غالبًا ما يعتقد الآباء أنهم يحبون جميع أطفالهم بنفس الدرجة، لكن الواقع قد يكون أكثر تعقيدًا. تتأثر مشاعر الحب الأبوي بعوامل عديدة، مثل شخصية الطفل، ترتيبه في العائلة، ومدى التشابه بينه وبين والديه. في بعض الأحيان، يجد الأهل أنفسهم أكثر انجذابًا لطفل معين من دون إدراك. ما قد يؤدّي إلى اختلافات في طريقة التعبير عن الحب.
إنّ التفضيل العاطفي بين الأبناء لا يعني غياب الحب، لكنه يعكس احتياجات مختلفة لكل طفل. إنّ إدراك هذه الفروقات يساعد الأهل على تحقيق توازن عاطفي داخل الأسرة، ما يقلل مشاعر الغيرة أو التنافس بين الأشقاء. إذًا، كيف يمكن للآباء ضمان العدل في التعامل مع جميع أبنائهم رغم هذه الفروقات؟ وكيف يبرز دور الأسرة في الصحة النفسية للطفل من هذا الجانب؟
عوامل تؤثر في مشاعر الحب الأبوي
من أبرز العوامل التي تؤثّر على درجة حبّ الآباء لكلّ واحدٍ من الأبناء:

1. شخصية الطفل ومدى تشابهه مع والديه
قد يحصل الطفل الذي يشترك في صفات شخصية مع أحد والديه على مزيدٍ من الاهتمام العاطفي بشكلٍ غير واعٍ. على سبيل المثال، إذا كان الأب أو الأم هادئ الطبع، فقد يشعران براحة أكبر مع الطفل الذي يمتلك نفس الصفات. ما يؤدي إلى تقارب أكبر في العلاقة.
2. ترتيب الطفل في العائلة
يؤثّر ترتيب الطفل في الأسرة على طريقة تعامل الأهل معه. غالبًا ما يتحمّل الطفل الأكبر مسؤوليات أكبر، بينما قد يحصل الأصغر على حماية إضافية. هذه الفروقات في المعاملة قد تفسر أحيانًا شعور بعض الأطفال بأن أحد الأشقاء يحصل على حبٍّ أكبر.
3. الظروف الصحية والتعليمية
عندما يواجه أحد الأطفال صعوبات صحية أو تعليمية، يميل الأهل إلى منحه المزيد من الرعاية والاهتمام. هذا ليس تفضيلًا، لكنه استجابة طبيعية لحاجة الطفل للدعم الإضافي. مع ذلك، قد يسيء الأشقاء الآخرون تفسير هذا الأمر على أنه عدم مساواة في الحب.
4. البيئة العائلية والاجتماعية
قد تؤثّر الضغوطات اليومية، مثل ضغوط العمل أو التحديات المالية، على قدرة الأهل على توزيع اهتمامهم بشكل متساوٍ بين الأبناء. في بعض الحالات، قد يجد الأهل أنفسهم يمضون وقتًا أطول مع طفل معين بسبب احتياجاته أو شخصيته المتطلبة أكثر من غيره.
كيف يحقق الأهل التوازن العاطفي بين أبنائهم؟
لضمان شعور جميع الأبناء بالحب والاهتمام، ينصح الخبراء باتباع بعض الاستراتيجيات الفعالة:
- التواصل المستمر: إنّ الحديث مع الأبناء عن مشاعرهم يساعد في بناء الثقة ويقلل من الشعور بالتفضيل.
- تخصيص وقت فردي لكل طفل: تُعزّز تمضية وقت خاص مع كل ابن من الشعور بالمحبة وتؤكّد أن كل طفل له مكانته الخاصة في قلب والديه.
- الابتعاد عن المقارنات: قد تخلق مقارنة الأطفال ببعضهم مشاعر الغيرة والتنافس، لذلك يجب التركيز على تقدير كل طفل بشكل فردي.
- الوعي بالمشاعر اللاواعية: إنّ الانتباه إلى التحيزات العاطفية غير المقصودة يساعد الأهل على تصحيح سلوكياتهم وضمان توزيع الحب بشكل متوازن.
الخلاصة
الحب الأبوي لا يعني بالضرورة التعامل المتطابق مع جميع الأبناء، بل يتطلب فهم احتياجات كل طفل والتعبير عن الحب بطرق تناسب شخصيته وظروفه. عندما يدرك الأهل تأثير العوامل المختلفة على مشاعرهم وسلوكهم، يصبحون قادرين على تعزيز الروابط العائلية وتقليل التوتر بين الأشقاء.
في النهاية، الحب العادل لا يعني الحب المتساوي، بل يعني الاستجابة العاطفية العادلة لكل طفل بما يتناسب مع احتياجاته الفريدة. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وأخبرناك كيف تصنع من ابنتك امرأة واثقة في المستقبل؟