفًا مماثلاً؟ أنا واثقة أنّ كلّ الأمهات يواجهن هذا الموقف أقلّه مرّة في الأسبوع إن لم يكن يوميًا. والأسوأ من هذا كلّه أنّك عندما تصرخين لا يستمع أطفالك إليك ويتابعون سلوكهم الخاطىء الذي أفقدك رشدك فتشعرين أنّك لم تحسني تربيتهم وفقدت السيطرة عليهم. ولكن في الحقيقة، أنت لم تفشلي في تربية أطفالك بل هم لن يستمعوا إليك ولن يطيعوك طالما أنّك تصرخين عليهم للأسباب التالية:
• الصراع على السلطة: يعمد الأطفال الى إزعاج أهلهم لأنّهم يرون في ذلك صراعًا مستمرًا على السلطة. فالطفل يسعى في اللاوعي الى التحكّم بوالديه والسيطرة على انفعالاتهم. وعندما تصرخين، يدرك الطفل أنّك بدأت تفقدين السيطرة على أعصابك فيشعر أنّه أصبح هو المسؤول الآن فيستغلّ هذا الوضع ويستمرّ في إساءة التصّرف.
للمزيد:نصائح المعالجة النفسية للتعامل مع الطفل مفرط الحركة
• الاستجابة بالمواجهة أو بالانسحاب: إنّ اعتماد أسلوب الصراخ والتهديد لتأديب طفلك يضعك في موقف الهجوم عليه؛ فيشعر الطفل بالخطر وستكون ردّة فعله الطبيعية هي الدفاع عن نفسه إمّا بمواجهتك أو بالانسحاب من خلال الهرب والاختباء أو الوقوف جامدًا في مكانه من دون حركة إلى أن تنتهي من الصراخ ومن ثمّ سيتابع ما كان يقوم به. بالنسبة إليه، إنّك كائن ضخم ومخيف كونك تكبرينه بخمس أضعاف من حيث الحجم ولديك القدرة على إيذائه. لذلك، عندما تصرخين عليه فإنّك توقظين غريزته الدفاعية التي تتحكّم بردّة فعله عند استشعاره لأيّ خطر. وفي هذا الوضع، تُشلّ قدرة الطفل على التعلّم واستيعاب المعلومات الجديدة لهذا السبب تشعرين أنّ "لا شيء يؤثّر فيه!"
• استعمال العنف والعدائية عن طريق التقليد: يتعلمّ الأطفال ويكتسبون العادات عن طريق مراقبة سلوك الآخرين وتقليده لاسيّما الأهل. ويعتبر الصّراخ شكلاً من أشكال العنف، وسيلجأ طفلك الى تقليدك لأنّك تنقلين إليه هذا النوع من العنف. ويعبرّ الطفل عن العنف والعدائية من خلال سوء التّصرف والصراخ والعصيان الخ. وفي هذه الحالة، إن لم يصبح طفلك عنيفًا فمن دون شكّ سيصبح خجولًا، والأمر سيّان لأنّ الخجل يرافقه الشعور بالذنب والقلق وبالتالي سيجعل منه طفلاً مضطربًا وشقيًّا.
• الغضب والاحباط: قد يعتقد الطفل أحيانًا أنّك تصرخين عليه لأنّك لا تحبيّنه. بالطبع عندما تصرخين عليه، لن تجامليه وتعبّري عن حبّك له لذلك قد لا يفهم طفلك أنّك ما زلت تحبيّنه حتّى لو وبّخته وصرخت عليه. بالعكس، سيعتبر أنّه خسر حبّك ما سيولّد لديه حالة من الغضب والإحباط تجاهك وتجاه نفسه لأنّه تصّرف بطريقة سيئّة جعلته يخسر حبّك له، وسيعبّر عن هذا الغضب من خلال سلوكه.
تذكّري دائمًا أنّ طفلك قد يفسّر تصرّفاتك بطريقة خاطئة، لذا من الأفضل أن تعتمدي أسلوبًا سليمًا وفعّالاً في تأديب طفلك مثل استعمال نبرة حازمة ومتوسّطة من دون اللجوء الى الصراخ والتهديد كما عليك أن تشرحي له خطأه وسبب معاقبتك له، فهذه الطريقة هي دائمًا أكثر فعاليّة.
للمزيد: فرح تشرح عن كيفية مساعدة الطفل الذي يعاني من العزلة والإنطواء