متى يرى الطفل بوضوح ؟ يشغل هذا السؤال بال العديد من الأمّهات والآباء، الذين يتطلّعون لمعرفة كلّ ما يتعلّق بنموّ وتطور أطفالهم. تُعَدّ حاسة النظر من أهمّ الحواس التي يبدأ الطفل في اكتسابها وتطوّرها منذ لحظة ولادته. ومع تقدّم مراحل نمو الطفل في الأشهر الأولى، تبدأ قدرات الرؤية لديه بالتحسّن تدريجيًا، ما يجعله قادرًا على التفاعل مع العالم من حوله بصورةٍ أوضح.
في هذا المقال، سنأخذكِ في رحلة علميّة لتوضيح متى يبدأ الطفل حديث الولادة بالرؤية بشكلٍ جيّد، ومتى يستطيع الرؤية بوضوحٍ كافٍ ليتفاعل مع العالم ويضحك، إضافة إلى الوقت الذي يظهر فيه لون عيونه الحقيقي. سنعتمد على أدقّ المعلومات لنوفّر لكِ معطيات دقيقة ومفيدة حول هذا الموضوع الهام.
متى يبدأ الطفل حديث الولادة بالرؤية؟
متى يرى الطفل بوضوح ؟ عند ولادة الطفل، تكون قدرته على الرؤية محدودة للغاية، وهي عملية تتطوّر بمرور الأسابيع والشهور.
لا يرى الطفل حديث الولادة بوضوح كما قد يعتقد البعض. في الحقيقة، يستطيع في الأسابيع الأولى من عمره رؤية الأشياء القريبة منه فقط، مثل وجه أمّه أثناء الرضاعة الطبيعيّة أو الصناعيّة، والتي تكون على بعد حوالي 20 إلى 30 سنتيمترًا. أمّا بالنسبة للأشياء البعيدة، فإنّها تبدو ضبابيّة وغير واضحة له. وفقًا للأبحاث، العين البشرية تحتاج وقتًا للنموّ بعد الولادة، وبالتالي فإنّ قدرة الطفل على الرؤية تتطوّر مع مرور الوقت.
في الشهر الأول، يبدأ الطفل بمتابعة الأجسام المتحركة ببطء ولكن لا يستطيع التركيز بشكل كامل عليها. كما قد تلاحظ الأم أنّه يبدأ في تحريك عينيه بشكلٍ غير متوازن في بعض الأحيان، وهو أمر طبيعيّ في هذه المرحلة حيث لا يكون التحكّم بالعينين قد تطوّر بعد.
وفقًا لموقع Nationwide Children’s Hospital في مقالة نُشِرَت عبره تحت عنوان “Infant Vision Birth to One Year”، في عمر 4 أشهر، تتحسّن رؤية طفلكِ بشكلٍ ملحوظ، حيث يمكنه الآن رؤية مسافات أبعد. مع ذلك، لا يزال يفضّل النظر إلى وجهك عن قرب. في هذا السن، يبدأ الطفل باستخدام كلتا العينين (الرؤية الثنائية) لتطوير مهاراته في إدراك العمق. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
متى يبدأ الطفل يرى ويضحك؟
متى يرى الطفل بوضوح ويستجيب؟ يبدأ تفاعل الطفل مع الأهل تدريجيًا مع تحسّن قدرته على الرؤية. مع مرور الشهرين إلى الثلاثة أشهر، تتطوّر لديه قدرة أكبر على التركيز على الوجوه، وهي المرحلة التي يبدأ فيها رؤية ملامح الأشخاص بوضوحٍ أكبر.
يبدأ الطفل في هذا العمر بتوجيه نظره نحو الأهل ومحاولة التفاعل معهم من خلال الابتسام، وهي من أولى الإشارات التي تشير إلى أنّ الطفل بدأ يرى بوضوح كافٍ ليتعرّف على الأشخاص المقربين منه.
