لطالما انتظرتِ يوم الحادي والعشرين من آذار لتعبّري عن حبكِ وامتنانكِ لوالدتك. تشترين لها الهدايا، ترسلين عبارات عن عن حبّ الأمّ، وتملئين يومها بالفرح. لكن، هل تساءلتِ يومًا من أين بدأت فكرة “عيد الأم”؟ وكيف تحوّل هذا اليوم إلى مناسبة عالمية تحتفل بها الشعوب بطرق مختلفة؟
أنتِ تعيشين هذه اللحظة كل سنة، لكنها تحمل وراءها قصة مليئة بالعبر والدروس. فرحلة عيد الأم بدأت منذ آلاف السنين، وانتقلت من حضارة إلى أخرى حتى وصلت إلينا اليوم. دعينا نأخذكِ في جولةٍ عبر الزمن لتتعرفي على حكاية هذا العيد الذي أصبح جزءًا من ذاكرتنا وقلوبنا.
من الحضارات القديمة
منذ القِدَم، كرّمت الحضارات الأم وقدّست دورها. في مصر الفرعونية، احتفل المصريون بآلهة الأمومة “إيزيس”، واعتبروها رمزًا للحب والعطاء والخصوبة. لم يتوقف الأمر هنا، بل تبنّت الحضارة اليونانية والرومانية أيضًا طقوسًا تكرّم الأم وتحتفل بها في مواسم الربيع. حيث يرمز هذا الفصل إلى الحياة والتجدد.

مع كل حضارة، ظلّت الأم محور الاحتفال، لأنكِ تعلمين جيدًا أن لا حياة تبدأ من دونها، ولا وطن يكبر من غير حضنها.
قصة “أنا جارفيس”
تنتقل القصة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأت امرأة تُدعى “أنا جارفيس” نضالها لتكريم الأمهات. بعد وفاة والدتها، شعرت بحجم التضحيات التي قدّمتها الأم، فقرّرت أن تُطلق حملة تطالب بجعل يوم خاص بالأم على مستوى البلاد.
بفضل جهودها، احتفلت أمريكا بأول عيد أم رسمي سنة 1908. ثم سرعان ما اعتمد الكونغرس الأمريكي هذا اليوم كعيد وطني عام 1914، يحتفل فيه الناس في الأحد الثاني من شهر أيار كل عام. هذه القصة تُشبهكِ عندما تدافعين عن حق أمكِ في التقدير والاعتراف بتعبها.
كيف وصل عيد الأم إلى العالم العربي؟
ربما تعرفين أن الدول العربية تحتفل بعيد الأم في 21 آذار، لكنّ القليلات يعرفنَ السرّ وراء هذا التاريخ. كانت البداية في مصر، عندما نشر الصحفي مصطفى أمين مقالة عام 1943 يطالب فيها بتخصيص يوم للأم. استلهم الفكرة من قصة أرملة جاءت إليه تشتكي تجاهل أولادها لها بعد سنوات من التضحية والتعب.
لاحقًا، استجابت الصحافة والرأي العام للفكرة، واعتمدت مصر يوم 21 مارس، أول أيام الربيع، ليكون عيدًا رسميًا للأم. وانتشرت بعدها العادة إلى باقي الدول العربية، لتصلي أنتِ اليوم وتحتفلي في نفس التاريخ.
لماذا نحتفل بعيد الأم؟ وما المعنى الحقيقي وراءه؟
حين تحتفلين بعيد الأم، أنتِ لا تكرّمين فقط والدتكِ، بل تكرّمين كل أم نذرت حياتها لتربي أولادها. تتذكّرين تضحياتها، سهَرَها الطويل، ودموعها الصامتة التي لطالما أخفتها عنكِ.
مع ذلك، لا تدعي الهدايا والزهور تُنسيكِ أن كل يوم في السنة هو عيد للأم. فالكلمات الطيبة، والحضور الصادق، والاعتراف بتعبها يعني لها أكثر بكثير من أي هدية عابرة.
الآن، عرفتِ أن عيد الأم ليس مجرد مناسبة عابرة أو تقليدًا غربيًا. بل هو قصة طويلة، بدأت من حضارات قديمة، وتحوّلت إلى ذكرى سنوية نعيشها جميعًا. لذلك، لا تنتظري يومًا واحدًا لتعبّري عن حبكِ لأمكِ. اجعلي كل يوم في حياتكِ عيدًا لها، لأنكِ تدركين جيدًا أن لا شيء في الدنيا يعادل قلب أمكِ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وكشفنا لكِ عن معاني خفيّة خلف الأزهار الخاصّة بيوم الأم.