في العديد من الثقافات في جميع أنحاء العالم، يعتبر من المحرمات أن يبكي الرجال، خاصة في الأماكن العامة. لا يزال الكثير من الناس يعتقدون أن الرجال يجب أن يكونوا رواقيين ويظهرون القليل من المشاعر أو معدومة. ولكنّ بكاء الرجل في علم النفس له دلالات كثيرة ومبرّرات مقنعة، مماثلة لمبرّرات المرأة.
نتيجة لهذه الوصمة، يشعر العديد من الرجال أنه ليس من المقبول البكاء. قد يخفون مشاعرهم، ويختارون فقط البكاء على انفراد، أو لا يختارون على الإطلاق. قمع المشاعر – بما في ذلك إخفاء الدّموع يمكن أن يكون غير صحي. عندما يبكي الرجل من اجل امرأة: لقد كذبوا علينا عندما قالوا أنّ بكاء الرّجل ضعف!
هل من الطّبيعي أن يبكي الرّجل؟
تؤثر وصمة الصحة النفسية على الأشخاص من جميع الأجناس، ولكن قد يكون الرجال أقل عرضة للحصول على الرعاية الصحية النّفسيّة بسبب الوصمة. قد يكون الرجال أيضًا أكثر عرضة للموت بالانتحار.
لا بأس أن يبكي الرجال. يمكن أن يكون البكاء طريقة صحية لمعالجة العواطف، ويمكن أن يكون له مجموعة من الفوائد العاطفية والجسدية. يمكن أن يجعل إخفاء مشاعر الرجل من الصعب التعامل مع مشاعره وطلب الدعم.
بكاء الرجل في علم النفس: ثقافة ظالمة في حقّ الرّجل
واحدة من أكثر الأفكار الشائعة، خاصة في الثقافات الغربية، هي أن الرجال الكبار لا يبكون. لطالما تم غرس هذا الموقف الاجتماعي في الأولاد الصغار لتعليمهم كيفية حجب العواطف لدعم الصورة أو الهوية الذكورية.
تعود فكرة الذكور لكبح الدموع إلى القرن التاسع عشر، عندما منع عمال المصانع من البكاء حيث اعتقد أصحاب المصانع أنها خفضت الإنتاجية. على العكس من ذلك، تظهر التقارير الأخيرة المنشورة في مجلة علم نفس الرجال والذكورة أن الرياضيين الذين يظهرون العاطفة أو يبكون لديهم احترام أعلى للذات، مما ينعكس في أدائهم.
شعر معظم الرجال بالإرهاق العاطفي وأرادوا أن يذرفوا دمعة ويخرجوا كل شيء في مرحلة ما. ومع ذلك، نظرًا لارتفاع مستويات الضغط المجتمعي والاعتقاد المتأصل بأن الرجال لا يبكون، فقد أجبروا في كثير من الأحيان على وضع جبهة ليظهروا أقوياء جسديًا وغير متأثرين بالعواطف على حساب الصحة العقلية للرجال.
من الضروري أن نفهم أن البكاء على ما يرام. بصرف النظر عن كونها مجرد ماء، تأتي الدموع بشعور من الراحة ويمكن أن تكون طريقة صحية للتخلص من المشاعر المكبوتة وحتى الغضب.
القمع العاطفي والصحة النّفسية
في حين أن المجتمع يريد أن يعتقد الجميع أن النساء أكثر عاطفية من الرجال وأكثر عرضة لمشاكل الصحة النّفسية، فإن الدراسات تثبت العكس. وفقًا للبحث، فإن الرجال أكثر عرضة للموت بسبب الانتحار 3.5 مرات من النساء. يشير هذا بوضوح إلى نقص الوعي بالصحة العقلية والتراكي في طلب المساعدة بين الرجال.
بسبب الخوف من الوصم، من غير المرجح أن يسعى الرجال للحصول على دعم الصحة العقلية، مما يجبرهم على تجاهل عواطفهم أو التظاهر بأن إجهادهم غير موجود. يثبت ذلك كذلك من خلال حقيقة أن واحدًا من كل عشرة رجال يعاني من القلق والاكتئاب، مع أقل من نصفه يطلب المساعدة.
