يُعتبَر خروج الحليب من الثدي للحامل من العوارض التي قد تسبب القلق والارتباك لدى الكثير من النساء، خاصةً إذا كانت هذه أول تجربة حمل لهنّ، وفي حين أن هذا العرض قد يبدو غريبًا، إلا أنه في معظم الأحيان يكون نتيجة طبيعية للتغيرات الهرمونية التي تحدث في جسم المرأة خلال فترة الحمل، لكن هل هذه الحال دائمًا آمنة؟ أم أنها قد تشير إلى المعاناة من أبرز المشاكل التي تواجه الحامل؟
في هذا المقال، سنقوم بتفصيل الأسباب المحتملة لنزول حليب من صدر المرأة الحامل، وسنتناول العلاقة بين هذه الحال وصحة الجنين، كما سنوضّح متى يجب على المرأة الحامل مراجعة الطبيب للتأكّد من سلامتها وسلامة جنينها.
الأسباب المحتملة لنزول حليب من صدر المرأة الحامل
يمكن أن يكون خروج الحليب من الثدي للحامل نتيجةً لمجموعة من العوامل التي قد تكون طبيعية أو مرضية، لذا سنكشف لكِ في ما يلي عن أبرزها وأكثرها شيوعًا، وتشمل:
من بين الأسباب الطبيعية، نجد أن التغيرات الهرمونية تؤدّي دورًا كبيرًا، ففي مراحل متقدّمة من الحمل، يبدأ جسم المرأة بالتحضير للرضاعة، وهو ما قد يؤدي إلى إنتاج كمية صغيرة من الحليب تعرف بـ “اللبأ”، وعادةً ما يكون غنيًا بالعناصر الغذائية الضرورية للطفل بعد الولادة. فوفقًا لموقع HSE.ie في مقالة نُشِرَت عام 2022 تحت عنوان “Breast changes during pregnancy”، تؤدّي هرمونات الحمل إلى تحويل أنسجة الثدي الطبيعية إلى أنسجة منتجة للحليب، وعادةً ما يبدأ هذا التغيير في وقت مبكر من الثلث الأول من الحمل (من الأسبوع 1 إلى الأسبوع 12)، وخلال هذه الفترة، قد تشعرين بوخز في ثدييك، وربما تلاحظين أيضًا ألمًا أو حساسية في هذه المنطقة. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
إضافةً إلى ذلك، قد يؤدّي الضغط على الثدي نتيجة ارتداء حمالات صدر ضيقة أو ممارسة نشاطات معينة إلى خروج قطرات من الحليب.، فالضغط المتكرّر عليه يحفّز الحلمات ممّا يمكن أن يؤدّي إلى نفس النتيجة، إذ يتم تحفيز الغدد اللبنية لإفراز الحليب.
أمّا الأسباب المرضيّة، فتشمل اضطرابات الغدة النخامية التي تؤدي إلى زيادة إفراز هرمون البرولاكتين، وهو الهرمون المسؤول عن إنتاج الحليب، وفي بعض الحالات، قد يكون هناك ورم حميد في الغدة النخامية يُعرف بـ “ورم البرولاكتين”، والذي يمكن أن يسبب زيادة غير طبيعية في إنتاج الحليب حتى قبل الولادة، وبحسب موقع Pub Med في مقالة نُشِرَت تحت عنوان “Galactorrhea and hyperprolactinemia”، إنّ وجود الآفات القريبة من الغدة النخامية، رغم ندرتها، تعد سببًا مهمًا لزيادة إفراز البرولاكتين ونزول الحليب من الثدي، إذ يمكنها أن تسبب فرط إفراز البرولاكتين من خلال تعطيل إنتاج أو نقل العامل المثبط للبرولاكتين إلى خلايا اللاكتوتروب في الجزء الأمامي من الغدة النخامية. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
من الجدير بالذكر أيضًا أنّ تناول بعض الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب أو أدوية ضغط الدم، قد تسبب ارتفاع مستويات البرولاكتين في الجسم، ممّا يؤدي إلى خروج الحليب من الثدي.
