مع تزايد نشاط الأطفال في موسم الصيف بين المخيمات والزيارات والنشاطات الاجتماعية، يصبح الحديث عن سلامة أجسامهم أمرًا لا غنى عنه. تمامًا كما تُعلّمين طفلك قواعد السير على الطريق، يجب أن تُعلّميه أيضًا كيف يميّز الأشخاص الآمنين من غير الآمنين.
يبدأ طفلكِ في عمر 5 إلى 8 سنوات باكتشاف العالم، لكنه لا يملك بعد المهارات الكافية لحماية نفسه. وهنا يأتي دوركِ الحاسم في إعداده لمواجهة المواقف غير الآمنة بثقة بالنفس ووعي.
مَن هو الشخص الآمن؟ إليكِ الصفات الواضحة
الشخص الآمن لا يُخيف طفلكِ، ولا يطلب منه كتمان الأسرار. بل يشجّعه على التحدث بحرية، ولا يضعه في مواقف تجعله يشعر بالخجل أو عدم الارتياح. إذا قال أحدهم لطفلك:

- “ستقع في مشكلة إذا أخبرت أحدًا”
- “هذا سر بيننا، لا تخبر والديك”
- “لا يمكن أن تخبر أحدًا بما فعلناه”
- “يجب أن ترى هذه الصور، حتى لو لم تعجبك”
- “يجب أن تُبدّل ملابسك أمامي”
فهذا الشخص غير آمن على الإطلاق. علّمي طفلك أن هذه العبارات تحذير مباشر، وعليه أن يتصرّف فورًا.
كيف تُعلّمين طفلكِ الاستجابة الصحيحة؟
استخدمي أسلوبًا بسيطًا وواضحًا. قولي له مثلًا:
“إذا قال لك أحدهم شيئًا لا يُشعرك بالارتياح، تعال فورًا وأخبرني أو أخبر شخصًا بالغًا تثق به.”
وشدّدي على فكرة أن الشخص الآمن لا يطلب أبدًا إبقاء الأمور سرًا عن الأم أو الأب.
ولا تتوقفي عند هذه المرحلة، بل اسأليه:
“ماذا ستفعل لو قال لك أحدهم: لا تُخبر أحدًا؟”
ودعيه يُجيب، ثم صحّحي له إذا لزم الأمر. فالتدريب العملي يُرسّخ المعلومة أكثر من مجرد الحديث النظري.
ماذا تفعلين إذا لم يُصدّق الكبار كلام طفلك؟
اشرحي لطفلكِ أن عليه الاستمرار في إخبار بالغين آخرين حتى يجد من يُصغي إليه ويأخذ كلامه بجدية. ليس كل البالغين جاهزين أو مدرَّبين للاستماع، لذلك يجب أن يعرف أنه لم يُخطئ، وأن عليه المثابرة.
دربيه على أسماء البالغين الذين يستطيع اللجوء إليهم: جدّ، أو خال، أو معلّمة، أو مديرة المدرسة، أو حتى الجيران الموثوقين. كلما كان لديه قائمة ذهنية، كلما شعر بالأمان أكثر.
التوقيت المناسب للحديث عن هذه الأمور
الصيف هو وقت اللعب والانطلاق، لكنه أيضًا فرصة ذهبية لزرع المفاهيم الصحية. خلال التحضير للمخيم، أو أثناء توضيب شنطة السباحة، خصّصي لحظات خفيفة لطرح هذه المواضيع بطريقة طبيعية. لا تجعليها تبدو كتهديد، بل كنوع من الرعاية والحرص.
قولي له:
“مثل ما أعلمك أن تنتبه للسيارات، سوف أعلّمك أن تنتبه من الناس الذين يتكلّمون معك بطريقة غريبة.”
واجعلي الأسلوب هادئًا، ولطيفًا، وغير مخيف.
أنتِ خط الدفاع الأول لطفلكِ. ثقي بأنكِ قادرة على منحه الأدوات التي تحميه، لا عبر الخوف بل عبر الوعي والثقة. فالأطفال عندما يعرفون أن بإمكانهم الكلام بلا خوف، يصبحون أكثر أمانًا نفسيًا وجسديًا. خصصي وقتًا دوريًا للحديث عن “الأشخاص الآمنين”، ولا تترددي في تكرار التعليمات بطريقة مبسطة وحنونة.
احرصي دائمًا على أن يعرف طفلك أن جسده ملكه، وأنه ليس مجبرًا على كتمان أي شيء يُزعجه. أنتِ الحضن الآمن، ومهمتكِ أن تُبقيه محاطًا بالحب والوعي معًا. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن الخطأ التربوي الذي نرتكبه يوميًا بدون أن ندري!