هذه الأرقام هي مؤشرات واضحة على أن معظم الرجال يعانون في صمت. يؤدي نقص الدعم من المجتمع أو الأحباء إلى سلوك التأقلم الضار مثل الإدمان وتعاطي المخدرات وإيذاء النفس. إليكِ لماذا يتغير صوت الرجل مع حبيبته؟ تحليل صادم من خبراء العلاقات!
لماذا يبكي البشر – أنواع الدموع
يعتقد معظم الرجال أن الدموع مجرد ماء ولا يرون حاجة لإراقتها. ومع ذلك، هناك أنواع مختلفة من الدموع تتكون من مواد كيميائية مختلفة.
دموع سقي العين أو المنعكسة
يحدث هذا النوع من البكاء عندما يهيج شيء ما عينيكِ، مثل تقطيع البصل. تهدف هذه الأنواع من الدموع إلى حماية العينين من الأبخرة الحمضية والمهيجات. تراقب الدموع المهيجات كوسيلة لتنظيف العينين.
دموع مستمرة أو قاعدية
هذا النوع من الدموع يغطي العينين كل يوم. تتكون من ليزوزيم سريع المفعول مضاد للفيروسات ومضاد للبكتيريا يمكنه قتل ما يصل إلى 95٪ من البكتيريا الضارة في دقائق. نظرًا لأن العيون بيئة رطبة، فإن الدموع القاعدية تخلق أرضًا خصبة مثالية للبكتيريا، وبالتالي الحاجة إلى الليزوزيم.
دموع عاطفية
هذه دموع تنتجها القنوات المسيلة للدموع عندما يبكي شخص ما. على عكس النوعين الأولين، تشمل الدموع العاطفية الإندورفين والإنسيفالين، وهو مسكن طبيعي للألم. تحتوي هذه الدموع أيضًا على كمية كبيرة من المنغنيز والبروتينات وهرمون البرولاكتين، الذي يتم إنتاجه عادة عندما يواجه الشخص خطرًا أو إثارة محفزة للتوتر.
وفقا لدراسة، يساعد البكاء على إطلاق المواد السامة من الجسم. البكاء هو أيضًا طريقة مهدئة ذاتية يمكن أن ترفع مزاجك وتجعلك تشعرين بتحسن. يبلغ معظم الأشخاص الذين يبكون عن تحسن في مزاجهم العام.
لماذا يجب على الرجال البكاء؟
قمع مشاعر الرجل عن طريق تجنب البكاء يمكن أن يكون ضارًا بالصحة العقلية. بشكل عام، من غير المرجح أن يحصل الرجال على الرعاية الصحية النّفسية بسبب الوصمة المرتبطة بها. يحتاج كل رجل إلى معرفة أنه لا بأس من البكاء كرجل. البكاء هو طريقة صحية لمعالجة العواطف ويأتي مع العديد من الفوائد الجسدية والعاطفية.
وفقا لدراسة أجريت في عام 2014، البكاء هو سلوك مهدئ ذاتيًا مع العديد من الفوائد الصحية. إنه ينشط الجهاز العصبي السمبتاوي الذي يضع جسمنا في وضع الراحة والهضم، مما يسهل علينا الاسترخاء أثناء الإجهاد.
برأيي الشّخصي، من خلال البكاء، يمكن للرجال تعلم التعبير عن مشاعرهم، مما يمنحهم فرصة لمعالجتها. عندما نبكي، يطلق جسمنا الأوكسيتوسين والإندورفين الذي يساعد على تهدئة الألم ورفع مزاجنا عن طريق تقليل هرمونات التوتر، مما يجعلنا نشعر بتحسن كبير. فلندع أطفالنا، ذكورًا كانوا أو إناثًا، أن يعبّروا عما في قلوبهم من مشاعر، بالطريقة التي تريحهم، والتي غالبًا ما ستكون عبر البكاء.