العلاقة بين هذه الحال وصحّة الجنين
عندما تعاني المرأة من خروج الحليب من الثدي للحامل، فإنّ القلق غالبًا ما يتّجه نحو صحّة الجنين وتأثير هذه الحال عليه، ولكن في الحقيقة، لا يوجد دليل علمي قوي يشير إلى أن خروج الحليب من الثدي خلال الحمل يشكّل خطرًا مباشرًا على صحة الجنين، بل على العكس، يمكن اعتبار هذا الأمر علامة على أن جسم المرأة يتجهز بشكل جيد للرضاعة الطبيعية بعد الولادة.
يتكيّف الجسم خلال الحمل بطريقة تضمن توفير التغذية اللازمة للجنين، حتّى في ظلّ هذه التغيرات، ومع ذلك، إذا كانت هذه الحال مصحوبة بعواضر أخرى غير طبيعية مثل الشعور بالألم الشديد أو التورّم أو تغيّر في لون الحليب، فقد يكون من الضروري استشارة الطبيب للتأكد من عدم وجود مشاكل تؤثر على الجنين.
إضافة إلى ذلك، خروج الحليب من الثدي للحامل قد يكون مؤشرًا على استعداد الجسم للولادة المبكرة، خاصّةً إذا كان الحليب يظهر في الأشهر الأخيرة من الحمل، ففي هذه الحال، قد يكون من المفيد متابعة هذا الوضع مع الطبيب لتجنب أيّ مواجهة مضاعفات محتملة.
متى يجب زيارة الطبيب؟
على الرغم من أنّ خروج الحليب من الثدي للحامل يمكن أن يكون طبيعيًا، إلّا أنّ هناك بعض الحالات التي تستدعي زيارة الطبيب، سنكشف لكِ في ما يلي عن أبرزها:
إذا كان خروج الحليب مصحوبًا بألم شديد، أو إذا لاحظت المرأة تغيرات في لون الحليب أو وجود إفرازات غير طبيعية، فقد يكون ذلك دلالة على وجود مشكلة صحية تحتاج إلى متابعة طبية، فوفقًا لموقع WIC Breastfeeding Support- USDA في مقالة نُشِرَت تحت عنوان “Engorgement”، الاحتقان يسبب إزعاجًا وقد يؤدي إلى مشاكل أخرى مثل انسداد القنوات أو التهاب الثدي، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يبطئ أو يقلّل من إنتاج الحليب لديك، لأنّ جسمك لا يحصل على الإشارة لإنتاج المزيد من الحليب. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
كذلك، إذا كان هناك تاريخ مرضي سابق لاضطرابات الغدة النخامية أو تناول أدوية تؤثر على التوازن الهرموني، فمن المهم متابعة الحال مع الطبيب بشكل منتظم، حيث يمكنه تقديم التشخيص المناسب وتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى إجراء فحوصات إضافية أو علاج.
قد تتطلب بعض الحالات النادرة تدخلًا طبيًا فوريًا، خاصّةً إذا كانت المرأة تعاني من عوارض أخرى مثل الصداع المستمر أو مشاكل في الرؤية، والتي قد تكون مرتبطة باضطرابات الغدّة النخامية، عندها سيكون الطبيب قادرًا على تقديم الإرشادات اللازمة للحفاظ على سلامة الأم والجنين.
في الختام، خروج الحليب من الثدي للحامل هو عرض قد يكون طبيعيًا ناتجًا عن التغيرات الهرمونية، ولكنه في بعض الأحيان قد يشير إلى وجود مشاكل صحيّة تستدعي التدخّل الطبي، لذا من الضروريّ أن تكون المرأة على دراية تامّة بجميع التغيرات التي تحدث في جسدها خلال فترة الحمل وأن تتّبع الإرشادات الطبيّة بدقة للحفاظ على صحّتها وصحّة جنينها. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأخبرناكِ كيف يكون الم الثدي في بداية الحمل وما هي ابرز التغييرات؟
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أن من المهم لكلّ امرأة حامل أن تكون واعية بالتغيرات التي تحدث في جسدها وأن لا تتردّد في استشارة الطبيب عند ظهور أي عوارض غير مألوفة، فالوعي والفهم العميق لأسباب خروج الحليب من الثدي يمكن أن يساعد المرأة في تجاوز فترة الحمل بسلام واطمئنان، وفي نهاية المطاف، يجب أن نتذكر أن الحمل هو تجربة فريدة تحتاج إلى عناية خاصة، والاهتمام بأي عوارض قد يكون خطوة مهمة لضمان الحفاظ على سلامة الأم والطفل.