يُعتبَر الضحك ردّ فعل طبيعي نتيجةً لهذا التفاعل. عندما يرى الطفل وجه الأمّ أو الأب ويبتسم كردّ فعل لابتسامتهم، يكون قد دخل في مرحلة تطوّر اجتماعي ونفسي مهمّ. في هذه الفترة، يكون قد طوّر رؤية تمكّنه من التركيز على الألوان والوجوه بوضوح، وبالتالي يبدأ في الضحك والتفاعل مع محيطه الاجتماعي.
متى يظهر لون عيون الرضيع الحقيقي؟
إنّ تغيّر لون العيون مع مرور الوقت هو جزء طبيعي من تطوّر الرؤية لدى الطفل. فقد يولد بعض الأطفال بعيون زرقاء أو رماديّة، وهو ما يدفع الأهل إلى التساؤل عمّا إذا كان هذا هو لون عيون طفلهم النهائي.
في الحقيقة، يتغيّر لون العيون مع مرور الوقت لدى الكثير من الأطفال، وهذا يرجع إلى عدم اكتمال صبغة الميلانين في العين عند الولادة، فهي التي تعطي لون البشرة والشعر والعيون، ويتأثّر إنتاجه بالجينات.
وفقًا لموقع Dean McGee Eye Institute في مقالة نُشِرَت عبره تحت عنوان “When Do a Baby’s Eyes Change Color?”، عادةً ما يبدأ لون عيون الطفل بالتغير تدريجيًا خلال الفترة الممتدّة بين الشهر السادس والتاسع، حيث تبدأ كمية الميلانين في العيون بالزيادة، مما يغير لون العينين ليظهر اللون الحقيقي. قد يستمر هذا التغيير حتى يصل الطفل إلى عمر السنتين، وبعدها يتثبت اللون النهائي. لذلك، من المهم أن يعرف الأهل أن اللون الذي يولد به الطفل ليس بالضرورة أن يكون اللون النهائي. ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذه المقالة يمكنكِ الضغط هنا.
تطوّر الرؤية عبر المراحل العمريّة
تحمل كلّ مرحلة من حياة الطفل الرضيع تغييرات مهمة في تطور الرؤية.
من عمر الشهر الرابع إلى السادس، يبدأ الطفل بتحسين قدراته في التركيز على الأشياء المتحرّكة وتتبّعها بعينيه. في هذه الفترة، يكون قد بدأ يميز الألوان بشكلٍ أفضل، وخاصّةً الألوان الزاهية مثل الأحمر والأصفر. ومع دخوله في الشهر السادس، تكون الرؤية أكثر وضوحًا، حيث يستطيع التركيز على الأشياء القريبة والبعيدة بشكلٍ أكبر، ويبدأ في التنقّل بين الأجسام المختلفة بسهولةٍ أكبر.
ومع الوقت، يكون الطفل قادرًا على التمييز بين تفاصيل دقيقة في الوجوه والأشياء المحيطة به، ممّا يعزّز من تفاعله مع العالم ويزيد من استجابته للأشخاص والأصوات.
إن تطوّر الرؤية لدى الطفل يُعَدّ عمليّة تدريجيّة تتطلّب الصبر والمتابعة من الأهل، وهي تبدأ من الأسابيع الأولى بعد الولادة، وتتحسّن تدريجيًا حتى يتمكّن من رؤية محيطه بوضوحٍ مع مرور الشهور. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وعرضنا لكِ فيديو يوضّح كيف يرى رضيعك وجهك منذ الولادة حتى عمر السنة.
وبرأيي الشخصي كمحرّرة، أرى أنّه من المهمّ أن يتابع الأهل تطوّر رؤية الطفل بعناية، مع الانتباه لأيّ إشارات قد تدلّ على وجود مشاكل بصريّة. وفي حال لاحظوا تأخّرًا في تطوّر الرؤية أو أيّ اضطرابات مثل الحول أو عدم القدرة على التركيز، يُفضَّل استشارة طبيب العيون. فالكشف المبكر يمكن أن يساعد في حلّ الكثير من المشاكل ويضمن نموّ الطفل بطريقةٍ صحيّة وسليمة.
